أعلنت السلطات الأوكرانية، الخميس، أن ضربة روسية على محطة للقطارات، أمس الأربعاء، أوقعت 22 قتيلاً على الأقل بعد مرور ستة أشهر على بدء غزو روسيا لأراضيها، فيما قالت موسكو إنها قتلت أكثر من 200 جندي أوكراني خلال هذه الضربة.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالته اليومية: "تشابلينو هي ألمنا اليوم. حتى هذه اللحظة هناك 22 قتيلاً، بينهم خمسة احترقوا داخل سيارة. قضى فتى يبلغ 11 عاماً دمّر صاروخ روسي منزله"، في إشارة إلى المدينة الواقعة في وسط أوكرانيا.
وكان زيلينسكي قد تحدّث في وقت سابق في كلمة وجّهها لمجلس الأمن عبر الفيديو عن "هجوم صاروخي روسي على محطة للسكك الحديد في منطقة دنيبروبتروفسك" أوقع 15 قتيلاً على الأقلّ ونحو 50 جريحاً.
وأضاف أنّ الضربة كانت "مباشرة على العربات في محطة تشابلينو. اشتعلت النيران في أربع عربات لنقل الركاب". وتابع الرئيس الأوكراني: "هرع رجال الإنقاذ إلى المكان لكن عدد القتلى قد يرتفع للأسف. هذه هي حياتنا اليومية".
من جهتها، قالت روسيا اليوم الخميس، إنها قتلت "أكثر من 200 جندي أوكراني" في قصف استهدف الأربعاء محطة للسكك الحديدية في وسط أوكرانيا.
وأفادت وزارة الدفاع الروسية في بيان، بأن صاروخ إسكندر "أصاب بشكل مباشر قطارًا عسكريًا في محطة تشابلينه في منطقة دنيبروبتروفسك، مما أسفر عن مقتل أكثر من 200 جندي من احتياطي القوات المسلحة الأوكرانية" بالإضافة إلى تدمير معدات عسكرية.
بدوره، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الأربعاء مرور ستة أشهر على الحرب في أوكرانيا "محطة مفصلية حزينة ومفجعة".
وقال غوتيريس أمام مجلس الأمن: "يمثّل اليوم محطة مفصلية حزينة ومفجعة بعد ستة أشهر من غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط". وندّد بـ"عواقب هذه الحرب العبثية، خارج حدود أوكرانيا"، مجدّداً "قلقه العميق" إزاء الأعمال العسكرية حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
وأضاف أنّ "أيّ تصعيد آخر للوضع قد يؤدّي إلى التدمير الذاتي"، فيما التقى مديري الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي والوكالة الذرية الروسية روساتوم أليكسي ليخاتشيف في إسطنبول لمناقشة بعثة تفتيش لتفقد المحطة.
بسط السيطرة
وفي روما، ندّد البابا فرنسيس مجدّداً بـ"جنون الحرب" ودعا الأربعاء إلى "تجنب خطر وقوع كارثة نووية في زابوريجيا"، محطة الطاقة النووية في وسط أوكرانيا التي تتبادل موسكو وكييف الاتهامات بشأن تعريضها للخطر.
بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر الفيديو أمام مجلس الأمن الدولي الأربعاء إن على روسيا "وقف الابتزاز النووي دون قيد أو شرط" و"الانسحاب التام" من محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
وشدّد على وجوب أن "تبسط بعثة وكالة الطاقة الدولية في أسرع وقت ممكن سيطرتها على الوضع بشكل دائم".
وكان زيلينسكي قال في وقت سابق: "لا يهمّنا جيشكم، لا تهمّنا إلا أرضنا. سنقاتل من أجلها حتى النهاية"، موضحاً أنّ الأمر يتعلّق بـ"أوكرانيا كلّها (...) من دون أيّ تنازل أو تسوية" بما في ذلك حوض دونباس (شرق) الذي يسيطر عليه جزئياً الانفصاليون المدعومون من موسكو منذ 2014، وشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في العام نفسه.
وفي مبادرة رمزية لإظهار الدعم الغربي، أجرى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء زيارة إلى كييف حيث حيّا "الإرادة القوية للأوكرانيين في مقاومة" الغزو الروسي"، وهو ما قال إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لم يفهمه".
مهاجمة مراكز صحية
بعد ستّة أشهر على الحرب وسقوط عشرات الآلاف من القتلى والدمار الهائل، فإنّ ذكرى الاستقلال الذي حصلت عليه البلاد في العام 1991، لم تشهد احتفالات.
