3 رسائل للمعارضة التونسية من تظاهرات ذكرى الثورة: اتفاق على الأهداف ينتظر مبادرة

15 يناير 2023
من الوقفات الاحتجاجية في تونس بذكرى الثورة (العربي الجديد)
+ الخط -

ترى المعارضة التونسية أن نجاح مسيرة أمس السبت، 14 يناير/كانون الثاني، والتقاء الفرقاء لإحياء عيد الثورة والمطالبة بـ"إسقاط الانقلاب" هما رسالة حول توحد الشارع السياسي حول الأهداف نفسها، في انتظار التوافق حول مبادرة لتجاوز الأزمة. واتفقت كل تقييمات المشاركة، الوطنية والأجنبية، على أن عدد المشاركين في مسيرات أمس السبت قُدر بالآلاف.

وقال القيادي في جبهة الخلاص رضا بلحاج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الرسالة الأولى هي أن الشعب التونسي ما زال متمسكا بـ14 يناير عيداً للثورة، ويفسرها نزول كل الأطياف من الأحزاب والمجتمع المدني والمنظمات، والرسالة الثانية أن جبهة الخلاص هي المكون الأساسي في المشهد السياسي اليوم بمسيرتها الضخمة".

وتابع أن "الرسالة الثالثة هي ضعف قيس سعيّد وتهاوي منظومة الانقلاب من خلال نزول معارضيه إلى الشارع بكثافة، وهو ما يؤكد أن منظومة 25 يوليو الانقلابية تتهاوى"، وشدد على أن "الشارع السياسي والمدني يتقارب حول الهدف، حتى لو لم يكن هناك تنسيق بين هذه الأطراف، فالخطر الملموس، بعد سنوات من حرية التعبير والتظاهر وتزايد الشعور بالخطر، يجعلها تلتقي حول حماية الديمقراطية ووضع حد للاستبداد والتفرد بالرأي والتعدي على الحريات العامة والفردية". 

وقال القيادي بحركة النهضة بدر الدين عبد الكافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "سعيّد قال منذ سنة مضت إنه لن يوجد شخص واحد يخرج ليحتفل بذكرى الثورة في العام القادم، ولكن بإصرار المناضلين كنا مجدداً في شارع الثورة وغلبنا أحلام المنقلب الشعبوية الذي أراد طمس تاريخ ثورة تونس بجرة قلم".

وتابع بدر الدين: "رغم كل التضييقات ومحاولات ثني المواطنين عن المشاركة في المسيرة، تم تحقيقها بلوغاً إلى شارع بورقيبة في مسيرة بالآلاف"، وأكد أن "أولى خطوات تحقيق أهداف الثورة هو تجاوز قوس الانقلاب البغيض في تاريخ تونس، وهذا النجاح تزامن مع التقاء الطيف السياسي الواسع حول الاحتفال في 14 يناير، وهو ما عجز عليه خلال السنة الماضية".

وشدد على أن "هذا النجاح هو مؤشر على قرب تحقيق الهدف، فالرأي العام قال كلمته في انتخابات 17 ديسمبر/كانون الأول، ولكن الشارع الاجتماعي ما زال متردداً، ولم يلتق مع السياسي، رغم وضوح رسالته برفض الانقلاب".

وأفاد بأن "التقاء السياسيين حول خريطة طريق ما زال بعيداً، رغم المؤشر الإيجابي بالتقائهم في نفس شارع الثورة واحتفالهم بهذه الذكرى، وكان خطابهم موحداً رفضاً للانقلاب والعمل على إسقاطه، ولكن ما زالت خطوات أخرى من أجل تقارب المعارضة حول برنامج يكثف نضالاتهم ويسرع في نسقها واتفاقهم حول خريطة طريق مشتركة، وهي تفاعلات منتظرة في الأسابيع القادمة". 

واعتبر نائب رئيس حزب العمل والإنجاز أحمد النفاتي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "أهم رسالة هي نزول كل العائلات السياسية إلى الشارع رافعة نفس الشعارات والمطالب، وهي إغلاق قوس الانقلاب والعودة إلى الشرعية والخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية"، مضيفاً أن "المعارضات كانت مختلفة على مستوى الأجسام، ولكنها متوحدة على مستوى الأهداف، وهذا ما يجب البناء عليه مستقبلاً، فرغم منع السلطة المتظاهرين القادمين من الجهات وعلى مستوى الطرقات الكبرى، فإن عدد المتظاهرين كان محترماً".

وبين أن "حزب العمل والإنجاز قام بالعديد من اللقاءات مع مختلف الأحزاب ولم يجد صعوبات باعتبار تقارب قراءة مختلف الأطراف للوضع الاقتصادي والاجتماعي، وخصوصاً الإجماع حول فشل خريطة طريق سعيّد التي ترجمتها نسب المشاركة في الانتخابات".

