مخططات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء... رفض مصري ممتد لعقود

02 نوفمبر 2023
من تظاهرة أمام نقابة الصحافيين في القاهرة منددة بالعدوان على غزة (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

في رد على سؤال حول وجود خطة لدى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لترحيل سكان من قطاع غزة إلى سيناء المصرية، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، خلال مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء الماضي، إن "تركيز إدارته في الوقت الحالي ينصب على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة. ولكن بعد أن تنتهي الأزمة، ربما نفكر في أي سيناريوهات أخرى بالتنسيق مع قادة المنطقة، منها توفير الرعاية لنازحين فلسطينيين محتملين إلى مصر، ولكن لا أظن أن الفلسطينيين يريدون مغادرة بيوتهم ووطنهم".

وعلى الرغم من عدم وجود أي مؤشرات على مناقشة الإدارة الأميركية هذا الخيار منذ بدء العدوان على غزة، مع أي طرف، إلا أن التسريبات التي تتوالى بشأن مخططات إسرائيلية قديمة - جديدة لتهجير الغزيين إلى سيناء، أعادت إحياء الحديث عن خطط أميركية قديمة لتوطين الغزيين في شبه جزيرة سيناء، وهي الخطط المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، والتي لم تكن سرية بأي حال، إذ أعلنت عنها صراحة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، في يناير/كانون الثاني 2020، والتي اشتملت على "حزم تحفيزية" للدول العربية الملاصقة لفلسطين، وعلى رأسها مصر.

وكان من ضمن الخطة، تخصيص نصف مليار دولار لتطوير منشآت ومرافق الطاقة في سيناء وجعل مدنها قابلة للحياة وجاذبة للاستثمار، وتخصيص نصف مليار دولار لتطوير منشآت ومرافق المياه في سيناء لجذب مزيد من الاستثمار والأيدي العاملة المستدامة، وتخصيص نصف مليار دولار لإنشاء شبكة طرق متكاملة بين مدن سيناء لتدعيم البنية التحتية الجاذبة للاستثمار.

وما زاد المخاوف من تنفيذ هذه الخطة، هو تنفيذ الحكومة المصرية بالفعل العديد من الإجراءات ومشروعات البنية الأساسية على أرض سيناء، بدأت بتهجير آلاف السكان من قراهم في رفح والشيخ زويد منذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، تحت مبرر الحرب على الإرهاب، وهي الخطوة التي فسرها السكان بأنها "خطوة أولى على طريق التنازل عن الأراضي المصرية لصالح المشروع الدولي". تبع ذلك تنفيذ مشروعات عديدة في شبه الجزيرة، من بينها إنشاء محطات كهرباء عملاقة، من دون أن تعمل، وإنشاء محطات رفع وشبكات مياه، لا تخدم أهالي سيناء.

عوامل تُسقط مخطط تهجير الغزيين

وعلى الرغم من تلك المخاوف، إلا أن ذلك المخطط لم يزل مرتبطاً بعوامل كثيرة من أجل تنفيذه، "بعضها يكاد يكون مستحيلاً"، بحسب وصف أحد المسؤولين الأمنيين المصريين السابقين، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" بشرط عدم ذكر اسمه. وعلى رأس هذه العوامل، "موقف المؤسسة العسكرية المصرية، الرافض لفكرة توطين فلسطينيين في سيناء، رفضاً مطلقاً، نظراً لاعتبارات عديدة، تتعلق بالأمن القومي المصري".

وأضاف المسؤول السابق أن "رفض الجيش لتلك الفكرة، كان قائماً في السابق، خلال عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، ولا يزال موجوداً حتى الآن، وهو ما يمكن ملاحظته في الرسائل التي احتوتها خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي أخيراً، والتي بدا أنها موجهة للقوات المسلحة، من أجل طمأنة قادتها وتهدئة مخاوفهم".

