سلّطت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الضوء على ملف مئات الأطفال المحتجزين في العراق بتهمة الانتماء لتنظيم "داعش"، مؤكدة تعرّضهم للتعذيب في السجون العراقية لانتزاع اعترافات تُدينهم، في إجراءات مخالفة للقانون الدولي.
ويُعدّ ملف "أطفال داعش" من الملفات التي تتعرّض لتجاذبات سياسية، فضلاً عن تأخير الحسم القانوني فيه.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"، أمس الخميس، استناداً إلى تقرير جديد للأمم المتحدة، إنّ "السلطات العراقية احتجزت العام الماضي أكثر من 1000 طفل، بعضهم لم يتجاوز عمره تسع سنوات، بتهم تتعلّق بالأمن القومي، لا سيما الاشتباه في صلتهم بتنظيم داعش، رغم التراجع الكبير في هجمات التنظيم، بعد أن فقد معظم المناطق التي كان يسيطر عليها منذ أربع سنوات"، مبيّنة أنّ "التقرير وجد أنّ احتجاز الأطفال شهد ارتفاعاً ملحوظاً".
وأكدت المنظمة، ومقرّها نيويورك، أنّ "اعتقال العديد من هؤلاء الأطفال كان بناء على أدلة واهية، وقد تعرّضوا للتعذيب لانتزاع اعترافات بتورّطهم مع داعش".
العراق يحتجز أكثر من ألف طفل بشبهة الانتماء إلى "داعش" https://t.co/YUQaFP8fdG
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) February 17, 2022
وأشارت إلى أنّها "في أواخر 2018، قابلت صِبية محتجزين للاشتباه في انتمائهم إلى داعش في إقليم كردستان العراق، قال بعضهم إنّهم جُنّدوا للقتال مع التنظيم، بينما قال آخرون إنهم عملوا طهاة وسائقين، أو فقط شاركوا في تدريب لبضعة أيام"، مضيفة "قال أحدهم (17 عاماً) إنّه يعتقد أنه اعتُقل بسبب عمله في مطعم في الموصل كان يخدم عناصر داعش. كما قال بعضهم إنّه لا صلة لهم بداعش، لكن لهم أقارب مرتبطون بالتنظيم، تمّ توجيه تهمة الإرهاب إليهم جميعاً بغض النظر عن مدى تورطهم".
وتابعت "أغلب الصبية قالوا إنّ المحققين عذبوهم لانتزاع اعترافات منهم، وتحدثوا عن تعرضهم للضرب بأنابيب بلاستيكية أو كابلات كهربائية أو قضبان، وأحياناً لساعات، قالوا، جميعهم تقريباً، إنهم اعترفوا أخيراً بصِلاتهم بداعش، معتقدين أن ليس أمامهم أي خيار آخر".
وشددت المنظمة على أنّ "القانون الدولي يحظر تجنيد الأطفال أو استخدامهم من قبل الجماعات المسلحة، لكن العراق يعاملهم كمجرمين، رغم غياب الأدلة على تورطهم في جرائم عنيفة"، موضحة أنّه "بدل احتجاز الأطفال المشتبه في انتمائهم إلى داعش ومحاكمتهم، يجب على العراق العمل مع الأمم المتحدة لوضع برامج تعيد دمج هؤلاء الأطفال في مجتمعاتهم، وتسمح لهم بالعودة إلى المدرسة واستئناف حياتهم".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد دعا العراق إلى إطلاق سراح الأطفال.
من جهته، أكد مسؤول في وزارة الخارجية العراقية أنّ العراق يسعى للتخلّص من هؤلاء الأطفال عبر تسليمهم إلى دولهم، وأنه يتم إجراء اتصالات مع تلك الدول، التي رفض بعضها استلامهم.
وقال المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هؤلاء الأطفال موجودون في السجون حيث توجد أمهاتهم، وأنه يتم التعامل معهم وفقاً للقانون العراقي".
وشدد على أنه "جرت أخيراً إعادة نحو 40 طفلاً إلى بلدهم (أذربيجان)"، مؤكداً أنّ وزارة الخارجية تتابع الملف مع وزارة العدل".
ولم تعلّق السلطات العراقية على التقرير لغاية الآن.
الناشط المدني في مجال حقوق الإنسان في العراق عدنان السعدي أكد أنّ "الملف يعد من الملفات التي تخضع للضغوط السياسية والمزايدة من قبل بعض الأطراف"، مبيّناً لـ"العربي الجديد" أنّ "أطرافاً سياسية ترفض دمج هؤلاء الأطفال بدورات تأهيلية، وإدخالهم التعليم، خوفاً من إعادة دمجهم بالمجتمع".
وأوضح أنّ "هؤلاء الأطفال ضحايا أيضاً، ينقسمون بين كون آبائهم عناصر في داعش أو أنهم اعتقلوا بشبهة القيام بأعمال لصالح التنظيم، وهم بلا تعليم ولا تأهيل ولا حتى أوراق ثبوتية".
ولفت إلى أنّ "الأهواء والأجندات السياسية تفرض نفسها بقوة على الملف"، محذراً من "النتائج السلبية المترتبة على ذلك، وحرمان هؤلاء من فرص التعليم والتأهيل".