السويداء: تشكيل هيئة عامة لضمان استمرار الحراك المناهض للنظام السوري

09 يوليو 2024
تظاهرات السويداء جنوبي سورية، 28 مايو 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تشكيل الهيئة العامة في السويداء:** تم تشكيل "هيئة عامة" تضم 47 عضواً بدعم من الشيخ حكمت الهجري، بهدف تعزيز الحراك الشعبي المناهض للنظام وتمثيل جميع السوريين الأحرار، مع لجنة تحضيرية لترشيح اللجنة السياسية خلال 3 أيام.

- **ردود الفعل والتحفظات:** أثار الإعلان ردود فعل متباينة؛ بعض التيارات السياسية تحفظت على طريقة اختيار الأعضاء، وانتقد الناشطون قلة التمثيل النسائي وعدم التشاور مع التيارات المنبثقة من الحراك.

- **أهمية الهيئة وتحدياتها:** تشكيل الهيئة يعطي الحراك شكلاً أكثر تنظيماً، رغم التحفظات على آلية اختيار الممثلين والحضور الضعيف للنساء. الحراك بدأ احتجاجاً على سوء الأحوال المعيشية وتحول إلى تظاهرات حاشدة، مدعوماً من مشيخة العقل.

شُكّلت في محافظة السويداء جنوب سورية، الاثنين، "هيئة عامة" تمثّل الحراك الشعبي المناهض للنظام، والذي يُوشك على الدخول في عامه الثاني، في خطوة من شأنها منح هذا الحراك الذي دخل دائرة الاهتمام الغربي منذ بدايته، زخماً سياسياً أكبر.

ودعم الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سورية، تشكيل هذه الهيئة المؤلفة من 47 عضواً يمثلون معظم نقاط الحراك، من بينهم لجنة تحضيرية مؤلفة من 7 أعضاء، تتولى مهمة ترشيح أعضاء اللجنة السياسية خلال فترة أقصاها 3 أيام، بحسب أحد أعضاء الهيئة.

وأشار في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن الهيئة "لن تقصي أو تستبعد أحداً"، مضيفاً: "هذه الهيئة لا تمثل حرباً أو تياراً بعينه، بل تمثل كل السوريين الأحرار". وتابع: "وسوف تسعى على جميع الأصعدة إلى إحلال السلام، بالتعاون مع الجهات الفاعلة التي همها الأول مصلحة الشعب السوري". وأوضح المصدر ذاته، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن الشيخ الهجري كان الدافع الأبرز لـ"تشكيل هذه الهيئة لضمان استمرار الحراك السلمي المناهض للنظام حتى تحقيق مطالبه التي تلبي طموحات السوريين في التوصل لحل سياسي للقضية السورية، وفق مضامين القرار الدولي 2254".

 بيد أن الإعلان عن تشكيل هيئة وليس جسماً سياسياً واضح المعالم سبّب حالة من الإحباط لدى العديد من المكونات والتيارات السياسية في محافظة السويداء. وأبدت هذه التيارات تحفظاً على طريقة اختيار أعضاء اللجنة وطُرق تمثيل نقاط الحراك فيها، وقررت التريث في اتخاذ موقف علني منها لحين إصدار بيان رسمي يبيّن خطة عملها ومبادئها وأهدافها.

وفي هذا الصدد، أكد الناشط ساري الحمد في حديث مع "العربي الجديد" اعتراضه على تشكيل هذه الهيئة "بدون التشاور مع التيارات المنبثقة من الحراك"، معتبراً أنها "لا تمثل إلا جزءاً من الحراك"، مضيفاً: "وبالتالي هي مكون جديد يُضاف إلى المكونات الموجودة في المشهد السياسي والثوري في محافظة السويداء ليس إلا".

وأضاف: "لقد اعتمد الشيخ الهجري على فريق عمل من المقربين يتألف من 14 عضواً في انتقاء هذه الهيئة، وهذا في حد ذاته عمل إقصائي للعديد من نقاط الحراك، وخاصة الموجودين بشكل دائم في ساحة "الكرامة" التي تعد العنوان الأبرز للحراك". كما أبدى الحمد خشية من تحوّل هذه الهيئة إلى سبب "يزيد من حالة التشرذم والتفكك؛ الذي يؤدي يوماً بعد يوم لتآكل الحراك".

