الشيشانيون يعودون إلى الجيش الروسي "انتقائياً"

07 أكتوبر 2014
دعوة الشيشانيين للخدمة العسكرية انتقائية (فيكتور دراشيف/فرانس برس)
+ الخط -
منذ إعلان الجنرال جوهر دوداييف استقلال الشيشان عن روسيا الاتّحادية، في أول مرسوم رئاسي أصدره بعد فوزه (بنسبة 90.1 في المائة) في 27 أكتوبر/تشرين الأول عام 1991، واحتلال قواته المباني الحكومية في العاصمة غروزني بالقوة، لتبدأ حرب الشيشان الأولى، حتّى بداية الشهر الحالي، كان الشباب الشيشانيون يُستبعدون من الخدمة في الجيش الروسي. لم يساقوا طيلة تلك الفترة إلى الخدمة الإلزامية في هذا الجيش الفيدرالي، على الرغم من أنّ روسيا أزهقت أرواح عشرات آلاف الشباب، لإبقاء الشيشان في عداد روسيا الاتحادية، ومنع تفكك البلاد الذي كان يمكن أن يبدأ من هناك.

وعلى الرغم من تبعيّة الشيشان لموسكو بالقوة، لكنها بقيت إلى درجة ما، خارج القوانين الروسيّة في بعض النواحي، خصوصاً ما يتعلّق بخدمة شبابها في الجيش الروسي، ملزمين أو متطوعين راغبين. فكل شيشاني مقاتل، هو انفصالي محتمل، ثم إرهابي، منذ تحوّل الشيشان الرسميّة إلى الطاعة الروسية بقيادة أحمد قاديروف الأب، ثم رمضان الابن، الذي عيّنه الكرملين مكان أبيه المغدور.

ولم تتردّد أسرة قاديروف في تشكيل قوى أمنيّة خاصة بالشيشان، من المقاتلين السابقين ضد روسيا، لتضمن بذلك سيطرتها على المقاتلين و قضاءها على البؤر التي عاندت حتى النهاية. وربّما انطلاقاً من حاجته لإثبات أنّه لم يعد هناك ما يخشاه الكرملين في الشيشان، ركّز رمضان قاديروف جهده في الفترة الأخيرة، لتأمين قبول الشباب الشيشانيين في عداد الجيش الروسي، وهو ما لم يكن الكرملين يأمنه إلى عهد قريب.

نتيجة هذه الجهود، وبدءاً من النصف الأول من الشهر الحالي، سيعود شباب الشيشان إلى الخدمة في صفوف الجيش الروسي، بعد إعفائهم أو منعهم من ذلك، على مدى أكثر من عشرين عاماً، لعدم الثقة بهم والخشية من تعاونهم مع المقاتلين الانفصاليين وغيرهم من "الإرهابيين".

وفي سياق متّصل، نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسيّة عن نائب رئيس هيئة أركان الجيش الروسي، فاسيلي تونكوشكوروف، دعوته "في إطار السوق الخريفي، وبناء على أمر رئيس روسيا الاتحادية، 154100 شاب إلى الخدمة العسكرية"، علماً أن بين المدعوين نحو 500 شاب شيشاني.
ويبدو أن الدعوة إلى الخدمة الإلزامية، فيما يخص الشيشانيين، ليست عامة بعد، لكن انتقائية، وثمة ترشيح لهذا "الشرف)". وأعلن المكتب الصحافي في الدائرة العسكرية الجنوبية أنّ "العاملين في القوميساريات العسكرية، يلاحظون الدرجة المهنية العالية عند المدعوين من الشيشان، إذ إن أكثر من ربع المرشحين يحملون شهادات جامعية عليا، وحوالي ربعهم من ذوي التعليم المتوسط، ولدى نسبة مقاربة منه رخص لقيادة السيارات".

يُذكر أنّ محاولة تمّت في بداية الألفين لتطبيق الخدمة الإلزامية على الشباب الشيشانيين، لكن تمّ التراجع عنها سنة 2005. تلا ذلك، في نيسان/أبريل 2009، رفع النظام الخاص بـ"عملية مكافحة الإرهاب" عن الجمهورية الانفصاليّة، والذي استمر منذ حرب الشيشان الثانية (1999)، التي حسمت أمر بقاء جمهورية الشيشان في عداد الاتحاد الروسي. وبالنتيجة، تمت إعادة بناء معظم أحياء مدينة غروزني التي دمّرتها الحرب، والتحق آلاف المقاتلين الانفصاليين السابقين بقوات أمن الجمهورية.

ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى الدور الخاص الذي لعبه قاديروف الأب ثم الابن، الذي كتب الأسبوع الفائت في مدوّنته على "إينستاغرام.كوم": "في الشيشان، عشرات آلاف الشباب مستعدون لأن يصبحوا عسكريين. لكن، ولأسباب غير مفهومة من قبل أحد وغير معلنة، لا تتمّ دعوتهم إلى الجيش". ولفت قاديروف إلى أن ذلك يحدث على الرغم من أنّ "الشعب الشيشاني صوّت في مارس/آذار 2003، للوحدة مع روسيا! وبالتالي، يجب أن يكون القانون واحداً للجميع. وإذا كانت هناك أسباب ينبغي إيضاحها كتابياً".
وأشار إلى تكليفه "أحمد جيراخانوف، وهو عقيد طيار، عيّنه قاديروف من وقت قصير قوميساراً عسكرياً في الجمهورية، العمل على الأمر والتوصّل إلى دعوة (الشباب) إلى الجيش".
وتثير خطوة الكرملين تساؤلات عدّة، عمّا إذا كانت تأكيداً على إغلاق ملف الشيشان الأمني، في وقت لا تزال فيه منطقة القوقاز تقلق روسيا، التي لا تفتأ تعلن بين حين وآخر عن عمليات ضد جماعات "إرهابية" هناك، وتكشف عن شبكات تمويل وتجنيد، خصوصاً مع تصاعد الدعوة "الوهابية"، واستقطاب مزيد من الشباب هناك، وانتقالهم من داغستان إلى مختلف أنحاء روسيا؟ أم أننا سنشهد في المرحلةالمقبلة تكليف موسكو للمقاتلين الشيشان بمهمات خاصة بعد إعلان رئيسهم رمضان قاديروف استعدادهم للقتال في أوكرانيا منذ بدء الأحداث؟