مسؤول أمني سابق: المؤسسة العسكرية المصرية ترفض فكرة توطين فلسطينيين في سيناء

خطة قديمة للاحتلال الإسرائيلي

خطة إبعاد السكان الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، ليست جديدة. وعن ذلك، قال الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية واللغة العبرية، خالد سعيد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الصهيونية كانت لديها أطماع في شبه جزيرة سيناء منذ عقود طويلة، ومن قبل تكوين الدولة نفسها، بمعنى أنه في نهاية القرن الـ19 حاولت مجموعة من الصهاينة إقامة مجموعة من المستوطنات في المنطقة ما بين مدينتي طابا وإيلات، ووقتها أدركت الدولة العثمانية خطورة الأمر وأنهت بناء المستوطنة في مهدها".

وأضاف: "تيودور هرتزل عندما زار القاهرة في 23 مارس/آذار 1903، حاول أن يطالب بإقامة دولة لليهود في شبه جزيرة سيناء، ورُفض الأمر آنذاك. وفي عام 1918 حاول بعض اليهود شراء أراضٍ في شبه جزيرة سيناء، والسلطات المصرية رفضت آنذاك وقررت بأنه لا تملّك للأجانب في سيناء".

وتابع: "سنة 1958، كان هناك مشروع صهيوني لتبادل أراضٍ ما بين غزة وشبه جزيرة سيناء بهدف إبعاد الفلسطينيين إليها. وفي التسعينيات وإبان عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، اقترح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يورا إيلاند، تبادل أراضٍ بين مصر وإسرائيل بهدف توطين الفلسطينيين في هذا الجزء وتحديداً في مدينة العريش، ورفض مبارك رفضاً قاطعاً، والسلطات المصرية طلبت توضيح. ومنذ أعوام حضرت وزيرة البيئة الإسرائيلية مؤتمرا في القاهرة، وقالت هذا الكلام، وجددت الخطة الإسرائيلية، وطبعا تم رفض الأمر".

وبحسب سعيد، "الجديد الآن أنه منذ العدوان الحالي على غزة، ونحن نقرأ في كثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية هذا الكلام". وأضاف: "كتب يورا إيلاند، يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقالاً في صحيفة إسرائيل هيوم طالب فيه بذلك، بل تخطى الأمر قائلاً إنه إذا كانت مصر سترفض ذلك، فهناك أيضاً دول الخليج، يجب أن تقبل توطين الفلسطينيين لديها. واقترحت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية، جيلا غامليل، الأمر نفسه". وأردف: "لاحظنا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رفض الأمر رفضاً قاطعاً، وبالتالي فإن توطين الفلسطينيين في سيناء أمر مرفوض على مدى عقود من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة".

سعيد: توطين الفلسطينيين في سيناء أمر مرفوض على مدى عقود من قبل الحكومات المصرية المتعاقبة

تاريخياً، قال سعيد إن سيناء "تحظى بمكانة مميزة منذ القدم لدى اليهود، ليس لموقعها الاستراتيجي فقط ولا لتحكّمها في حركة النقل والتجارة الدولية، ولكن لمكانتها الدينية والروحانية، إذ يعتبرها اليهود جزءاً من "الوطن التوراتي" من النيل إلى الفرات". وأعرب عن اعتقاده بأن "شبه جزيرة سيناء كانت ولا تظل لها مكانة مميزة جداً لدى الإسرائيليين، ويكفي أن بعثات تنقيب أثرية كثيرة قبل 1956 دخلت مع قوات العدوان الثلاثي وخرجت في مارس/آذار 1956، حاولت إثبات ما إذا كان لليهود موطئ قدم في سيناء". وأشار إلى أنه "من ضمن الأعياد التي يحتفل بها اليهود سنويا، هناك 3 أعياد مرتبطة بسيناء، وهي: عيد الفصح، وعيد نزول التوراة، وعيد العرش".

وفي السياق، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد، لـ"العربي الجديد" إن "جذور الفكرة، جاءت مع بداية المشروع الصهيوني، أي قبل أكثر من 100 عام، حين رفعت الصهيونية خطاب "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وذلك على قاعدة أن الله منح اليهود هذه البلاد بشكل حصري". وأضاف شديد: "كانت هناك قناعة لدى الحركة الصهيونية، بأن هذه البلاد لا تتسع لشعبين، ولا بد من تهجير وطرد كل من فيها".