وتابع النفاتي بأن "إغلاق قوس الانقلاب أصبح قناعة عند الجميع، أحزاباً ومنظمات، ونلاحظ أن كل الأحزاب قدمت مبادرات تشترك في خطوطها العريضة وتختلف في بعض التفاصيل التي تحتاج تقريب وجهات نظر".

وبيّن عضو المكتب السياسي لائتلاف الكرامة منذر بن عطية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تظاهرات البارحة كانت شعبية وبأعداد غفيرة ووجهت رسائل متعددة، أُولاها لقيس سعيّد ومضمونها أن الشارع لا يملك منه شيئاً وقد فقده إلى الأبد، وهو الذي فشل وأتباعه في عدة مناسبات في التحشيد ولو بألف شخص، وقاطعه الشعب في مسرحية الانتخابات ولم نر مع قيس في الشارع حشوداً إلا حشود الحرس الرئاسي".

وتابع بأن "الرسالة الثانية للشعب الذي ذاق الأمرين من الوضع الاقتصادي والاجتماعي وانهيار مقدرته الشرائية وحرمانه من المواد الأساسية، ومفادها أنه عليك بالنزول وانتزاع حقّك بلا خوف لأن الحقوق لا تهدى في ظل الأنظمة الاستبدادية".

أما "الرسالة الثالثة فكانت للخارج الذي يدعم هذا المسار الانقلابي التخريبي، ومفاد الرسالة أن حصانكم الذي راهنتم عليه حصان خاسر وفاشل، ولن يقدر حتى على إكمال السباق، وسيهتز عرشه قريبا حين ينزل كل الشعب التونسي ويعتصم مطالبا برحيله عاجلا غير آجل"، حسب قوله.

واعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري محمد الجلاصي، في تعليق لـ"العربي الجديد"، أن "هناك اتفاقاً حول ضرورة تجاوز الانقلاب وإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تخيم على البلاد"، مبيناً أن "الحل يكمن في الحوار بين مختلف مكونات الطيف السياسي حتى يتم وضع تصور ومبادرة إنقاذ". وتابع الجلاصي بأن "التظاهر والاحتجاج حق مكفول ومهم، ولكن تجب صياغة بديل اقتصادي واجتماعي لتجاوز الوضع المتأزم".

من جهته، قال أمين عام حزب التيار الديمقراطي، نبيل حجي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "14 يناير هو عيد الثورة وعيد ميلاد الحريات في تونس، ومن المهم الاحتفال بهذه الذكرى والتشبث بالحرية ولا نسمح لأحد أن يصادر هذا المكتسب"، مشدداً على أن "النجاح لا يرتبط بعدد المشاركين ولا بالتاريخ ولا بالشعارات، بل إن النجاح يكون بالنهايات وببلوغ النتيجة".

ورأى أن "المعارضة التي خرجت بشتى أنواعها وفي شتى أماكن الاحتجاج متفقة ومتقاطعة في أن الوضع خطير جداً ومتأزم جداً اجتماعياً واقتصادياً، ومن الناحية السياسية هناك رفض لوضع سعيد كل السلطات والمؤسسات تحت يديه"، وشدد على أن "نجاح التحرك يكمن في مواصلة التحركات والضغط حتى يتراجع قيس سعيد أو كما يقول هو فإن الشعب التونسي يسحب منه الوكالة".

وأضاف حجي "أنه من البديهي النزول يوم 14 يناير للاحتفال، سواء أحزاب الحكم أو المعارضين، ففي أي ديمقراطية سليمة تكون المعارضات مختلفة، فما يوحد المعارضة هي المطالب وليس التنسيق بينها وتلك ظاهرة صحية، فلا نحتاج للنزول في تحرك مشترك، وليس هناك فارق في النتيجة إذا نزلت الأحزاب في شارع الحبيب بورقيبة في تحرك مشترك أو دعت إلى تجمعات بشكل منفرد وقد رفعت شعارات احتجاج متقاربة لإنهاء الحكم الفردي".  

وبين حجي "أن المعارضات متفقة اليوم على ضرورة رحيل قيس سعيد، وبعد ذلك على كل حزب أن يقنع التونسيين برؤيته وتصوره والشعب يختار عبر صندوق الاقتراع" مشيراً إلى أن "المعارضات لم تتحد سابقاً، وبالتالي كيف ستتوحد اليوم، كل طرف عليه أن يحترم حق الآخر في النضال، واليوم مطالبنا مشتركة ومستقبلاً كل طرف عليه أن يقنع برؤيته، وأن يكون في تونس 3 أو 4 معارضات أفضل من أن تتوحد فتفقد مناضليها".

وبين أمين عام التيار أن "الضغط السلمي متواصل ومسيرة الأمس أيقظت سعيد من "نشوة" المساندة الشعبية الكبيرة له، وقد بان له أن الشعب متململ، وقد بدا على سعيد الارتباك والفشل عند نزوله للشارع في 13 يناير، ولأنه يحس يوماً بعد يوم بفقدان الميزة الوحيدة التي كانت لديه وهي مساندة الناس، وشعبيته تسقط ورقة بعد ورقة".

المساهمون