للمرة الأولى في تاريخ سيناء المصرية، يسجل قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، حضوره إلى محافظة شمال سيناء، الجمعة الماضي، في ضيافة قائد الجيش الثاني الميداني اللواء محمد ربيع، الذي اشتغل بـ"ملف مكافحة الإرهاب وطرد تنظيم داعش الإرهابي من صحراء سيناء"، وذلك بعد عشر سنوات من العمل الأمني والعسكري.
زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية
وتأتي زيارة المسؤول العسكري الأميركي، بعد شهرين فقط من عملية الجندي المصري محمد صلاح ضد الاحتلال الإسرائيلي على الحدود مع فلسطين المحتلة، إضافةً إلى زيارته معبر رفح الرابط بين مصر وقطاع غزة، الذي يمثل محوراً مهماً من محاور العلاقة بين مصر وحركة حماس.
وقالت مصادر محلية في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد" إن "الوفد الأميركي زار معبر رفح الرابط بين مصر وقطاع غزة، حيث حل بضيافة مكتب الجيش المصري داخل معبر رفح، فيما تجول قائد المنطقة العسكرية المركزية الأميركية في منطقة الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، وكذلك بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة التي شهدت عملية الجندي محمد صلاح"، مشيرةً إلى أنها "الزيارة الأولى لمسؤول عسكري أميركي إلى محافظة شمال سيناء، وخصوصاً منطقة الحدود مع قطاع غزة ومعبر رفح البري".
مهند صبري: تأمين الحدود الإسرائيلية له الأولوية دائماً بالنسبة للإدارة الأميركية
وكان الوفد الأميركي قد وصل إلى مصر، قبل يومين، بعد إنهائه زيارة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، في ظل توتر العلاقة بين الجانبين في أعقاب عملية الجندي صلاح، والتي أدت قبل شهرين إلى مقتل ثلاثة عسكريين إسرائيليين على الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي وقت لاحق، أصدرت القيادة المركزية الأميركية بياناً، أوضحت فيه أن كوريلا، زار الجمعة الماضي، معبر رفح الحدودي بشمال سيناء خلال زيارته إلى مصر. ووفقاً للبيان: "قام الجنرال كوريلا بزيارة مصر والتقى رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، الفريق أسامة عسكر في القاهرة، وقائد الجيش الثاني الميداني، اللواء أركان حرب محمد ربيع، عند معبر رفح الحدودي بشمال سيناء".
وأضاف البيان: "ركزت الرحلة على المخاوف الأمنية المشتركة، بما في ذلك أمن الحدود، وتعزيز التدريب المشترك، بما في ذلك مناورات النجم الساطع المقبلة والفرص المتاحة لتعزيز الشراكة العسكرية طويلة الأمد بين الولايات المتحدة ومصر".
وتابع البيان أن الجنرال كوريلا "أعرب عن امتنانه للفريق أسامة عسكر، على دور مصر القيادي المستمر في قضايا الأمن الإقليمي ودورها خلال عمليات الإجلاء الأخيرة لغير المقاتلين من السودان". فيما أشار البيان إلى أن القادة "ناقشوا الجهود المستمرة لتحسين الأمن على الحدود بين مصر وقطاع غزة، مع إيلاء أهمية خاصة لمعبر رفح الحدودي".
مصادر مصرية: الوفد الأميركي زار معبر رفح الرابط بين مصر وقطاع غزة
وبالنظر إلى حجم الوفد وتوقيت الزيارة ومكان الوصول، ظهرت عدة تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لزيارة الحدود المصرية مع فلسطين، سواء كان قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، أو المناطق المحتلة الواقعة تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي. وكذلك زيارة معبر رفح الذي يعد المتنفس الوحيد للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحصار المفروض من الاحتلال الإسرائيلي من بقية الجهات، بالإضافة إلى زيارة المنطقة الحدودية التي شهدت عملية الجندي محمد صلاح، بالتزامن مع المرور على المشاريع الاستراتيجية التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية، في قطاعات الطاقة والبنى التحتية والكهرباء والمياه، على مستوى سيناء.
معنى الزيارة الأميركية
وقال الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، مهنّد صبري، لـ"العربي الجديد" إن "الزيارة تحمل معنيين، الأول أن هناك اطمئناناً من جانب القيادة المركزية الأميركية بشأن زيارة قائدها لمدينة رفح، واعترافاً منها بنجاح مصر في تحجيم نشاط الحركات الإرهابية في سيناء وعدم قدرتها على القيام بهجمات كبرى. والمعنى الآخر هو أن كل الحديث الأميركي عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر يذهب هباءً، خصوصاً حين يتم الحديث عن سيناء، فعلى بعد كيلومترات من الأماكن التي زارها كوريلا، يتم ارتكاب انتهاكات وخروقات كبرى بحق سكّان سيناء من قبل الجيش المصري.
والجانب الأميركي على علم بها، لكن يبدو أن ما يقال عن انزعاجهم من تلك الانتهاكات يظل بعيداً عمّا يحدث على أرض الواقع". ولفت إلى أن "ملف تأمين الحدود الإسرائيلية عادة ما يكون على رأس ملفات النقاش مع مصر، ليس في تلك الزيارة فحسب ولكنه موجود دائماً في أية اتصالات بين الجيشين المصري والأميركي، فتأمين الحدود الإسرائيلية له الأولوية دائماً بالنسبة للإدارة الأميركية في علاقاتها مع الجيش المصري".