غير أن الناشط المدني جهاد شهاب الدين دعا في حديث مع "العربي الجديد" إلى عدم "وضع العصي في الدواليب"، مطالباً بالتريّث حتى تصدر الهيئة مخرجات اجتماعها الأول، ونعرف الشخصيات الموجودة في اللجنة السياسية الممثلة للهيئة. وأضاف شهاب الدين: "علينا ألا نستعجل في الحكم قبل معرفة المبادئ الأساسية للهيئة، ومدى توافقها مع تطلعات الحراك الشعبي والمكونات والتيارات السياسية". وتابع: "لقد فشلت التيارات السياسية في تشكيل جسم سياسي ممثل للحراك خلال الأشهر الماضية، ولهذا من الواجب إعطاء فرصة للهيئة علها تكون الجسم الجامع لكل هذه التيارات الناشطة في الحراك".

 كذلك أبدت ناشطات الحراك الثوري تحفظاً واعتراضاً بسبب قلة التمثيل في الهيئة، والذي اقتصر على امرأتين فقط. وفي هذا الصدد، قالت الناشطة شروق المتني في حديث مع "العربي الجديد" إنها تشعر بـ "الخيبة والخذلان" بسبب عدم حصول المرأة على تمثيل حقيقي في الهيئة يوازي دورها الكبير في الحراك، مضيفة: "كان لنا الدور الأهم في استمرار هذا الحراك، فنحن العمود الفقري له، حيث شاركت النساء في فعالياته وتحملن الكثير من الضغوط الاجتماعية وواجهن الكثير من حملات التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

تشكيل الهيئة العامة في السويداء: شكل أكثر تنظيماً

من جانبه، رأى الصحافي ريان معروف، وهو المواكب للحراك من كثب في حديث مع "العربي الجديد" أن تشكيل الهيئة العامة "يعطي شكلاً أكثر تنظيماً وقدرة ومرونة على تنويع تكتيكات الكفاح اللاعنفي"، مشيراً إلى أن هناك تحفظات على الهيئة، برز منها التحفظ على الحضور الضعيف للنساء في الهيئة "رغم أن النساء شكلن رافعة رئيسية لحراك السويداء". وتابع: "هناك تحفظات أيضاً على آلية اختيار الممثلين، ولكن بصورة عامة هناك حالة من التوافق بين تيارات الحراك الشعبي في غالبية المناطق على هذه الهيئة، وهذا ما يجعلها قابلة للاستمرار في المرحلة الحالية". 

وبدأ الحراك الشعبي المناهض للنظام في السويداء في منتصف العام الفائت اعتراضاً على سوء الأحوال المعيشية وارتفاع الأسعار، إلا أنه سرعان ما تحوّل إلى حركات احتجاجية وتظاهرات حاشدة، خصوصاً في مدينة السويداء مركز المحافظة، رفعت شعارات الثورة الأولى، ما عُدّ تجديداً لهذه الثورة واستمراراً طبيعياً لها، خصوصاً أن الشمال السوري رحّب بهذا الحراك، وشهد تظاهرات حاشدة تأييداً له.

 كما أن وقوف مشيخة العقل لدى الدروز السوريين إلى جانب هذا الحراك منحه الكثير من القوة، وهو ما أربك النظام الذي فشل في تطويقه من خلال الفعاليات الاجتماعية المرتبطة به. ودخل الحراك دائرة الاهتمام الغربي مع الشهور الأولى لانطلاقته، حيث تواصل العديد من السياسيين الغربيين مع الشيخ الهجري الذي يُنظر اليه باعتباره المحرك والقائد لهذا الحراك. وحاول النظام بشتى الطرق تشويه هذا الحراك لتطويقه، إلا أن المحتجين أكدوا منذ اليوم الأول تمسّكهم بوحدة سورية، ورفضهم أي محاولات تقسيم تحت عناوين مختلفة، وتمسّكهم بمبدأ تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية.