دوفيلبان يهاجم موقف فرنسا ويدعو إلى معاقبة إسرائيل

01 اغسطس 2014
اعتبر دوفيلبان أن صوت فرنسا كان "ساكتاً" (مصطفى حسونة/الأناضول/Getty)
+ الخط -

هل تلقى الأصوات والصرخات التي أطلقها من أجل غزة، أطباء وفنانون ورياضيون وكتاب ومسؤولون سابقون آذاناً صاغية؟ سؤال يشغل الأوساط الفرنسية، التي تتابع عن كثب الأوضاع الخطيرة، بسبب صور المجازر المريعة التي لا تتوقف، وفيلم الرعب الذي لا ينتهي، وكذلك معاناة الأطفال وقتلهم.

لا يفهم كثر الخانة التي وضعت فرنسا نفسها فيها، لا بل يطرحون الأسئلة، عما اذا كانت الأزمة الفرنسية نابعة من "أزمة ضمير، أم عجز، أم سوء معالجة منذ البداية". ويؤكدون أن "الأولوية اليوم تتلخّص برفع الصوت عالياً لوقف المجازر".

صرخة رئيس الوزراء السابق، دومينيك دوفيلبان، الغاضبة، كانت مختلفة قليلاً عن تصريحات المسؤولين الفرنسيين، ووضعت الاصبع على الجرح، وأثارت سيلاً من ردود الفعل. فقد انصرف دوفيلبان الى كتابة مقال طويل، أعرب فيه عن "قلقه حيال صوت فرنسا، في مواجهة دائرة العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

ورأى "أن رفع الصوت أمام المجزرة في غزة اليوم، هو واجب على فرنسا، وأنه آن الأوان للكلام، وتقديم الأفعال، ورؤية حجم المأزق الذي وجدت فرنسا نفسها فيه، من خلال موقعها وتحالفاتها، المؤيدة للجوء الى القوة". وأضاف "آن الأوان لوقف وحجب الأكاذيب وإلغاء الحقائق". وتساءل "هل حدث ذلك بسبب وجود أزمة ضمير، أم مصلحة غير مبررة، أم خوفاً من لغة القوة، أم تنازلاً ما؟". وحذّر من أن "صوت فرنسا كان ساكتاً كل هذه الفترة. الصوت الذي جعل (الرئيس الفرنسي السابق شارل) ديغول، يتحدث عشية حرب الأيام الستة (نكسة 1967)، والصوت عينه الذي جعل (الرئيس الفرنسي السابق) جاك شيراك، يتحدث بعد الانتفاضة (الفلسطينية الثانية 2000 - 2005)".


وتوقف وزير الخارجية السابق عند موقف الرئيس فرانسوا هولاند، منذ بداية المجازر، واعتبر "أنه كيف يمكن أن نفهم اليوم دعوة فرنسا الى الانضباط، وهي تعرف مسبقاً أن الأطفال يُقتلون؟ وكيف يمكن فهم موقف فرنسا الممتنع عن التصويت على التحقيق الدولي، حول جرائم الحرب التي ارتُكبت من قبل الجانبين؟".

وتساءل دوفيلبان أيضاً "كيف يمكن فهم أول ردّ فعل لفرنسا ورئيسها، الذي أيّد فيه، بشكل مطلق، السياسة الأمنية الاسرائيلية". واعتبر أن "فرنسا تواجه مأزقاً في نظري، بسبب هذه التحالفات ودعم اللجوء الى القوة".

وأشار المسؤول الفرنسي السابق الى أنه لا "يُمكن بناء سلام يستند الى أكاذيب، ومن أجل ذلك، هناك واجب يترتّب علينا في مواجهة الحقيقة، وفي استخدام كل كلمة تُقال. لأن كل كلمة هي مفخخة، وكذلك بالنسبة إلى الاتهامات التي تُوجّه وتُستخدم".

