صادق البرلمان الجزائري، يوم الثلاثاء، على مسودة قانونين آثارا جدلاً لافتاً في الوسطين السياسي والنقابي بسبب تضمنهما قيوداً وتدابير وُصفت بالمتشددة إزاء النشاط النقابي وتقليص الصلاحيات الرقابية لنواب البرلمان لصالح الحكومة، حيث رفضت الأخيرة مطالب المعارضة والنقابات سحب مشروعي القانونين.
وصوت نواب البرلمان بالأغلبية على مسودة قانون يتعلق بممارسة الحق النقابي، دون تعديلات جوهرية على المسودة التي طرحتها الحكومة. ولم توافق لجنة الشؤون الاجتماعية سوى على أربعة تعديلات طفيفة من مجموع 56 تعديلاً اقترحه النواب. وقال وزير العمل يوسف شرفة خلال الجلسة إن "مشروع القانون سيؤطر العمل النقابي ويعزز دور المنظمات النقابية في الدفاع عن الحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية، ويسمح ببروز منظمات نقابية قوية في الساحة الوطنية ويدعم حرية العمل النقابي ويفعل دورها في الدفاع عن الحقوق الأساسية للعمال".
وتجاهلت الحكومة مطالب 31 نقابة مستقلة دعت إلى سحب المسودة، ووجهت بشأنها رسالة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لسحب مشروع القانون وتكليف الحكومة بصياغة مسودة جديدة بإشراك النقابات. واعتبرت النقابات أن قانون الحق النقابي، إضافة الى مسودة قانون الحق في الإضراب، الذي ستتم مناقشته الأسبوع المقبل "يتضمنان مساسا خطيرا وغير مسبوق بالحقوق والحريات النقابية". ونبهت إلى "مخالفتهما للدستور والاتفاقيات الدولية، ويقضي على الحريات النقابية والعمل النقابي"، مهددة بتصعيد الموقف في حال تمريرهما.
وفي نفس السياق صادق نواب البرلمان على مسودة قانون كان هو الآخر قد أثار جدلاً حاداً في البرلمان، يخص تنظيم العلاقة بين البرلمان بغرفتيه والحكومة. ومررت كتل الأغلبية البرلمانية مشروع القانون بثمانية تعديلات بسيطة قدمها نواب البرلمان من مجموع 36 تعديلاً، تم تجاهل أغلبها. وتضمن القانون الجديد صيغة جديدة للتصويت على مشاريع القوانين بالطريقة الإلكترونية للمرة الأولى، وتقرر تحديد مدة الدورة البرلمانية العادية في عشرة أشهر كحد أقصى.
واتهمت كتلة "حركة مجتمع السلم" (الجهة المعارضة الوحيدة في البرلمان) الحكومة بفرض منطقها على البرلمان، وصوت مجموع نوابها ضد القانونين. وأفاد بيان للكتلة أنها قررت "التصويت ضد القانون الناظم للعلاقة بين البرلمان والحكومة، ومشروع قانون ممارسة الحق النقابي". وقالت إن ذلك بسبب تضمنهما ما يشكل "مصادرة حقوق أقرها الدستور، ومخالفة الاتفاقيات الدولية التي أمضتها الجزائر، خاصة ما تعلق بحقوق المعارضة"، وبما يسهم في "تكريس التحكم والأحادية في إعداد مشروعي القانونين دون إشراك المعنيين من البرلمان والنقابات".
واعتبرت الكتلة المعارضة أن هذين القانونين، فيهما "تقييد للحريات وتكبيل دور النواب في التشريع والرقابة، والتضييق على ممارسة الحق النقابي"، وعبرت عن استيائها لرفض جل التعديلات والمقترحات التي تقدم بها نواب كتلتها البرلمانية.