"استغاثة عاجلة" لإيقاف تنفيذ حكم جماعي بالإعدام في مصر

15 مارس 2022
تشهد مصر ارتفاعاً غير مسبوق في إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها (فرانس برس)
+ الخط -

وقّعت عشرات الشخصيات العامة والسياسية والحقوقية في مصر، على استغاثة عاجلة موجهة للمفتي والسلطات المصرية، لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام الجماعية في القضية رقم 303 لسنة 2018 أمن دولة عليا طوارئ مركز رشيد، وإتاحة الفرصة للمتهمين فيها للمحاكمة العادلة.

تعود وقائع القضية لعام 2015، عندما فُجر أوتوبيس أمن قُتل فيه ثلاثة أمناء شرطة في 24 أغسطس/آب 2015. ومن ضمن 26 متهماً، أُدين 15 في قضية رقم 303 لسنة 2018، ومن بينهم عشرة متهمين من أبناء قرية واحدة؛ قرية محلة الأمير. ومن ضمن هؤلاء العشرة أحمد عادل الزراع وأخوه المعتصم بالله.

وقال الموقعون في استغاثتهم، إنه خلال العام الماضي أصدرت محاكم أمن الدولة طوارئ المصرية، عدة أحكام بحق باحثين وصحافيين ونشطاء وبرلمانيين سابقين وأعضاء أحزاب رسمية، وإنّ محاكم أمن الدولة طوارئ "بطبيعتها تهدر العدالة لأنها محاكم استثنائية أحكامها نهائية لا يجوز الطعن فيها؛ لا تمر بمراجعات درجات التقاضي المختلفة، لكنها تخضع فقط للسلطة التقديرية للحاكم العسكري ومن ينوب عنه أثناء التصديق على أحكامها".

وتابع الموقعون: "لم تكتف المحاكم بالقصور البنيوي بها، بل تم توثيق توسع في الإجراءات المهدرة لحقوق المتهمين الماثلين أمامها. وتكررت تلك الممارسات بدرجات مختلفة خلال الأعوام الماضية في قضايا تنظر أمام محاكم أمن دولة طوارئ، رغم اختلاف الدوائر التي تنظرها، ليعكس هذا توجهاً ممنهجاً في القضايا السياسية المنظورة أمامها".

وأوضحت المنظمات أنّ "الأكثر خطورة هو إصدار محاكم أمن دولة طوارئ رغم تجلي قصورها في تحقيق الحد الأدنى من العدالة، أحكاماً بالإعدام، ومن ضمنها الحكم الصادر في القضية رقم 303".

وتواجه عقوبة الإعدام في مصر العديد من الإشكاليات؛ منها تطبيقها على مساحة واسعة من الجرائم وليست فقط الجرائم الخطيرة، كما أن المتهمين غالباً ما يتم انتهاك حقهم في الحصول على محاكمة عادلة، وهي إحدى الضمانات التي نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية، خاصة في القضايا التي بها جرائم يمكن الحكم فيها بالإعدام.

وأعلن الموقعون لجوءهم لتلك "الاستغاثة العاجلة" "على أمل سرعة التدخل لإيقاف تنفيذ حكم جماعي بالإعدام، وإتاحة الفرصة لمحاكمة عادلة تظهر الحقيقة وتحفظ حقوق الجميع؛ من ضحايا ومتهمين ومجتمع".

وجاء في نص الاستغاثة التي لا زالت تستقبل توقيعات المتضامنين: "السيد رئيس الجمهورية.. نحن الموقعين أدناه نناشد سيادتكم وقف تنفيذ الحكم الصادر من الدائرة الأولى جنايات شمال دمنهور يوم 29 يوليو/تموز 2021، بإعدام جميع المتهمين في القضية رقم 303 لسنة 2018 أمن دولة عليا طوارئ مركز رشيد. لن نطيل في سرد كل الملابسات والمؤشرات التي تثير لدينا شعوراً بتوفر فرص البراءة، وأهمية إعادة محاكمة هؤلاء".

وتمت الإشارة إلى عدة ملابسات ومؤشرات تثير الشعور بالقلق إزاء القضية، أبرزها صدور الحكم بالإعدام على جميع المتهمين في القضية (16 متهماً بينهم 10 حاضرين) ودائماً ما تثير الأحكام الجماعية التي لا تفرق بين المراكز القانونية للمتهمين الريبة والقلق.

والمؤشر الثاني أنّ القضية محل الاتهام، وهي تفجير أوتوبيس يقل أفراد شرطة في أغسطس/آب 2015، و"مع ذلك لم يصدر قرار الاتهام إلا في 2018، وقبل صدور قرار الاتهام أخلي سبيل المتهمين لفترة، وكانوا مواظبين على متابعة أسبوعية في قسم الشرطة ومع الأمن الوطني، فهل يعقل أن يتم إخلاء سبيل من تحوم حوله "شكوك حقيقية" أنه فجر أوتوبيس شرطة ويكتفي بالمتابعة؟ وهل يعقل أنّ من قام بتفجير أوتوبيس شرطة يلتزم بالمتابعة ولا يحاول الهرب؟"، بحسب البيان.

وأشار البيان إلى أنّ المحكوم عليهم أغلبهم من أبناء قرية محلة الأمير بمركز رشيد، و"لقد حامت الشبهات حول القرية لكونها التجمع السكني الأقرب لموقع الحادث، وتستند فكرة ربط الواقعة بالقرية إلى فرضية أنّ العبوة الناسفة وضعت على جانب الطريق قبل مرور أوتوبيس الشرطة. ولكن ضمن أوراق القضية تقرير فني مناقض لتلك الرواية معضد بشهادة شاهد الإثبات 17، الرقيب أحمد محمود هلال، يشير إلى احتمالية أنّ تكون العبوة الناسفة زرعت داخل الأوتوبيس قبل تحرّكه".

أما عن تداعيات الحكم لو تم تنفيذه، فقال الموقعون إنّ قرية محلة الأمير ستفقد عشرة من أبنائها في يوم واحد، بناء على رؤية دائرة واحدة ومحقق واحد ومجرى تحريات واحد، وحكم إعدام نهائي بدون فرصة إجراءات نقض وإعادة نظر في كل تفاصيل القضية لكل متهم على حدة، و"مع كل الشكوك المحيطة بالحكم وعدالته ستحيا القرية صدمة سيمتد أثرها لأجيال متعاقبة وسنتحمل جميعاً عبئها".

وتشهد المحاكم المصرية سواء المدنية أو العسكرية ارتفاعاً غير مسبوق في إصدار أحكام الإعدام، مما جعل مصر واحدة من أكثر دول العالم إصداراً وتنفيذاً لهذه الأحكام.

المساهمون