وحيّا زيلينسكي وزوجته الجنود الأوكرانيين الذين قتلوا في المعارك بالتزام دقيقة صمت ووضع أكاليل بلوني العلم الأوكراني، الأصفر والأزرق، في نصب تذكاري في وسط كييف قبل حضور تجمع حاشد في كاتدرائية آيا صوفيا شارك فيه قادة الطوائف الدينية الرئيسية.
وحظرت سلطات كييف حيث أطلقت صفارات الإنذار المضادّة للطائرات في الصباح، كلّ التجمّعات العامة من الإثنين إلى الخميس في العاصمة، بينما فرض حاكم خاركيف (وسط الشرق) حظر تجوّل من مساء الثلاثاء إلى صباح الخميس.
وفي الساعات الأولى من يوم 24 أغسطس/ آب، سمع دوي انفجارات في مدن عدة مثل خاركيف (شمال شرق) وزابوريجيا ودنيبرو (وسط)، حسب السلطات المحلية.
وقال ميكولا، وهو جندي يبلغ 33 عاما في ميكولايف، وهي مدينة في جنوب البلاد تطلق عليها الصواريخ يوميا: "من المحزن القول إن الناس بدأوا يعتادون على ذلك ويحاولون الاستمرار في العيش بالطريقة نفسها".
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية الأربعاء، إن حوالى 500 هجوم استهدفت مراكز صحية في أوكرانيا خلال الأشهر الستة الأولى من الغزو الروسي ما أودى بحياة 98 شخصا على الأقل.
واشنطن تندّد بعزم موسكو على محاكمة أسرى الحرب في ماريوبول
في شأن آخر، ندّدت واشنطن، أمس الأربعاء، بعزم موسكو على إنشاء محاكم في ماريوبول التي سيطرت عليها القوات الروسية في مايو/أيار، لمحاكمة المدافعين عن المدينة الأوكرانية الذين وقعوا في قبضة الجيش الروسي أسرى حرب، مؤكّدة أنّ مثل هكذا محاكم "غير شرعية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إنّ "هذه المحاكمات الصورية المقترحة غير شرعية وتمثّل استهزاء بالعدالة ونحن ندينها بشدّة".
وأضاف في بيان أنّ موسكو تهدف إلى "صرف" انتباه المجتمع الدولي عن "الفظائع، التي ارتكبها الجيش الروسي في أوكرانيا" منذ بدأ بغزو هذا البلد في 24 فبراير/ شباط.
وتابع: "يحقّ لجميع أفراد القوات المسلّحة الأوكرانية، بمن فيهم المتطوّعون الأوكرانيون والأجانب، الحصول على وضع أسرى حرب إذا وقعوا في الأسر، وتجب معاملتهم وحمايتهم بموجب هذا الوضع، وفقاً لاتفاقيات جنيف".
ودعا المتحدّث الأميركي في بيانه موسكو إلى "احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي".
وكانت الأمم المتّحدة أعربت الثلاثاء عن قلقها إزاء احتمال إنشاء محاكم مخصصة لمحاكمة أسرى الحرب في ماريوبول، مشيرة إلى أنّ القانون الدولي يحظر إنشاء محاكم مخصّصة فقط لمحاكمة هؤلاء الأسرى.
وقالت الناطقة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامداساني: "نشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأنّ روسيا الاتحادية والمجموعات المسلّحة التابعة لها في دونيتسك تخطّط - ربّما في الأيام القليلة المقبلة - لمحاكمة أسرى حرب أوكرانيين في إطار ما يوصف بأنه محكمة دولية في ماريوبول".
وأضافت: "نذكّر بأنّ القانون الإنساني الدولي يحظر إنشاء محاكم تهدف فقط إلى محاكمة أسرى الحرب، وبأنّ حرمان أسير حرب عمداً حقّه في محاكمة عادلة ونظامية يمثّل جريمة حرب".
وإذ لفتت المتحدثة إلى أنّ القليل من التفاصيل متوفر حول ما تصفه موسكو بأنّه "محكمة دولية"، أشارت إلى أنّ صوراً ومقاطع فيديو نشرت في وسائل إعلام وعبر مواقع للتواصل الاجتماعي أظهرت ما يبدو أنّه أقفاص معدنية - مخصّصة لوضع المحتجزين أثناء المحاكمات - يتمّ بناؤها في قاعة ماريوبول الفيلهارمونية.
(فرانس برس)