وأكد دوفيلبان أنه "لا يوجد في القانون الدولي بند يمدح في الاحتلال، أو في ارتكاب المجازر". ودعا الى "ضرورة اتخاذ مواقف شجاعة من هذه التصريحات"، مشيراً الى أن "الحق الوحيد يكمن في تحقيق السلام، الذي ينطبق على جميع الشعوب". ولفت الى أن "الأمن الذي تُطالب به اسرائيل اليوم، يحصل بشكل معاكس للسلام، وموجّه ضد الشعب الفلسطيني. وهذه الاستراتيجية الأمنية المخيفة، تدفع الفلسطينيين الى العذاب والظلم المخيف، وتُصبح معها اسرائيل دولة عنصرية ومستبدة". وتابع "لا يوجد اليوم خطة للسلام، ولا مشروع، وكل ما طُرح دُفن، وهناك ضرورة للعودة الى البداية".

وكتب دوفيلبان: "لا يوجد شريك في فلسطين، لأن أنصار السلام تم تهميشهم من خلال سياسة الحكومة الاسرائيلية، كما لا يوجد شريك في السلام في اسرائيل، لأن معسكر السلام اقتصر على الصمت والتهميش. وهذه الاستراتيجية المجنونة، تدمّر المنطق الداعي للتوصل الى حل قائم على دولتين، وهي تشكّل الحلّ الوحيد".

وتناول المسؤول الفرنسي السابق، في مقاله، مناخ الشارع الاسرائيلي، وشدّد على أن "إذعان الشعب الاسرائيلي هو أكبر خطر لما يجري". ووصف الأجواء ومواقف اللاعبين على الساحة الدولية بـ"المحبطة بسبب فشل الخطط ودفنها"، وقلّل من أهمية اللجنة الرباعية. وجزم أن "هناك حالة يأس في أوروبا وفي سياستها المستندة إلى دفع الشيكات وبناء المباني الفلسطينية، التي تُقصف اليوم، وستُقصف غداً مجدداً. وفي المقابل، تمنح الولايات المتحدة ملياري دولار سنوياً لاسرائيل، لتمويل القنابل التي تقصف المباني".

وختم دوفيلبان مقاله، مطالباً بـ"فرض بعض التعديلات لتكون كفيلة بتغيير المعادلة، ومنها ضرورة إحداث صحوة في المجتمع الاسرائيلي، وفرض عقوبات عليه، لوضعه أمام مسؤولياته التاريخية قبل فوات الأوان". ورأى أن على "هذه العقوبات أن تمرّ عبر التصويت في مجلس الأمن، وإصدار قرار يدين تصرّف اسرائيل، وعدم احترامها القرارات السابقة، وعدم احترامها للحق الانساني وحق الحرب. وهذا يعني عملياً فرض عقوبات اقتصادية موجهة ومتدرجة، خصوصاً بالنسبة إلى النشاطات المرتبطة بعمليات في غزة، ونشاطات المستوطنات".

وقال "يجب وقف المجازر واللجوء الى القضاء الدولي، ومن أجل ذلك آن الأوان لإعطاء حق لطلب الفلسطينيين باللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية، التي تبقى اليوم أفضل ضامن للقانون الدولي. هذه طريقة من أجل وضع الأراضي الفلسطينية تحت الحماية الدولية. كما يجب إرسال قوة الى غزة، الضفة، والقدس الشرقية، قوة سلام يمكنها حماية المدنيين".

على صعيد آخر، دعت المنظمات "من أجل سلام عادل ودائم بين الفلسطينيين والاسرائيليين" في فرنسا، الى التظاهر لإدانة العدوان الاسرائيلي ورفع الحصار غير الشرعي والمجرم ضد غزة.

هذا التجمع الذي دعت اليه 50 جمعية من أحزاب ونقابات كانت وراء تنظيم تظاهرة الأسبوع الماضي، وضمّت 15 ألف شخص وجرت في أجواء سلمية.

المساهمون