9 سنوات على حكم هادي: مخرج الطوارئ الذي قاد اليمن نحو المجهول

22 فبراير 2021
احتفاء خجول بذكرى وصول هادي للرئاسة (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -

خلافا للأعوام السابقة، لم تشهد الذكرى التاسعة لوصول الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى سدة الحكم في اليمن احتفالات واسعة في الإعلام الرسمي، حتى إن غالبية المؤيدين للشرعية في وسائل التواصل الاجتماعي تطرقوا إلى الحدث منتقدين أداء هادي.
وزاد الصمت المطبق، الذي اتبعه هادي إزاء هجوم جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) على مأرب، من مشاعر النقمة في الشارع اليمني ضد طريقة إدارة للحكم، وجعل المناسبة تمر بشكل عابر. فهادي، الذي أجمع اليمنيون قبل 9 سنوات على اختياره رئيساً توافقياً بعد انتخابات صورية لم ينافسه فيها أحد؛ سرعان ما خيب الآمال التي انعقدت عليه بنقل الشعب إلى يمن جديد يزيح عنهم بؤس الحكم البائد لسلفه علي عبد الله صالح، إذ يعتبر كثر أنه قاد البلاد إلى نفق أشد عتمة مما كانت عليه.
ويبرز هادي، وهو في منتصف العقد السابع من العمر، كحالة فريدة في تاريخ زعماء العالم، وذلك بعد أن أتم عامه السادس في المنفى، في مقابل 3 سنوات فقط مارس فيها مهامه من داخل القصور الرئاسية في الأراضي اليمنية، وذلك منذ أن تم انتخابه في 21 فبراير/ شباط من العام 2012.
ومنذ الانقلاب الحوثي على السلطة في سبتمبر/أيلول 2014، ومطاردته إلى عدن لاحقاً، يتخذ الرئيس هادي من العاصمة السعودية مقراً مؤقتاً لحكمه، وطيلة السنوات الست الماضية، نفّذ زيارات محدودة إلى عدن، التي أعلنها عاصمة مؤقتة للبلاد بعد وقوع العاصمة صنعاء في قبضة جماعة الحوثيين المدعومة إيرانياً.
ويُتهم الرئيس اليمني، الذي يعاني من مرض في القلب ويخضع لفحوصات سنوية منتظمة منذ 10 سنوات في مدينة كليفلاند الأميركية، من قبل مراقبين بأنه يغيب عن المشهد في أحلك اللحظات التي تكون البلاد في أمس الحاجة إلى قائد حقيقي يتصدى للانقلاب الحوثي. كما توجه له انتقادات بأنه سلّم مقاليد الأمور إلى مجموعة من المنتفعين يعملون على مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والعسكرية، وعلى رأسهم أولاده.

وتعاقبت على سنوات حكم هادي التسع 5 حكومات قادها محمد سالم باسندوة وخالد محفوظ بحاح وأحمد بن دغر، فيما قاد الرئيس الحالي للحكومة معين عبد الملك آخر حكومتين منذ أواخر 2018 وحتى الآن.
احتفاء خجول
وباستثناء تغريدة من جزأين دوّنها وزير الإعلام والثقافة في الحكومة الشرعية معمر الإرياني، خلت وسائل الإعلام الحكومية من أي برقيات أخرى اعتاد رؤساء الحكومة والبرلمان والشورى وهيئة الأركان على التبارز فيها مع حلول كل ذكرى سنوية.
واعتبر وزير الإعلام أن ذكرى انتخاب هادي، التي حلّت أمس الأحد، "تذّكر بجذر المعركة المصيرية مع مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من ايران، بين الديمقراطية وسلطة الشعب وحقه في اختيار من يحكمه، وبين الكهنوت وإدعاء الحق الإلهي في الحكم والتسلط على رقاب اليمنيين".

ودعا الإرياني كافة اليمنيين "إلى الالتفاف حول الرئيس والتمسك بالشرعية وتوحيد الجهود لمواجهة العدو الحقيقي المتمثل بمليشيا الحوثي"، التي تعيش على الخلاف بين بعض المكونات الوطنية، لافتا إلى أن الذكرى "فرصة تاريخية سانحة لمراجعة أخطائنا وتوحيد جبهتنا الوطنية"، في إشارة للخلافات بين القوى المناهضة للانقلاب الحوثي.
ويحرص بعض المسؤولين العسكريين على استغلال الذكرى في كيل المديح للرئيس هادي، ونشر الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية، مساء الأحد، سلسلة برقيات من قيادات ثانوية ضمت مستشارين ووكلاء للوزارة، وصفت فترة سنوات حكمه التسع بـ"الحكيمة"، وقالت إنه "لم يدخر جهدا في تعزيز التضامن وتضافر كل الجهود الوطنية وتوحيد الفعاليات السياسية والعسكرية والاجتماعية تحت قيادته".
ولا تبدو تلك التوصيفات دقيقة على أرض الواقع، بعد إخفاق الرئيس هادي في احتواء كافة القوى المناهضة للحوثيين تحت مظلة الشرعية، كما أن معركة الدفاع عن "الشرعية" لم تعد الهاجس الرئيسي للمنخرطين في جبهات القتال ضد الحوثيين، وخصوصا رجال القبائل في مأرب، وفقا لمصادر عسكرية لـ"العربي الجديد".
وقالت المصادر إن الرئيس هادي أظهر عدم الجدية في معركة مأرب، وإن رجال القبائل يقاتلون الحوثيين دفاعاً عن أراضيهم فقط من عدوان غاشم وليس دفاعاً عن شرعية هادي.
وشن الكاتب والمحلل السياسي اليمني أحمد الزرقة هجوماً على الرئيس هادي ونائبه، واعتبر أن صمتهما عن معركة مأرب يعود إلى "شلل في الضمير".

ويرى مراقبون أن الرئيس هادي يفتقر إلى مقومات القائد الفعلي للحرب ضد الحوثيين، ويعمل على إطالة أمد الحرب خشية على مصالحه في حال تم إقرار أي حل سياسي للأزمة.
ويتمسك هادي بما تسمى بـ"المرجعيات الثلاث" كأساس لأي حل سياسي، وهي القرار الأممي 2216 والمبادرة الخليجية التي حلّت محل الدستور في العام 2011 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في صنعاء خلال العام 2013.
ومنحت هذه النصوص هادي صفة الرئيس الشرعي المنتخب الذي لا يمكن تجاوزه، لكن التوجه الحالي للإدارة الأميركية الجديدة قد يعيد، من خلال مبعوثها إلى اليمن تيم ليندركينغ، إحياء "خريطة كيري" التي طرحها وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري أواخر العام 2016 لحل الأزمة المعقدة في اليمن.

وتنص خريطة كيري، التي رفضها هادي بشكل مطلق، على تعيين نائب رئيس جمهورية يكون هو صاحب القرار في تكليف شخصية وطنية بتشكيل حكومة وحدة جديدة يشارك فيها الحوثيون، والانسحاب من المدن.
وفي مقابل الانتقادات الواسعة التي توجه للرئيس هادي وطريقة إدارة الحكم، يرى آخرون أن غيابه عن المشهد في الوقت الراهن سيقود البلاد إلى مزيد من التشرذم، باعتباره حقق بعض الإنجازات رغم الإرهاصات الكبيرة التي شهدها اليمن، وعلى رأس ذلك التصدي للمشروع الانفصالي الطاغي منذ ظهور ما يسمى بـ "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً. 

المساهمون