إدلب: النظام يريد جبل شحشبو والمعارضة تتوقع معركة كبرى

06 يونيو 2019
القصف على إدلب تصاعد أخيراً (عبد العزيز قطاز/فرانس برس)
+ الخط -

لم تختلف الصورة أمس الأربعاء في ريفي حماة وإدلب عن الأيام الأخيرة، فوتيرة القصف الجوي والمدفعي من قبل قوات النظام السوري وروسيا على مدن وبلدات الريفين لم تهدأ، مع استخدام سياسة "الأرض المحروقة"، التي تستهدف كل مظاهر الحياة في المنطقة، في مسعى لتمهيد الطريق أمام القوات المُهاجمة، لمواصلة قضم مناطق المعارضة على مراحل، في ظل تأكيد مصادر عسكرية في فصائل المعارضة أن جبل شحشبو الاستراتيجي في سهل الغاب هو الهدف المقبل لهذه القوات، إضافة إلى مدن وبلدات في ريف إدلب لها أهمية خاصة في الصراع. وأكدت المصادر أن المعركة الكبرى مع قوات النظام والجانب الروسي لم تبدأ بعد.

وواصلت طائرات النظام الحربية قصفها على مدن وبلدات في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، وذكر المرصد السوري لحقوق للإنسان أنها "نفذت صباح الأربعاء أكثر من 12 غارة على أماكن في خان شيخون وترملا والشيخ مصطفى وأريبنة وكرسعة بالقطاع الجنوبي من الريف الإدلبي". وأشار إلى أن "قوات النظام استهدفت بأكثر من 280 قذيفة صاروخية أماكن في كفرسجنة وترملا الفقيع وشهرناز والهبيط وترملا والشيخ مصطفى ومناطق أخرى ضمن القطاع الجنوبي من ريف إدلب، إضافة إلى مدن وبلدات مورك وكفرزيتا واللطامنة والزكاة ولطمين بريف حماة الشمالي". وأكد ناشطون إعلاميون محليون مقتل وإصابة مدنيين بينهم نساء وأطفال، جراء غارة من الطيران الروسي على منازل المدنيين استهدف بلدة كفرعويد في ريف إدلب الجنوبي. ووسّعت قوات النظام النطاق الجغرافي المستهدف بقذائفها وصواريخها، فقصفت أمس بالمدفعية محيط بلدة الزربة في ريف حلب الجنوبي، الذي تسيطر فصائل المعارضة السورية على جانب مهم منه ويتعرض بين وقت وآخر لقصف جوي من مقاتلات النظام والطيران الروسي.

وأكد "المركز الإعلامي العام" في مدينة معرة النعمان في تقرير له مقتل 32 طفلاً و71 امرأة، إضافة إلى 180 مدنياً في محافظة إدلب ومحيطها خلال شهر مايو/ أيار الماضي وحده. وكشف التقرير أن "طائرات النظام شنّت 1206 غارات على شمال غربي سورية، والطيران الروسي شنّ 794 غارة"، مشيراً إلى أن "هذه الطائرات قصفت المنطقة بـ 2034 برميل متفجرات وألغام بحرية و350 قنبلة فوسفورية و39600 ما بين قذيفة وصاروخ، ما أدى إلى تدمير 21 مركزاً طبياً و8 مستشفيات و17 مسجداً و23 مدرسة". ولا يكاد يمر يوم من دون صدور إحصائيات موثقة تظهر فداحة المأساة في شمال غربي سورية، الذي يضم نحو 4 ملايين مدني جراء القصف الجوي والمدفعي الذي لم ينقطع منذ أكثر من شهر، من دون اكتراث من قبل المجتمع الدولي.

وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن "قوات النظام والطيران الروسي يتّبعان سياسة الأرض المحروقة لتدمير كل مظاهر الحياة في ريفي حماة وإدلب لتمهيد الطريق أمام مليشيات النظام للتقدّم البري لقضم المزيد من مناطق المعارضة المسلحة في الريفين". ورجّحت المصادر أن "يكون هدف النظام انتزاع السيطرة على جبل شحشبو في سهل الغاب من أجل السيطرة النارية على كامل السهل، لحماية ظهر قوات النظام وحلفائها في حال التقدّم باتجاه مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي".

