تكثر مشاريع صناعة الأيسكريم (المثلجات) في قطاع غزة على الرغم من ساعات الانقطاع الطويلة في التيار الكهربائي والحصار الإسرائيلي على مدى السنوات الـ 15 الماضية. وعادة ما يلجأ العاطلون عن العمل إلى صناعة وبيع الأيسكريم خلال فصل الصيف والأعياد، لتُباع في مختلف الشوارع، وخصوصاً في الأماكن الأكثر ازدحاماً وعلى مقربة من المطاعم والمتنزهات وشاطئ البحر.
وتعدّ صناعة وبيع الأيسكريم مصدر رزق بالنسبة للغزيين. وعلى الرغم من انقطاع التيار الكهربائي، ابتكر هؤلاء وسائل للتبريد وبكلفة مقبولة. وكثيراً ما يستخدمون الحليب الذي يحصلون عليه من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". وتباع في المحال التجارية في الأسواق أو على العربات.
في شارع عمر المختار على مقربة من حديقة الجندي المجهول، يبيع سعد بشير (40 عاماً) الأيسكريم التي يصنعها، وقد تعلمها من خلال فيديوهات على "يوتيوب". واستفاد من إتقانه اللغة الإنكليزية كونه تخصص في الأدب الإنكليزي. كان قد بدأ تجربته الأولى خلال عيد الأضحى في أغسطس/ آب الماضي. ولاحظ إقبال أهالي مخيم النصيرات وآخرين على شراء الأيسكريم رولز. في السابق، كان يبيع المكسرات وغيرها من المواد الغذائية، إلا أنه واجه خسارة مالية كبيرة ليقرر تجربة بيع الأيسكريم رولز، وخصوصاً خلال فصلي الربيع والصيف والأعياد وذلك في شارع عمر المختار والشاطئ.
ويقول بشير لـ "العربي الجديد": "أحب الأيسكريم منذ كنت طفلاً. تخرجت من كلية التربية عام 2006، إلا أنني عملت في البناء وأحد المصانع والكثير من المهن الأخرى، من دون أن أتمكن من إيجاد وظيفة في مجال تخصصي. في الوقت الحالي، أبيع الأيسكريم رولز التي تشكل مصدر رزق جيد لي خلال فصلي الربيع والصيف، إلا أنني أواجه مشكلة خلال فصل الشتاء".
ويشير بشير إلى أن الأيسكريم رولز تجذب المارة. البداية لم تكن سهلة. اضطر إلى استدانة ثمن ماكينة التبريد إذ لم يكن يملك المال لشرائها إلا أنه تمكن من سداد دينه بعد ثلاثة أشهر من بدء مشروعه. واتفق مع أحد المحال حيث يقف على مده بالكهرباء في مقابل بدل مادي يومي. بالإضافة إلى بشير، كثيرون هم الذين لجأوا إلى صناعة الأيسكريم رولز وتلك العادية بنكهات مختلفة. من بين هؤلاء إيهاب النعسان (35 عاماً) الذي بدأ صناعة الأيسكريم قبل ثلاثة أعوام. إلا أنه توقف عن العمل عام 2020 بسبب تفشي فيروس كورونا الجديد وفرض الكثير من الإجراءات خشية للحد من تفشيه. اختار العمل على مقربة من حديقة محاذية لحي الشجاعية.
خصص النعسان غرفة داخل منزله في حي الشجاعية لصناعة الأيسكريم. وعلى غرار آخرين، يواجه مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي يدفع البعض إلى شراء الثلج من مصانع الثلج التي تنتشر في القطاع وتعمل على مدار الساعة وتعتمد على مولدات كهربائية ضخمة. يشار إلى أن البعض يعجز عن شراء أكياس الثلج بسبب كلفتها. يعمد النعسان إلى إعداد الثلج في منزله. ويقول لـ "العربي الجديد": "الكلفة كبيرة بسبب بدل المولد الكهربائي وأحياناً شراء الثلج. في الوقت نفسه، هذا العمل هو مصدر رزقي لإعالة أطفالي الأربعة". في الوقت نفسه، يلفت إلى أنه مشروع موسمي. في فصل الشتاء، يعمد إلى صناعة الحلويات والسحلب، إلا أن الإقبال عليها أقل من الأيسكريم.
قبل خمس سنوات، كان النعسان يعمل في أحد مصانع إنتاج الحلويات والأيسكريم خلال فصل الصيف. إلا أن المصانع المحلية التي تنتج الأيسكريم واجهت خسائر كبيرة بسبب ساعات انقطاع التيار الكهربائي الطويلة، والاضطرار إلى الاعتماد على المولدات الكهربائية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع كلفة الإنتاج والبيع. وكانت النتيجة تسريحه من عمله ليبقى عاطلاً عن العمل لمدة عامين.
من جهته، بدأ عامر زايد (29 عاماً) بيع الأيسكريم وشراب الليمون المثلج منذ مارس/ آذار الماضي في حي الشيخ رضوان، وافتتح محلاً صغيراً حيث يعد الأيسكريم والشراب. ويملك وشقيقه الأصغر زياد (23 عاماً) عربة متنقلة ويبيعان ما يصنعانه في المتنزهات القريبة وأماكن تجمع الأطفال في حي الشيخ رضوان ومنطقة الصفطاوي.
كان زايد يعد المشروبات في أحد المطاعم التي أغلقت قبل عام وسط مدينة غزة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة الإقبال عليها. وكان قد تعلم إعداد المشروبات والأيسكريم عبر يوتيوب. وبقي عاطلاً عن العمل لمدة 7 أشهر إلى أن قرر وشقيقه بدء مشروع ما.