التهجير عقيدة إسرائيلية

من جهته، لفت أستاذ القانون الدولي العام، خبير حفظ السلام السابق في البلقان، أيمن سلامة، إلى أن "التهجير القسري" عقيدة إسرائيلية بامتياز، ولا تتوقف عند حد الفلسطينيين فقط. وقال سلامة لـ"العربي الجديد" إن إسرائيل "ارتكبت جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد سكان سيناء المدنيين العزل غير المشتركين في أي نزاع مسلح، وتجسدت هاتان الجريمتان الدوليتان في "التهجير القسري" لهؤلاء السكان الخاضعين للاحتلال الحربي الإسرائيلي في الحقبة بين 1967 و1982، بينما تجاهر في الوقت ذاته، بأنها واحة الديمقراطية في محيط من الوحوش اللاإنسانية".

وأشار سلامة إلى "كتاب إسرائيلي صدر في تل أبيب، يتحدث عن ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي في سيناء المصرية العديد من الجرائم ضد الإنسانية، منها إجبار الجيش الإسرائيلي لما يناهز 30 ألف مصري من بدو سيناء والنقب على إخلاء مساكنهم قسراً لإجراء تدريبات عسكرية. ووفقاً للكتاب فقد قضى عشرات الأطفال والمسنين نحبهم في درجة حرارة وصلت للصفر".

وكشف الكتاب الجديد الذي كتبه الكاتب الإسرائيلي والمحرر السابق بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ديفيد لانداو، تحت عنوان "فرسان القتال"، أن سكان تلك المناطق البدوية أُجبروا على الانتقال إلى منطقة بعيدة سيراً على الأقدام في أحوال طقس عاصفة وشديدة البرودة تسببت بوفاة العشرات منهم برداً وجوعاً. وجاء في فصل آخر من الكتاب: "يجب أن نتذكر الواقع حينها، كان الجيش الإسرائيلي فوق النقد، وأرئيل شارون بعد حرب الأيام الستة عام 1967 أصبح شبه إله، وكان شارون يرى في كل عربي مصدر إزعاج يجب التخلص منه، وأراد إجراء تدريبه العسكري الكبير ولم يهمه الثمن أو معاناة السكان العرب من الفلسطينيين والمصريين".

وشدد سلامة على أنه "سواء ارتكبت إسرائيل جريمة الإبعاد القسري للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء المصرية، أو جرائم التهجير القسري للمصريين في سيناء أثناء الاحتلال الغاصب العسكري لسيناء (1967-1973)، تظل هاتان الجريمتان الدوليتان أبد الدهر ولا تسقطان بالتقادم".

عمليات تهجير سابقة في فلسطين

العضو السابق في الكنيست الإسرائيلي، المحاضر في الجامعة العربية الأميركية في جنين، جمال زحالقة، أوضح في حديث لـ"العربي الجديد" أن إسرائيل "قامت بعملية تهجير كبرى عام 1948، حيث جرى تهجير ما يقرب من 850 ألف فلسطيني، ما يعني أكثر من 60 في المائة من سكان فلسطين كلها، ونحو 90 في المائة من الذين يتواجدون في الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1948". وقال إن "قضية اللاجئين الأولى ونكبة فلسطين، هي عملية التطهير العرقي التي قامت بها الحركة الصهيونية عام 1948، وبعدها في عام 1967 كانت هناك عملية تهجير كبرى أيضاً بالأخص من الضفة الغربية".

وأضاف زحالقة أن "بين هذه وتلك، قامت إسرائيل في الخمسينيات، بإخلاء عدد من المدن والقرى الفلسطينية، وطرد أهلها، مثل: المجدل وعسقلان، حيث جرى طردهم عام 1952". وأكد أن "فكرة التهجير مكون أساسي في الحركة الصهيونية والفكر الصهيوني، لأن الصهيونية تريد أن تقيم دولة اليهود، التي هي بحاجة إلى أرض أكثر، وإلى عرب أقل، حتى تكون الدولة يهودية، بالتالي المسألة ليست سياسة هذه الحكومة أو تلك، وإنما هي جزء أصيل من الفكر الصهيوني لليسار واليمين الإسرائيلي على حد سواء".

