النظام السوري يعلن عن انتخابات تشريعية وسط تشكيك في دور مجلس الشعب

11 مايو 2024
رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال خطاب له في دمشق، 03 مايو 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بشار الأسد يحدد 15 يوليو/تموز موعداً لانتخابات مجلس الشعب، الذي يعد الجهة التشريعية في سوريا، لكنه يفقد دوره الحقيقي بسبب هيمنة الأسد والبعث.
- تاريخياً، منذ الانقلاب العسكري في 1963 وتأسيس مجلس الشعب بدستور 1973، هيمن حزب البعث والأحزاب المتحالفة معه على المجلس، مما أفقده أي دور تشريعي أو سياسي فعال.
- الانتخابات المقبلة تعكس محاولات النظام لإعادة تشكيل السلطة وإظهار صورة الاستقرار والإصلاح أمام المجتمع الدولي، رغم النقد الواسع للمجلس باعتباره صورياً ولا يمتلك قراراً فعلياً.

أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، يوم السبت، مرسوماً يقضي بتحديد موعد انتخابات "مجلس الشعب" للدورة التشريعية الرابعة، وذلك في 15 يوليو/ تموز، ويتولى المجلس وفق الدستور السلطة التشريعية في البلاد، لكن يقاسمه إياها بشار الأسد من خلال المراسيم التشريعية التي يصدرها. ووفق التعريف، يمثل المجلس كل المنظمات الشعبية والمهنية وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية والمستقلين، ويدعى إلى ثلاث دورات عادية سنوياً مع جواز دعوته لجلسة استثنائية بقرار من رئيسه أو بطلب من رئيس النظام السوري أو طلب ثلث أعضاء المجلس. لكن في الوقت الحالي، ومنذ وصول حزب البعث إلى السلطة، تحوّل مجلس الشعب إلى أداة بيد النظام، ونزع منه الأسد صلاحيات كان يتفرد بها، من بينها إقرار العفو العام وإقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية.

ولم تعرف سورية حياة برلمانية حقيقية منذ الانقلاب العسكري الذي قاده حزب "البعث" في سورية في مارس/ آذار 1963، والذي قاد إلى إنهاء الحياة السياسية في البلاد، وترسّخ هذا الأمر بعد انقلاب حافظ الأسد في عام 1970، الذي فرض بعد ذلك ما يسمّى "مجلس الشعب" وفق دستور وضعه عام 1973 وكرّس فيه "البعث قائداً للدولة والمجتمع". وهيمن الحزب حينها فعلياً على المجلس الذي لم يكن له أي دور سياسي أو تشريعي حقيقي، ولا سيما أن أغلب أعضائه ينتمون إلى "البعث" وإلى أحزاب تدور في فلكه في ما يُعرف بـ"الجبهة الوطنية التقدمية" التي أسّسها حافظ الأسد في سبعينيات القرن الماضي من عدة أحزاب تتبنى الفكر القومي العربي، إضافة إلى الحزب الشيوعي.

ورأى الأمين العام للحركة الوطنية السورية، الكاتب والباحث زكريا ملاحفجي، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن مجلس الشعب السوري في الوقت الحالي لا يمتلك أي قرار فعلي، وهو مجلس صوري، مضيفاً: "مجلس الشعب السوري يقر ولا يقرر، ويعين ويرشح ولا ينتخب". وبشأن تخلي حزب البعث بعد اندلاع الثورة السورية 2011، عن المادة الثامنة في الدستور السابق التي تنص على أن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية"، واستبدالها بالمادة الثامنة لدستور عام 2012 التي تنص على أن "يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع"، أوضح ملاحفجي أن "إلغاء المادة جاء بمطلب سوري، لكن البعث لا يزال أداة النظام السوري للتمكن من الحكم والتجسس على الشعب السوري، وعملياً لا يمكنه التخلي عنه بالمطلق".

ووفق المرسوم الصادر اليوم، يُحدد أعضاء مجلس الشعب المخصص لكل من قطاع العمال والفلاحين وقطاع باقي فئات الشعب وفق دوائر انتخابية لكل محافظة، من المحافظات السورية الـ14، حيث يبلغ عدد الأعضاء 250، منهم 127 لقطاع العمال والفلاحين، و123 من باقي فئات الشعب. وبحسب الدستور السوري، فإن عدد أعضاء مجلس الشعب لا يحدد بعدد، وهذا الأمر متروك لرئيس النظام السوري وفق مرسوم يصدر عنه، واعتماد 250 عضواً هو تقليد متخذ منذ انتخابات عام 1990، شرط أن يكون نصف الأعضاء على الأقل من العمال والفلاحين وفق ما ينص دستور عام 2012.

بدوره، أكد الباحث السوري عبد الوهاب عاصي لـ"العربي الجديد"، أنه لا يوجد دور دستوري لهذا المجلس الذي لا يمثل السلطة التشريعية في سورية، والنظام يريد من هذا المجلس الصوري إعادة تشكيل السلطة في سورية، لأسباب عديدة. وأخيراً قام بإعادة تشكيل القيادة المركزية لحزب البعث وقبلها هيكلة الأجهزة الأمنية وقبلها ترتيب وتنظيم بعض الوحدات في المؤسسة العسكرية، وبعدها مجلس الشعب، لكونه ما زال بحاجة لهذه السلطة، ليقدم صورة للدول العربية والأجنبية أنه يستعجل عملية الإصلاح والاستجابة للطلبات العربية والدولية بشأن تحسين البيئة السياسية في سورية وتهيئتها لحل مستدام.

ولفت عاصي إلى أن هذه الانتخابات هي الرابعة منذ عام 2011، وسبقتها انتخابات مماثلة أعوام 2012 و2016 و2020، وقد حافظ النظام على هذا الاستمرار لعقد هذه الانتخابات لتأكيد استمراره في الحكم، وأن ما جرى في سورية لم يؤثر في أدوار السلطة، سواء التشريعية أو الرئاسية. وهذه الانتخابات تختلف عن الانتخابات الماضية، بأنها تأتي بعد 4 سنوات من التهدئة التي فرضتها روسيا في سورية، وإن كانت التهدئة ضمن استقرار هشّ، وروسيا عرضت مساعدة النظام في تنظيم هذه الانتخابات لأنها تريد أن تبعث رسائل إلى المجتمع الدولي حول استقرار سلطة النظام في سورية بعد 13 سنة من اندلاع الثورة.