أمام الرسم التكريمي، جاء الحاضرون لوضع زهور ورسائل، أو للحديث في موقع الجريمة الذي صار منصة لأناس مختلفين يوحدهم الحزن. هتف الحشد "نحن جورج، لا نستطيع التنفس"، في إشارة إلى آخر كلمات الرجل الأميركي من أصل أفريقي، البالغ 46 عاماً، والذي توفي بعد أن بقي مطروحاً على الأرض بينما وضع شرطي ركبته على رقبته لدقائق عدة. وطالب الجميع بالعدالة.
وعقب يوم من اعتقال رجل الأمن المذكور، طالب المحتجون باعتقال زملائه الثلاثة أيضاً، الذين كانوا حاضرين أثناء وقوع الجريمة. وكُتب على إحدى اللافتات "ضعوا جميع أفراد الشرطة العنصريين في السجن"، وحملت أخرى شعاراً يقول "وجهوا الاتهام للرجال الأربعة". لكن ظهرت في بعض الأحيان خلافات بين المتحدثين، على خلفية انقسامهم حول المنحى العنيف الذي اتخذته الاحتجاجات الليلية التي خرجت عن السيطرة وتخللتها عمليات نهب وحرق. هنا، في وضح النهار، الخطاب سلميّ، وفق "فرانس برس"، التي تحدثت عن سحب الميكروفون بسرعة من شاب أكد أن الدستور يضمن للسود أيضاً حمل الأسلحة. وتدخلت كريستينا غونزاليس (33 عاماً)، القادمة من نيويورك، لإنقاذ الموقف. فبعد أن هدّد الرئيس دونالد ترامب بإطلاق النار على مرتكبي السرقات، ردّت عليه الشابة بالقول: "في حال أطلقت علينا النار، لن نرفع أيدينا للسماء!".
وفي التظاهرة التي حضرها سود وبيض، شباب ومراهقون، أشاد البعض بتدخل غونزاليس، لكن فقد أحدهم أعصابه وأهانها قبل أن ينسحب بهدوء. وعقّبت الشابة "هناك انفعالات ونحن خليط، أو بالأحرى سَلطة لا تتناسق عناصرها بشكل جيّد"، وأضافت أن بعض الحاضرين خبِروا العنف الأمني، ما يجعل الموضوع حساساً بالنسبة لهم.
بدوره، قال أليكس واشنطن (37 عاماً)، وهو عامل بلديّ أوقف سابقاً لقيادته دراجة هوائية على الرصيف وقطع الطريق بسرعة مفرطة بعض الشيء: "لو تعرفون كم مرة ألقي بي على المقعد الخلفي لسيارة شرطة رغم أن سجلي خالٍ من الجرائم". وتابع: "أن تمشي في الحي وتشعر أنكّ مكروه أمر مرهق". وعلى الرغم من ذلك، يعتبر الشاب أن تنوّع الحاضرين لتكريم جورج فلويد "مبهج".
ويسود الإحساس نفسه لدى كيرا، وهي شابة سوداء رفضت إعطاء اسمها كاملاً. قالت الشابة، وفق "فرانس برس"، "لم أعد أخشى على حياتي، أشعر بالتضامن"، آملة أن تتعزّز هذه الوحدة. وشددت كيرا على أنه "لنا آراء مختلفة، لكن يجب أن نتحد ونتعلّم ونتسلّح ونصوّت". ويعتقد توم ستيلر (65 عاماً)، وهو قسّ أبيض يعمل سائق أجرة خلال ساعات فراغه أن ذلك ممكن، "يتجمّع الناس للحداد والصلاة، يثبت ذلك أنه يمكننا العيش معاً رغم اختلافنا".
وفي وسط الحشد، يأمل الفنان تيرون كارتر أن تتحقق الوحدة عبر الإحساس الإنساني المشترك، يصرخ مطولاً "أمي" فاتحا يديه وهو يضع ثوباً أبيض. "أمي"، هذا ما قاله جورج فلويد في الفيديو، مرهقاً، في لحظاته حياته الأخيرة.
وتحوّلت مدينة مينيابوليس بؤرةً للعنف منذ أن قضى الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد خلال عمليّة اعتقاله، بعدما قام شرطي بطرحه أرضاً وتثبيته لدقائق عدّة، بينما كان يضغط الشرطي بركبته على رقبة فلويد حتّى لفظ أنفاسه.
ووجّهت السلطات إلى الشرطي ديريك شوفين تهمة القتل من الدرجة الثالثة، أي القتل غير العمد، إضافة إلى تهمة الإهمال الذي تسبّب بالموت.
وقال مدّعي عام المقاطعة مايك فريمان "هذه القضية جاهزة الآن، وقمتُ بتوجيه التهم"، وسط تزايد الغضب بسبب مقتل جورج الأعزل وهو في عهدة الشرطة.
ورحّب أقارب فلويد الذين تحدّثوا إلى ترامب الجمعة، بنبأ اعتقال الشرطي المتسبّب بالقتل باعتباره "خطوة على طريق العدالة"، لكنّهم قالوا إنّهم يأملون بتوجيه اتّهام أشدّ إليه، وبأن يشملَ التحرّك القانوني بقيّة عناصر الشرطة المتورّطين باعتقال جورج ومقتله.