3 سنوات على حكومة بنكيران في المغرب

02 يناير 2015
المعارضة تتهم الحكومة بالإخلال بالتزاماتها (مصطفى حبيس/الأناضول)
+ الخط -
مع مرور ثلاث سنوات على تنصيبها، طرح المراقبون تساؤلات عديدة حول مدى التزام الحكومة المغربية الحالية، التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، بتحقيق الشعارات التي رفعتها بمحاربة الفساد والاستبداد في جميع القطاعات السياسية والاقتصادية، خصوصاً أنّها لم تنجح بعد بتحقيق وعودها، متحجّجة أنّ العملية تتطلّب مراحل لا يجب حرقها.
لقد كان شعار "محاربة الفساد" هو ما رفعته حركة 20 فبراير في مسيراتها الاحتجاجية خلال حراك 2011، قبل أن يعلن العاهل المغربي محمد السادس، عن دستور جديد أعقبه انتخابات برلمانية أفضت إلى فوز الإسلاميين.
وفور تنصيب الحكومة في 3 يناير/كانون الثاني 2012 برئاسة عبد الإله بن كيران، من قبل الملك، بادرت إلى فتح ملفات اجتماعية واقتصادية، بهدف محاربة مظاهر الفساد فيها، ومنها حظر منح رخص النقل للميسورين، وحصر أملاك الدولة، وترشيد النفقات العمومية.
ويقول الباحث في العلوم السياسية، عبد الرحيم العلام، لـ "العربي الجديد" إنه "قبل ثلاث سنوات، وخلال خروج شباب 20 فبراير، رافعين شعار إسقاط الفساد والاستبداد، كان حزب "العدالة والتنمية" يخط برنامجه السياسي على وقع خطى مناصري الحركة الشبابية".
ويضيف أن "البرنامج الحزبي جاء زاخراً بشعارات الحراك، ومن أبرزها محاربة الفساد، لكن ليس بالوسيلة التي انتهجها شباب 20 فبراير، أي الاحتجاج في الشارع، وإنما عن طريق الانخراط في الإصلاح التدريجي في إطار ما سُمي ثورة الصناديق الانتخابية".

وبهدف تقييم عمل الحكومة خلال ثلاث سنوات، وضع رئيس الحكومة تقييماً لأداء حكومته في مجال الإصلاح ومحاربة الفساد، فقسم السنوات الثلاث على الشكل التالي: سنة أولى مخصصة للصبر، وثانية متسمة بإرباك الإصلاح من طرف الدولة العميقة، وثالثة ظهرت فيها حصيلة الحكومة.
واعتبر بن كيران أن حزب "العدالة والتنمية" "لم يأت لحرق المراحل السياسية، أو لكسب رهانات معينة، بقدر ما جاء للحكومة بهدف أداء دوره متمثلاً في إرساء الإصلاحات الممكنة، باعتبار أن هذا التوجه هو السبيل الوحيد المتاح لتنمية البلاد".
وأكّد بن كيران أن حكومته بادرت، منذ تعيينها قبل ثلاث سنوات، إلى سنّ إصلاحات في المجال الاقتصادي، ومن ضمن ذلك قدرتها على فتحها ملف ثقيل تهربت منه الحكومات السابقة، ويتعلق بصندوق المقاصة المخصص لدعم المواد الاستهلاكية، فضلاً عن محاربة الريع.
وفي هذا الصدد، يؤكّد القيادي في حزب "العدالة والتنمية"، عبد العزيز أفتاتي، لـ "العربي الجديد"، أن "محاربة الفساد لا يجب أن تكون مهمة حزبه لوحده، بل يتعين أن تكون مسؤولية كافة الأحزاب المؤلفة للحكومة، وأيضاً من مهام كافة مؤسسات البلاد".
ويعتبر أن الإصلاح طريقه طويلة وشائكة، ويتوقع أن "تواجهه قوى تضرّرت من خطوات الإصلاح ومحاربة الفساد، ليصبح الأمر تدافعاً بين من يعمل من أجل محاربة المفسدين، ومن يتعمد وضع العصا في عجلة الحكومة لإفساد مبادرات وقرارات الإصلاح".
غير أنّ المعارضة ترى أنّ الحكومة فشلت في محاربة الفساد، وبالتالي لم تستطع تنفيذ البرنامج الذي نالت على أساسه ثقة الناخبين المغاربة.
وتتهم الحكومة بأنها تنتهج أحد أسلوبين، إما أنّها تتبنى ملفات دشّنتها حكومات سابقة، من قبيل الدعم المالي للأرامل، أو أنّها تشرع في فتح ملفات ساخنة دون أن تكون لها قدرة على الاستمرار فيها إلى النهاية، وتلصق عجزها بـ "التماسيح والعفاريت".
ويستدل حزب "الاستقلال"، أحد أكبر أحزاب المعارضة، على فشل الحكومة في محاربة الفساد بما أسماه رفضها نشر لوائح مهربي الأموال إلى خارج البلاد"، وذلك وفق مطالب أحزاب المعارضة، رغم ما يحمله هذا التهريب من مخاطر كبيرة على الاقتصاد".
وانتقد حزب "الاستقلال" تقديم وزارة الاقتصاد والمالية لمقترح في قانون مالية سنة 2015 يتضمن بنوداً تشير إلى العفو عن مهربي الأموال إلى خارج البلاد، مشدداً على أن غض الحكومة الطرف عن مهربي الأموال يعتبر "ضرباً بمبدأ محاربة الفساد".
واتهم الحزب حكومة بن كيران بأنها أخلت ببرنامجها التعاقدي الذي نالت بموجبه ثقة المغاربة في الانتخابات التشريعية لسنة 2011، منتقداً ممارسة الحكومة "ضغطاً وابتزازاً لإصدار عفو عام عن مرتكبي جرائم فساد، بينما تتشدّد مع فقراء البلاد".
المساهمون