وتنبع أهمية جبل شحشبو في ريف حماة الشمالي من امتداده بين ريف حماة الشمالي الغربي وريف إدلب الجنوبي الغربي، و"من يسيطر على هذا الجبل يستطع إسقاط منطقة سهل الغاب نارياً"، وفق قيادي في فصائل المعارضة في ريف حماة الشمالي.



من جهته، جزم قائد العمليات في جيش "العزة"، أبرز فصيل تابع للجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي، العقيد مصطفى البكور، بأن "جبل شحشبو هدف قوات النظام المقبل"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد" أن "مدينتي جسر الشغور وخان شيخون هدفان محتملان لتقدم الروس والمليشيات في ريفي حماة وإدلب". وأشار إلى أن "المعركة الكبرى مع قوات النظام والجانب الروسي آتية قريباً"، واصفاً ما يجري منذ أكثر من شهر بـ"معركة كسر عظم".

وكانت قوات النظام قد سيطرت على 18 بلدة وقرية في مناطق ريف حماة الشمالي والغربي منذ بدء حملتها العسكرية على شمال غربي سورية الخاضع لسيطرة المعارضة، عقب فشل الجولة الأخيرة من محادثات مسار أستانة أواخر إبريل/ نيسان الماضي.

وتراجعت فصائل المعارضة عن بلدات وقرى في ريف حماة هي: جنابرة، وتل عثمان، وجابرية، وتل هواش، وتويه، وشيخ إدريس، وكفرنبودة، وقلعة المضيق، والتوينة، والشريعة، وباب طاقة، والحمرة، والحويز، والمهاجرين، والكركات، والمستريحة، والخالدي والحرداني. كما خسرت المعارضة قرى في ريف إدلب الجنوبي، أبرزها القصابية التي كانت بحكم الساقطة عسكرياً ومن الصعب الدفاع عنها، حسبما أفاد مصدر في فصائل المعارضة السورية.

ومنذ خروجها عن سيطرة قوات النظام في عام 2015 ومدينة جسر الشغور الواقعة على نهر العاصي هدف مباشر لهذه القوات التي تحاول منذ أكثر من شهر التقدم باتجاهها من محور الكبانة في جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، إلا أنها فشلت في ذلك على الرغم من عشرات المحاولات. وتبعد مدينة جسر الشغور نحو 50 كيلومتراً عن مدينة إدلب.

وأشارت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جسر الشغور مهمة للنظام وللمعارضة المسلحة لكونها البوابة إلى ريف اللاذقية الشمالي. ولا تزال المعارضة تنتشر في قسم من جبل الأكراد. كما أن المدينة هي خط الإمداد الرئيسي إلى منطقة سهل الغاب وريف إدلب الغربي". ولفتت المصادر إلى أن "قوات النظام وروسيا تضغط من أجل السيطرة على مدينة جسر الشغور لأسباب عديدة، إذ إن انتزاع السيطرة على جسر الشغور يعني تلاشي الخطر على النظام في الساحل السوري، معقل نظام الأسد البارز، وعلى قاعدة حميميم العسكرية الروسية في ريف اللاذقية".

كذلك تعد مدن مهمة عدة في ريف إدلب الجنوبي هدفاً لقوات النظام، التي تحاول إخضاع كامل هذا الريف لسلطتها، لأن الطريقين الدوليين اللذين يربطان مدينة حلب بالساحل السوري ومدينة حماة يمران عبر هذا الريف. ومن هذه المدن خان شيخون التي تبعد نحو 70 كيلومتراً عن مدينة إدلب، ونحو 100 كيلومتر عن مدينة حلب، و35 كيلومتراً عن مدينة حماة. وتنبع أهمية المدينة للنظام من كون طريق حلب كبرى الشمال السوري-حماة (ام 5) والذي يتفرع منه طريق دولي آخر إلى اللاذقية (ام 4)، يمر من هذه المدينة التي قصفها النظام في إبريل 2017 بغاز السارين فقتل ما لا يقل عن مائة شخص، بينهم 25 طفلاً، وجرح أكثر من 400 مدني.