الكويت: 27 شخصية سياسية تطالب بالطعن في حكم "الدستورية" بإبطال مجلس الأمة 2022

01 ابريل 2023
يأتي الحكم في ظل تجدد التوترات بين البرلمان المنتخب والحكومة (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

تتواصل ردود الأفعال المتفاوتة في الكويت، على حكم المحكمة الدستورية القاضي بإبطال مجلس الأمة (البرلمان)، المُنتخب أخيراً في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، وعودة مجلس 2020 المنحلّ، التي تعكس حالة عامة من الارتباك في المشهد السياسي في البلاد، نتيجة حجم الصدمة الكبيرة التي تلقاها الشارع الكويتي جرّاء الحكم، كان آخرها بيان لـ27 شخصية سياسية طالبت بالطعن في حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس الأمة 2022.

وقضت المحكمة الدستورية، في 19 مارس/ آذار الماضي، بـ"إبطال عملية الانتخاب في الدوائر الخمس برمتها، وبعدم صحة عضوية من أُعلن فوزهم فيها"، وذلك بسبب "بطلان حلّ مجلس الأمة، وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، التي جرت على أساسها هذه الانتخابات"، وعليه استعاد مجلس 2020 المنحلّ كل صلاحياته الدستورية، على أن يستكمل مدته الباقية كأن الحلّ لم يكن.

وفي وقت مبكر من صباح اليوم السبت، أصدرت 27 شخصية سياسية، من بينها نوّاب في مجلسي 2020 و2022، ونوّاب سابقون، وناشطون سياسيون، بياناً، طالبوا من خلاله الحكومة بالطعن في حكم المحكمة الدستورية بإبطال مجلس الأمة 2022.

ومما جاء في البيان: "الواجب يحتم على مجلس الوزراء أن ينبري فوراً ويسعى سعياً حثيثاً وجاداً، مستنفراً كل الأجهزة القانونية لإيجاد المخرج من تداعيات هذا الحكم القاضي ببطلان إجراءات إنفاذ قرار الأمير والوفاء بعهده الكريم لشعبه الوفي".

وأضاف: "نطالب مجلس الوزراء القيام بأسرع وقت باتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية اللازمة نحو الطعن في هذا الحكم بالوسيلة القانونية التي تضمن تلافي آثاره، من أجل الحفاظ على هيبة الحكم (إمارة الدولة)، ومكانته في النفوس واستقرار الثقة به، وغلق كل باب فتنة لزعزعة هذه المكانة في قلوب الكويتيين، وعدم صرف أنظارهم إلى مراكز يعتقدون أنها أضحت أقوى من مؤسسة الحكم".

واعتبر البيان أن حكم المحكمة الدستورية "جاء صادماً للجميع"، وانتقد الحكم "لما تضمنه من سقطات قانونية وزلات دستورية، بشهادة أصحاب الشأن من الخبراء الدستوريين، الذين لم تجتمع كلمتهم من قبل كما اجتمعت على عدم مواءمة هذا الحكم لنصوص الدستور والقانون، وأنه قد تجاوز بمنطوقه حدود ولاية المحكمة الدستورية وصلاحياتها".

وحمّل البيان المسؤولية للحكومة "أمام الله تعالى أولاً، ثم أمام سمو الأمير والشعب الكويتي ثانياً، وأمام التاريخ ثالثاً، في تنفيذ هذا القرار الأميري، والوفاء بهذا العهد الأبوي من سمو الأمير لشعبه الوفي".

وشدد على أن "المسؤولية الدستورية والسياسية والأخلاقية والتاريخية عليهم كبيرة جداً، تفوق كل الواجبات المنوطة بهم، لأن هذه المسؤولية ذات صلة بهيبة الحكم وصلاحيات الحاكم بصورة مباشرة، فواجب على مجلس الوزراء عدم السماح لأي كان في الوقوف حائلاً دون تنفيذ قرارات الأمير ورغباته السامية وإمضاء عهوده والوفاء بوعوده".

