انطلاق الجمعية العامة للأمم المتحدة: غزة و"داعش" أولويّة

17 سبتمبر 2014
بان كي مون أشاد بجهود مكافحة الارهاب(أندرو برتن/Getty)
+ الخط -

شغلت ثلاثة تحرّكات رئيسية، متعلّقة بالشرق الأوسط، مقرّ الدورة التاسعة والستين للجمعيّة العامة للأمم المتحدة، التي افتتحت أعمالها، أمس الثلاثاء، تمثّل أولها بإحاطة أمام مجلس الأمن، تلاها مؤتمر صحافي للمنسّق الخاص لعمليّة السلام في الشرق الأوسط، روبرت ساري، الذي تناول الوضع في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن الملفّات المتعلّقة بالوضع في العراق وسورية ومحاربة "الدولة الإسلامية" (داعش)، والقضيّة الفلسطينيّة، ومحاربة وباء إيبولا، ستشكّل أبرز القضايا التي ستبحثها الجمعيّة العامة، الأسبوع المقبل.

وعكس التحرّك الثالث، تمثّل بإحاطة سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سامنثا باور، التي تترأس بلادها الدورة الحالية لمجلس الأمن والمستمرة حتى نهاية الشهر الحالي، سُلّم أولويات الولايات المتحدة، لا على صعيد الجمعيّة العامة الأسبوع المقبل فحسب، بل أيضاً خلال الأشهر المقبلة.

من جهته، شدّد ساري على أهميّة إعادة إعمار قطاع غزة، والتوصّل إلى اتفاقيّة سلام وإنهاء الاحتلال. وقال في هذا الصدد: "نأمل أن تكون إعادة إعمار غزة الخطوة الأولى في سبيل رفع الحصار كليّاً".

ورفض التعقيب على ما إذا كانت المهلة التي حددها الفلسطينيون بثلاث سنوات لإنهاء الاحتلال واقعيّة، مكتفياً بالردّ: "كثيرٌ من المهل تمّ تحديدها في هذه القضية، وموقفي واضح: إن لم نعالج مسألة السلام وإنهاء الاحتلال، فأيّ خطوات نقوم بها، بما فيها ما توصلنا إليه أخيراً، (إعادة إعمار غزة)، لن تكون إلا وسيلة أخرى لإطالة الاحتلال القائم".

ووصف ساري الدمار الذي شاهده في غزة، خلال زيارته الأسبوع الماضي، بإشارته إلى أنّ "مستويات التدمير للبنية التحتيّة والمستشفيات والمدارس في غزة صادمة، وأحياء كبيرة تقبع تحت الركام".

ولفت إلى تقديرات حول تدمير 18 ألف منزل بشكل كامل أو شبه كامل، وتشريد 100 ألف فلسطيني في القطاع، يعيش 65 ألفاً منهم في ملاجئ تابعة لـ"الأونروا"، في حين تعرض 111 مبنى ومركزاً تابعاً للأخيرة إلى أضرار.

وأفاد بمقتل أكثر من 2100 فلسطيني، أغلبهم من المدنيين، بمن فيهم 500 طفل و250 امرأة، إضافة إلى 11 عاملاً في طواقم لـ"الأونروا"، فيما قتل في الجانب الإسرائيلي، 66 جنديّاً وستة مدنيين، بمن فيهم طفل وشخص أجنبي، بحسب ممثل الأمين العام.

وأكد ساري حثّ الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية، للدول المانحة والمستثمرين، على تقديم معونات واستثمارات لإعادة إعمار غزة تقدر بـ550 مليون دولار.

وفي هذا الصدد، من المقرّر أن يُعقد مؤتمر للمانحين في الثاني عشر من الشهر المقبل، في القاهرة، بدعم نرويجي، على أمل توفير مبدئي لهذه الأموال.

وأوضح أن آليات إعادة الاعمار والمواد التي سيُسمح بإدخالها، "ستكون تحت مراقبة الأمم المتحدة"، وقال إنّها "لن تقتصر على مواد البناء فقط، بل نريد دعم القطاع الخاص في غزة"، الذي وصفه بـ"الحيوي والهام" للنهوض بالقطاع.

وأشار إلى أنّه سيعلن تفاصيل أكثر عن خطته، خلال الأيام المقبلة، يجري حاليّاً التشاور حولها، على أن تكون الصورة أوضح خلال اجتماع الأسبوع المقبل.

ورفض الأمين العام والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، في إحاطات منفصلة، الدخول في تفاصيل حول مسودة قرار يعمل عليها الجانب الفلسطيني، ومن المفترض أن تضع إطاراً زمنيّاً محدداً لإنهاء الاحتلال، على أساس حلّ الدولتين. وركز كل منهما على أهميّة المساعدات الإنسانيّة.

وبدا أنهما متفقان على أمور عدة أخرى، من ضمنها رفض التعليق على مدى قانونيّة ضرب الولايات المتحدة مناطق تنظيم "داعش" في سورية، في إطار "مكافحة الإرهاب"، في حال استخدمت روسيا حق النقض "الفيتو"، ضد قرار من المتوقّع التصويت عليه الأسبوع المقبل.

وبدا لافتاً تأكيد الأمين العام أنّه لا يريد استباق الأمور والتعليق على ما إذا كانت الولايات المتحدة والتحالف الدولي، يحتاجان إلى قرار صادر عن مجلس الأمن. واكتفى بالإشادة بالجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، متحدثاً عن "داعش" ومحاربتها في العراق.

وجاء رد السفيرة الأميركية، في مؤتمرها الصحافي، على المسألة ذاتها، شبه مطابق، إذ أكّدت أنّها "لا تريد استباق الأمور".

في سياق متصل، يُعقد، بعد غد الجمعة، اجتماع خاص في مجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية والسفراء، حول العراق، لمناقشة خطر تنظيم "داعش" ومحاربة الإرهاب، يحضره كل من وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ومبعوث الأمم المتحدة إلى العراق، نيكولاي ملادنوف.

وقالت السفيرة الأميركية: إنّ الاجتماع سيُعقد على شكل مداولات مفتوحة، بحيث تتمكّن كل الدول المعنيّة، إضافة إلى الدول غير الأعضاء في مجلس الأمن، من تقديم مداخلتها وتصوراتها عن الوضع.

وأشارت إلى وجود أكثر من ٤٠ مداخلة، تقدّمها إما دول متأثرة بالوضع بصورة ما، أو معنيّة بتقديم مساعدة اقتصاديّة، وأمنيّة وإنسانية. ورأت أن الاجتماع سيشكل "فرصة لتظهر هذه الدول وحدتها ودعمها لرئيس الوزراء العراقي المنتخب، حيدر العبادي، ولتقدم دعمها للعراقيين في جهودهم للعمل مع المجتمع الدولي ومحاربة "داعش" والتعامل مع الأزمة الإنسانية الناتجة من ذلك".

ومن المتوقّع أن تتناول اجتماعات الجمعية العامة، قضايا مركزية أخرى، من بينها الملف النووي الإيراني، والجهود الدوليّة في المشاكل الناتجة من تغيّر المناخ، وكذلك في محاربة وباء إيبولا.

وفي خطوة غير معتادة، يخصص مجلس الأمن جلسة خاصة، غداً الخميس، لتوحيد الجهود ونقاش السبل حول مكافحة الوباء وتبني قرار عن مجلس الأمن حوله. وهذه المرّة الثالثة في تاريخ مجلس الأمن، التي يتبنّى فيها قراراً يتعلق بوباء أو وضع صحي. وسبق أن قام بخطوتين مماثلتين، عامي 2000 و2011، في إطار مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز".

المساهمون