على الرغم من عدم وجود ما ينص على جواز إجراء انتخابات مبكرة في الدستور العراقي قبل انقضاء مهلة البرلمان الحالي التي تنتهي في الربع الأول من عام 2022، إلا أن موجة الاحتجاجات الشعبية العارمة التي شهدتها البلاد في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وما رافقها من جدل سياسي فتحت الباب واسعاً أمام الحديث عن إجراء انتخابات مبكرة العام المقبل.
هذا الأمر تعهد به رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي عند عرض برنامجه الحكومي خلال جلسة البرلمان لمنح الثقة لحكومته. وقال الكاظمي أمام البرلمان إن من أولويات حكومته إجراء انتخابات مبكرة بعد استكمال قانون الانتخابات من قبل السلطة التشريعية، مبيناً أن حكومته ملتزمة بتأمين المتطلبات المالية واللوجستية والأمنية لإجراء العملية الانتخابية ضمن التوقيتات الزمنية المحددة بكل شفافية ونزاهة وعدالة في التنافس.
وأيد هذا الطرح رئيس الجمهورية برهم صالح الذي شدد في برقية التهنئة للكاظمي على ضرورة إكمال استحقاقات الإصلاح والانتخابات النزيهة.
كما دعا رئيس تيار "الحكمة"، عمار الحكيم الحكومة إلى "الالتزام بما ألزمت به نفسها في برنامجها الحكومي، والتهيئة لانتخابات مبكرة تتسم بالشفافية والنزاهة كما أوصت المرجعية الدينية"، مطالبا في بيان بـ "ملامسة هموم المواطنين لا سيما المتظاهرين السلميين، وتحقيق مطالبهم المشروعة".
شرطان لإجراء الانتخابات
يشار إلى أن الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت قبل أكثر من 7 أشهر طالبت منذ بدايتها بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة حرة ونزيهة تنبثق منها حكومة تمثل العراقيين بشكل حقيقي.
إلا أن إجراء الانتخابات التشريعية لا يمكن أن يتم في مدة زمنية قصيرة، بحسب مسؤول في مفوضية الانتخابات قال لـ"العربي الجديد"، إن كوادر المفوضية مكتملة ولا مشكلة لديها بإجراء الانتخابات شريطة توفر أمرين، أولهما الوقت الكافي للتحضير لعملية الاقتراع، فضلاً عن التخصيص المالي المناسب، مبيناً أن الانتخابات يمكن أن تجري منتصف العام المقبل في حال توفر هذين الشرطين.
بدوره، استبعد الوزير السابق، وائل عبد اللطيف إمكانية إجراء انتخابات مبكرة بسبب عدم وجود نية حقيقية لدى القوى السياسية لذلك، مبينا في تصريح صحافي أن حديث بعض الكتل السياسية عن ذلك هو للاستهلاك الإعلامي.
وأوضح عبد اللطيف أن إجراء الانتخابات خلال عام واحد لا يمكن أن يتم إلا في حال تصعيد الاحتجاجات لتكون وسيلة للضغط على الحكومة والبرلمان، مضيفاً أن "أغلب القوى السياسية خاصة الرئيسية ليس لديها أية نية لإجراء انتخابات مبكرة، وستعمل خلال المدة المقبلة على خلق عراقيل من عدم اللجوء إلى حل البرلمان في مدة أقصاها ثلاثة أشهر قبيل موعد إجراء الانتخابات".
واعتبر الباحث في الشؤون الانتخابية محمد العبيدي أن حل البرلمان يعد شرطا أساسيا قبل إجراء الانتخابات، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن الدستور لم يذكر الانتخابات المبكرة في أي من نصوصه، "لذا فإن الحل الوحيد لإجرائها هو اللجوء إلى حل البرلمان".
وتابع العبيدي أن "آلية حل البرلمان تبدأ بتقديم طلب من قبل رئيسي الجمهورية والوزراء إلى مجلس النواب، يقوم بعدها البرلمان بعقد جلسة ليحل نفسه بأغلبية الثلثين"، مبينا أن الكاظمي مطالب بالعمل على ذلك منذ الآن وتنفيذ وعوده بإجراء الانتخابات سيقربه من المتظاهرين، وستكون فرصته أكبر في احتواء الاحتجاجات.
وكان عضو البرلمان، عباس عليوي، قد أكد في وقت سابق أن أغلب القوى السياسية غير راغبة بإجراء الانتخابات المبكرة، مبيناً أن عدم إكمال الملحق المتعلق بقانون الانتخابات يحول دون إجرائها.
وقال ناشطون باحتجاجات ساحة التحرير في بغداد لـ"العربي الجديد" إنهم لا يبنون أية أمال على الحكومة الجديدة التي جاءت عن طريق المحاصصة كسابقاتها، موضحين أن الكاظمي مطالب بإثبات حسن نيته للمتظاهرين من خلال محاسبة قتلتهم، وتنفيذ مطلبهم الأساس المتمثل بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
غير أن آراء بعض الناشطين بدت متشائمة بشأن صدق الكاظمي بوعوده بشأن إجراء الانتخابات. وقال حيدر على حسابه بموقع "تويتر": "ماكو انتخابات بالأفق وكل كلام حول الانتخابات المبكرة ضحك على الذقون".
Twitter Post
|
أما كريم الساعدي فقال إن الانتخابات المبكرة "مجرد كذبة"، مضيفاً في تغريدة على موقع "تويتر": "لأنهم يعرفون حجم وجودهم، فلن يجازفوا بإجرائها أبدا".
Twitter Post
|
وشدد رجل الدين الداعم للاحتجاجات في ذي قار، جنوبي العراق أسعد الناصري، على ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة، مضيفاً في تغريدة على موقع تويتر "بالرغم من أنه جاء وفقاً للمحاصصة المقيتة (الكاظمي)، من رحم نفس هذه الأحزاب وكل مخرجات مطابخهم السياسية يكون المقصود منها مصالحهم الضيقة. إلا أن بإمكانه القيام بذلك لو أراد مصلحة العراق فعلاً. مع العمل الجاد على تحقيق الانتخابات المبكرة بعد إقرار قانون انتخابي منصف ومفوضية نزيهة بإشراف أممي".
Twitter Post
|