وموقِّعو البيان هم النوّاب السابقون: خالد السلطان، وبدر الداهوم، ووليد الطبطبائي، وعبد اللطيف العميري، والوزير السابق محمد براك الهيفي.

ووقّع البيان من النوّاب في مجلسي 2020 و2022، ممثلو "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، وهم حمد المطر، وأسامة الشاهين، وعبد العزيز الصقعبي، إلى جانب كل من النوّاب فارس العتيبي، ومبارك الحجرف، ومحمد الحويلة، ومحمد المطير، والصيفي مبارك الصيفي.

ووقّع البيان من مجلس الأمة 2022 المُبطل، كل من حمد العبيد، وخالد الطمار، وعبد الوهاب العيسى، وعادل الدمخي، ومحمد هايف المطيري، وعبد الله الأنبعي، ومحمد المهان.

وشارك في توقيع البيان أيضاً عدد من الناشطين السياسيين، هم: فواز الجدعي، وفهيد الهيلم، وحمد العليان، ونامي حراب المطيري، وجمال الساير، وأحمد سعد العازمي، وماجد عوض الجارد.

وحول ذلك، يرى المحامي محمد المطيري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الحكومة لها الحق في رفع دعوى بطلان حكم المحكمة الدستورية، وذلك لكونها مختصمة في الحكم"، وأضاف: "سبق أن رُفعت دعاوى بطلان أحكام المحكمة الدستورية أمام المحكمة الكلية في مسائل مختلفة".

وأشار المطيري إلى أنه "لا جدوى من التقدم بالتماس إلى ذات المحكمة، لأنها وفق المعطيات السياسية والقانونية بنَت عقيدتها ورأيها في الحكم"، ودعا إلى "عدم الالتفات إلى هذا الحكم، واعتباره منعدماً ولا وجود له كأن لم يصدر، لكونه تضمن عناصر انعدامه في حيثياته ومنطوقه، وأرى أن يعود مجلس الأمة 2022 إلى مباشرة أعماله وعقد جلساته".

واعتصم العشرات من المواطنين الكويتيين، في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين الماضي، في "ساحة الإرادة" أمام مبنى مجلس الأمة، وسط العاصمة الكويت، احتجاجاً على حكم المحكمة الدستورية، ورفعوا شعارات ترفض عودة البرلمان المنحلّ، وهتفوا: "ارحل ارحل يا مرزوق"، في إشارة إلى مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة 2020 العائد بحكم المحكمة الدستورية.

وكان الغانم قد شكّل تحالفاً مع رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، ساهم بشكل رئيسي في تصاعد وتيرة الأزمة السياسية في الكويت بين الحكومة والبرلمان، التي أدت في نهاية المطاف إلى إطاحة حكومة الشيخ صباح الخالد وحلّ البرلمان.

وحُلّ مجلس الأمة 2020 رسمياً، في 2 أغسطس/ آب الماضي، من قِبل أمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، بعد أن أعلن ذلك في 22 يونيو/ حزيران الماضي، عبر خطاب ألقاه نيابةً عنه وليّ العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ما فتح مساراً جديداً في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أنهى الشلل التام في البلاد وانسداد أفق الحلول السياسية.

ومنح أمير الكويت في خطابه ضمانات عديدة، منها "عدم التدخل في خيارات الشعب لممثليه في مجلس الأمة المقبل"، وأكّد إجراء الانتخابات بعد "إعداد الترتيبات القانونية اللازمة لذلك".

وأُبطل مجلس الأمة لأول مرة في يونيو/ حزيران عام 2012، بعدما كانت تسيطر أغلبية معارضة على تركيبة البرلمان المُنتخب في فبراير/ شباط من ذات العام، بنحو 40 عضواً، في رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ البلاد، والثاني في الشهر نفسه من عام 2013، في ظل مقاطعة المعارضة الانتخابات، احتجاجاً على نظام الصوت الواحد الذي طُبّق لأول مرة في انتخابات مجلس ديسمبر/ كانون الأول 2012، وسجّل بسبب المقاطعة أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات البرلمانية الكويتية.