زحالقة: إسرائيل قامت بعملية تهجير كبرى عام 1948، حيث جرى تهجير ما يقرب من 850 ألف فلسطيني

وشدد زحالقة على أن "هذه القضية العينية الآن وفي هذه الأيام، يتم النقاش حولها، في قسم علني، وقسم آخر غير علني، وهناك من يقول إننا لن نستطيع تهجير الفلسطينيين، لأن العالم لن يقبل بذلك، والعالم العربي لن يقبل بذلك أيضاً، ولهذا السبب علينا أن نتحملهم". وتابع: "هناك من يقول إن إسرائيل تستطيع، وعليها أن تضع الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي الداخل، أمام خيارين: إما إعلان الولاء للدولة اليهودية، ومن لا يريد إعلان الولاء فسنساعده في ترك البلاد، وهذا موقف وزير المالية الإسرائيلي الحالي بتسلئيل سموتريتش. وهناك أيضاً حركات ترانسفير تقليدية لكنها ليست من التيار المركزي في إسرائيل".

وأضف: "في هذه الأيام تطفو قضية التهجير على السطح، في حالة الأزمات والحروب، وهناك من يدعو إلى استغلال الحرب لطرد أهل غزة من بلدهم، وإبعادهم إلى سيناء، والمشكلة التي واجهتها إسرائيل، أن أهل غزة رفضوا التهجير وسيرفضون الهجرة، كما أن مصر ترفض دخول اللاجئين الفلسطينيين إليها، وبهذه الطريقة تمنع هذا المشروع الإسرائيلي".

ولفت زحالقة إلى أن "العشرات من النخب الإسرائيلية تحدثت عن إخلاء قطاع غزة من سكانه، وعملياً في بداية الحرب كان المسؤولون الإسرائيليون يدعون أهالي غزة إلى الهجرة إلى سيناء، لكن حين احتجت مصر توقفوا عن فعل ذلك".

وقال: "لا أحد يعرف ماذا ستفعل إسرائيل لاحقاً، هل ستحتل المنطقة الشمالية من قطاع غزة، وتفرغها بالكامل من سكانها، وتجري عملية تمشيط واسعة، وبعدها هل ستستمر لاحتلال الجزء الجنوبي من قطاع غزة؟ هذا غير معروف حتى الآن، وهناك من يقول إن القيادة الإسرائيلية لم تقرر بعد ماذا ستفعل بعد عملية احتلال شمال غزة". وتابع: "هي تقوم بجرد حسابات، لكنها لا زالت تحلم بإبعاد عدد كبير من الفلسطينيين، سواء إلى سيناء أو إلى أماكن أخرى، حتى يكون هناك تخفيف للديمغرافيا الفلسطينية الخطرة في قطاع غزة".

وختم زحالقة حديثه قائلاً إن "فكرة الخطيئة الصهيونية الأولى، هي الترانسفير الذي حدث عام 1948، وكما يعود المجرم إلى مكان جريمته، إسرائيل الآن تعود، ويجري الحديث بشكل علني ومفضوح، فهل هناك إمكانية للتهجير؟". وخلص إلى أن "المشكلة ليست في أن إسرائيل لا تريد، وإنما في أنها لا تستطيع بسبب المعارضة المصرية".

خطة سرية لترحيل الفلسطينيين

وكشفت وثائق بريطانية أخيراً، نشرها موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أن إسرائيل وضعت خطة سرية قبل 52 عاماً لترحيل الآلاف من فلسطينيي غزة إلى شمال سيناء. وأوضحت الوثائق أنه "بعد احتلال الجيش الإسرائيلي غزة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان السورية، في حرب يونيو/حزيران 1967، أصبح القطاع مصدر إزعاج أمني لإسرائيل. وباتت مخيمات اللاجئين المكتظة بؤر مقاومة للاحتلال. فمنها انطلقت عمليات مقاومة ضد القوات المحتلة والمتعاونين معها. وفي تلك الأثناء، رصدت السفارة البريطانية في تل أبيب تحركات إسرائيلية لتهجير آلاف الفلسطينيين إلى العريش التي تقع شمالي شبه جزيرة سيناء المصرية، وتبعد قرابة 54 كيلومتراً عن حدود غزة مع مصر". وأضافت: "حسب تقارير السفارة، فإن الخطة شملت "النقل القسري" للفلسطينيين إلى مصر أو أراضٍ إسرائيلية أخرى، في محاولة لتخفيف حدة العمليات الفدائية ضد الاحتلال والمشكلات الأمنية التي تواجه سلطة الاحتلال في القطاع".

