دخلت مشاورات تشكيل حكومة المناصفة اليمنية بناء على اتفاق الرياض شهرها الخامس، وسط انسداد تام رغم الضغوط السعودية المكثفة على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وبناء على آلية تسريع اتفاق الرياض الأخيرة، أصدر الرئيس اليمني قراراً في 29 يوليو/ تموز الماضي، بتكليف معين عبد الملك بتشكيل حكومة الشراكة الجديدة بالمناصفة بين الشمال والجنوب، خلال 30 يوماً، لكن ذلك لم يتحقق بعد مرور 4 أشهر.
وبعدما ظلّ تنفيذ الشق العسكري والأمني لاتفاق الرياض، قبل الإعلان عن الحكومة، هو العقدة الرئيسية خلال الأشهر الماضية، يدور الخلاف في الوقت الراهن حول الحقائب السيادية التي تم الاتفاق على أن تكون من حصة الرئيس هادي، وفقاً لما كشفه مصدر حكومي لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء.
ومنح الاتفاق الرئيس اليمني 4 حقائب سيادية من إجمالي 24؛ هي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية، فيما ستؤول باقي الحقائب لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" وأحزاب "التجمع اليمني للإصلاح" و"المؤتمر الشعبي العام" و"التنظيم الوحدوي الناصري" و"الحزب الاشتراكي اليمني"، ومكونات حضرموت والمهرة و"الائتلاف الوطني الجنوبي".
وقال المصدر الحكومي، وقد طلب عدم الكشف عن هويته، إنّ الخلاف الذي يحول دون الإعلان عن تشكيل الحكومة حالياً، يتمحور حول الحقائب السيادية الخاصة بالرئيس هادي، بعد الاتفاق على توزيع الحقائب بين باقي المكونات.
وأشار المصدر إلى أن السعودية أبدت تحفظات على الأسماء التي أوكل إليها هادي الحقائب السيادية، وطلبت منه تغييرها وطرح أسماء متوافق عليها من كافة المكونات وكذلك الوسطاء.
منح اتفاق الرياض الرئيس اليمني 4 حقائب سيادية من إجمالي 24؛ هي الدفاع والداخلية والخارجية والمالية
وتعترض السعودية بدرجة رئيسية على قرار هادي بإسناد حقيبة الداخلية لرجل الأعمال النافذ ونائب مدير مكتب الرئاسة الحالي، أحمد صالح العيسي، وهو الموقف ذاته لدى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً، الذي ينظر للعيسي كخصم سياسي وخصوصاً بعد تشكيله لما يسمى بـ"الائتلاف الوطني الجنوبي" الذي ينازع المجلس على التمثيل السياسي لمدن الجنوب.
وأكد المصدر أنّ الرئيس اليمني كان قد قدّم تنازلات في ما يخص تأجيل الشق العسكري من اتفاق الرياض إلى ما بعد الإعلان عن الحكومة بناء على ضغوط وضمانات سعودية بالتنفيذ لاحقاً، لكنه يريد في المقابل تمرير الأسماء المقربة منه لتقلّد الحقائب السيادية.
وكان نائب رئيس البرلمان اليمني، عبدالعزيز جباري، قد اتهم السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالتدخل في مسألة اختيار وزراء الحقائب السيادية، بعد قيامه سابقاً بتسمية رئيس الحكومة، في إشارة إلى معين عبد الملك، المقرب منه.
ويبدو أنّ مخاض تشكيل الحكومة سيمتد لفترة إضافية في ظل الانسداد الحاصل والضغوط السعودية على هادي بضرورة تغيير الأسماء المقترحة لتقلد الحقائب السيادية.
ووفقاً لمصادر، فإنّ الرئاسة اليمنية، إذا ما رضخت لضغوط الوسطاء السعوديين في مسألة تغيير الوزراء، فإنها ستعود مجدداً وتتمسك بضرورة تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، وتطبيع الأوضاع في جزيرة سقطرى.
وانعكس التعثر الحاصل في تشكيل الحكومة على الأوضاع الاقتصادية في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، حيث انهارت العملة المحلية إلى مستويات قياسية، بعد تدهور أسعار الصرف إلى 880 ريالاً للدولار الواحد، وفقاً لمصرفيين ومتعاملين لـ"العربي الجديد"، فضلاً عن ارتفاع قياسي في أسعار السلع الغذائية.
ومنذ توقيعه قبل أكثر من عام، عجزت السعودية عن تطبيق اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً و"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا، رغم طرح عدد من النسخ المعدلة لآلية التنفيذ.
وضغطت الرياض على الشرعية أواخر يونيو/ حزيران الماضي بتقديم الشق السياسي وذلك بتكليف معين عبد الملك بتشكيل الحكومة، وتعيين أحمد حامد لملس من حصة "الانتقالي الجنوبي" محافظاً لعدن، وأحمد الحامدي مديراً للشرطة فيها، لكن الانفصاليين رفضوا تمكين الأخير من ممارسة مهامه، بعد مرور 4 أشهر على صدور قرار تعيينه.