مبادرة السنوار غير المسبوقة يمكن أنّ تؤدي إلى تحريك لملف الجنود الإسرائيليين الأسرى، إلا أنّ صعوبات عدة تعترض مثل هذا الطرح، أبرزها الوضع السياسي المرتبك في إسرائيل وعدم وضوح رؤية "حماس" كاملة حول حل الملف. وكان رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية حذراً للغاية وهو يرد على أسئلة التلفزيون "العربي" مساء أول من أمس الجمعة بشأن القضية. وقال هنية إنّ حركته تلقت اتصالات من وسطاء حول مبادرتها بشأن إبرام صفقة تبادل أسرى مع اسرائيل، لكنه لم يقدم توضيحات ولا إجابات عن أسئلة دقيقة حول الأمر.
وملف الجنود الإسرائيليين الأسرى في غزة "حكر" على القيادة العسكرية لـ"كتائب القسام"، التي يمثلها في المكتب السياسي يحيى السنوار على وجه التحديد. وحتى التصريحات التي يصدرها المسؤولون المحليون لـ"حماس" عن الملف تكون دون تدقيق مسبق، ما يدفع غالبية قادة الحركة إلى رفض التصريح في الموضوع. ولم يحدث أي اختراق في هذه القضية حتى الآن رغم مرور أسبوعين، وكان بالإمكان التحرك في هذا الملف والتقاط مبادرة السنوار، لكن ذلك لم يبدأ بعد. وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد" أن "حماس" بادرت بإرسال توضيحات عامة حول مبادرة السنوار لعدد من الوسطاء في روسيا والأمم المتحدة، وتلقت اتصالات من مصر حول الأمر، وكلها اتصالات ومحاولات "توضيحية فقط، ولم تدخل في صلب الملف حتى الآن". وطلبت "حماس" من المتحدثين باسمها وقيادييها عدم "الإسهاب" في الحديث الإعلامي عن الملف، لتأثيره بالأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وذويهم خارج السجون والمعتقلات، فمثل هذا البحث الاعلامي يمكن أن يؤدي إلى إرهاق وقلق لدى الأسرى وذويهم.
غير أنّ مبادرة السنوار تختلف عن فكرة التبادل الشامل بين إسرائيل و"حماس" كالتي جرت في عام 2011 والتي أفرج بموجبها عن 1027 أسيراً وأسيرة فلسطينية مقابل الجندي المحتجز في غزة جلعاد شاليط. فالطرح الذي قدمه قائد "حماس" في غزة منذ البداية كان بقالب "إنساني" فقط، وهو لا يعني الوصول إلى صفقة تبادل شاملة في وقت قريب، إضافة إلى شروط "حماس" السابقة التي لن توافق عليها إسرائيل بسهولة. ووضعت "حماس" علناً في أوقات مختلفة عدة شروط للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين الأربعة، وعلى رأس هذه الشروط الإفراج عن محرري صفقة "وفاء الأحرار" في عام 2011، الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم في الضفة الغربية المحتلة، وعددهم يقارب السبعين.
ولم يشكل ذوو الأسرى الإسرائيليين في غزة ضغطاً حقيقياً على حكومتهم لأجل إطلاق أبنائهم، وهو ما يجعل الحكومة الإسرائيلية مرتاحة نسبياً في التعامل مع الملف، إضافة إلى إصرار إسرائيل على القول إنّ جنديها وضابطها اللذين اعتُقلا في عدوان 2014 ميتان، وحديثها الدائم عن المعتقلَين الآخرين بأنهما مرضى عقليين. ولا يُتوقع أنّ تكشف "حماس" تفاصيل كثيرة عن الإسرائيليين المحتجزين لديها إذا ما وافقت إسرائيل على البدء الفعلي في بحث ملف التبادل الأولي، لأنها ستكون قد خسرت نقطة قوية لصالحها في مفاوضات التبادل الشاملة إذا ما هي كشفت عن تفاصيل يمكن أن تؤثر بمسار البحث المقبل. ورغم كل ذلك، وضعت مبادرة السنوار الوسطاء والاحتلال أمام استحقاق طال انتظار البدء فيه، وحرك المياه الراكدة في الملف المتوقف. ويمكن إذا ما مارس الإسرائيليون داخلياً الضغط على حكومتهم ونجح الوسطاء في فهم عرض "حماس"، أنّ يتقدّم الملف ويُنجَز.