فلسطين في متاهات المحكمة الجنائية الدولية

23 يناير 2015
محاكمة الاحتلال قد تصطدم بمجلس الأمن (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -
مع انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية وتوقيعها على نظام روما الأساسي في 2  يناير/كانون الثاني الجاري، بدأت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، في 16 من الشهر الجاري دراسة أولية للحالة في فلسطين، وذلك بموجب إعلان الأخيرة قبولها اختصاص المحكمة في التحقيق في الجرائم االمرتكبة في فلسطين، ومن ضمنها القدس الشرقية، منذ 13 يونيو/حزيران 2014.

وأوضح مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية، ردّاً على أسئلة "العربي الجديد" أن "فلسطين كانت قد تقدّمت في الماضي بموجب إعلان أُودع بحسب المادة 12(3) في 22 يناير/كانون الثاني 2009، بطلب للتحقيق في الجرائم. وبعد بحث دام لأكثر من ثلاث سنوات من قبل المحكمة الجنائية، خلصت إلى قرار عام 2012، يقضي بأن فلسطين لم يكن بإمكانها أن تودع إعلاناً وتُدخل نفسها في نطاق المعاهدة"، بمعنى آخر تم رفض الطلب الفلسطيني. وهدر المدعي العام للمحكمة الجنائية آنذاك، مورينو أوكامبو، ثلاث سنوات في المشاورات والمماطلة، إلى أن اتخذ قراراً برفض الطلب بحجة أن فلسطين لم تكن "دولة" ولذلك لا تستطيع أن تنضم لمعاهدة روما.

ورفض مكتب المدعية تحديد مدّة زمنية يحتاج إليها مكتب المحكمة للتحقيق في جرائم الاحتلال، أو إن كان التحقيق سيبدأ فعلاً، مما يثير شكوكاً حول إمكانية المماطلة كما حصل سابقاً. لكن الفارق أن فلسطين يحق لها طلب التحقيق، كما يحق للمحكمة أن تقبل ذلك.


وحدد الطلب الفلسطيني المدّة التي يريد أن يتم التحقيق فيها وهي تبدأ من 13 من يونيو/حزيران من العام الماضي. وقال مصدر دبلوماسي فلسطيني مطلع في نيويورك، فضل عدم نشراسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تحديد هذه المدّة يعود إلى أن الفلسطينيين يرغبون باتخاذ خطوات صغيرة، قبل النظر في جرائم ارتكبت في أوقات سابقة". وأكد أن القرار بهذا الشأن "يعود بنهاية المطاف إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن الصعب أحياناً معرفة الأسباب التي أخذ الرئيس بموجبها قرارته".

وحول إمكانية طلب الفلسطينيين التحقيق في جرائم ارتكبت قبل قبول الجمعية العامة بفلسطين "كدولة" في 29 نوفمبر/تشرين الثاني، قال مكتب المحكمة إنه "عند قبول فلسطين بقانونية المحكمة الجنائية، أشارت إلى تاريخ 13 يونيو/حزيران 2014. وهو تاريخ يسبق قبولها في الجمعية العامة "كدولة مراقبة غير عضو" في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. وهذا التاريخ يحدّد قدرة فلسطين على الانضمام لنظام روما الأساسي وقبولها اختصاص المحكمة الجنائية".

غير أن قانونيين لا يتفقون مع هذا الرأي، إذ وجّه أكثر من 150 محامياً وخبير قانون دولي واستاذ جامعة رسالة إلى المحكمة الجنائية، طالبوها فيها بفتح تحقيق فوري في انتهاكات حقوق الإنسان أثناء الحرب الأخيرة على غزّة. وأكّدوا في رسالتهم أنّ المدعية العامة لا تحتاج من فلسطين أن تتقدّم بطلب جديد للمنظمة وللمحكمة، لأنها كانت قد تقدمت بهذا الطلب مسبقاً في عام 2009. وبرر القانونيون، وهم من الجامعات البريطانية، مناشدتهم بأن "الطلب الفلسطيني الذي تم رفضه لم يزل ساري المفعول بموجب البند 12 من نظام المحكمة، وخصوصاً أن هناك أدلة دامغة تؤكد جرائم إسرائيل، قامت منظمات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق إنسان فلسطينية برصدها".

ولا تزال مسألة نظر المحكمة الجنائية الدولية أو عدمه في جزء من الجرائم التي ارتكبت في فلسطين في بدايتها، وهي مفتوحة على كل الاحتمالات. وفي حال توصلت المحكمة إلى أن هناك ما يكفي من الأدلة والمواد للشروع بتحقيقها، فإن عملها يمكن أن يتوقف بموجب البند الـ16 من نظام روما ومفاده بأنه "لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة، بموجب النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهراً بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى، يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها". وهذا يعني أن مجلس الأمن يمكنه، في حال قررت المحكمة الجنائية أن هناك ما يكفي من الأدلة للبدء بالتحقيق، وقف ذلك لمدة سنة قابلة للتجديد.