إسرائيل وضعت خطة سرية قبل 52 عاماً لترحيل الآلاف من فلسطينيي غزة إلى شمال سيناء

وبحسب الوثائق، "ففي أوائل سبتمبر/أيلول 1971، أسرّت الحكومة الإسرائيلية للبريطانيين بوجود خطة سرية لترحيل الفلسطينيين من غزة إلى مناطق أخرى على رأسها العريش المصرية. وقال وزير النقل والاتصالات الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز (زعيم حزب العمل ووزير الدفاع والخارجية ورئيس الحكومة ورئيس الدولة في إسرائيل لاحقاً) والذي كان مسؤولاً عن التعامل مع الأراضي المحتلة، إنه سيتم إعادة توطين نحو ثلث سكان المخيمات في أماكن أخرى في القطاع أو خارجه. وأكد اعتقاد إسرائيل بأن "هناك حاجة ربما إلى خفض إجمالي عدد السكان بنحو 100 ألف شخص". وعبّر بيريز عن "الأمل في نقل حوالى 10 آلاف أسرة إلى الضفة الغربية، وعدد أصغر إلى إسرائيل"، غير أنه أبلغ البريطانيين بأن التهجير إلى الضفة وأراضي إسرائيل "ينطوي على مشكلات عملية مثل التكلفة العالية".
وأبلغ الوزير الدبلوماسي البريطاني بأن "معظم المتأثرين، هم في الواقع، راضون بأن يجدوا لأنفسهم سكناً بديلاً أفضل مع تعويض عندما تُزال أكواخهم، أو يقبلون شققاً عالية الجودة بناها المصريون في العريش، حيث يمكن أن يكون لديهم إقامة شبه دائمة".

وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كشفت وثائق سرية بريطانية عن أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك "قبِل توطين فلسطينيين في مصر قبل أكثر من ثلاثة عقود". وحسب الوثائق، التي نشرتها "بي بي سي" فإن "مبارك استجاب لمطلب أميركي في هذا الشأن. وقد اشترط كي تقبل مصر توطين الفلسطينيين في أراضيها، لا بد من التوصل لاتفاق بشأن إطار عمل لتسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي". وفي ظل هذا الوضع بالغ التوتر في الشرق الأوسط، سعى مبارك لإقناع الولايات المتحدة وإسرائيل بقبول إنشاء كيان فلسطيني في إطار كونفدرالية مع الأردن تمهيداً لإقامة دولة فلسطينية مستقلة مستقبلاً.

ورداً على ذلك، نفى مبارك حينها قبوله توطين فلسطينيين في مصر في إطار تسوية للصراع العربي الإسرائيلي. وقال في بيان نشرته وسائل إعلام مصرية "لا صحة مطلقاً لقبول توطين الفلسطينيين بمصر"، مضيفاً أنه "إبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982... واشتعال الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط... اتخذت قراري بسحب السفير المصري من إسرائيل، وعملت على تأمين خروج الفلسطينيين المحاصرين في بيروت، وعلى رأسهم ياسر عرفات".

وأشار البيان إلى أنه "كانت هناك مساعٍ من بعض الأطراف لإقناعي بتوطين بعض الفلسطينيين الموجودين في لبنان في ذلك الوقت بمصر، وهو ما رفضته رفضاً قاطعاً". وأكد مبارك رفض "كل المحاولات والمساعي المتلاحقة لتوطين فلسطينيين في مصر أو مجرد التفكير فيما طرح عليه من قِبل إسرائيل تحديداً عام 2010 لتوطين فلسطينيين في جزء من أراضي سيناء، من خلال مقترح لتبادل أراضٍ". وقال إنه أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت "عدم استعدادي حتى للاستماع لأي طروحات في هذا الإطار مجدداً".

المساهمون