آيزنكوت: ضم غور الأردن يضر بعلاقاتنا الاستراتيجية مع عمّان

22 مايو 2020
آيزنكوت لا يعارض الضم (جاك غويز/ فرانس برس)
+ الخط -
حذّر رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، غادي آيزنكوت، من تداعيات إقدام الحكومة الإسرائيلية على تنفيذ خطتها بضم غور الأردن، قائلا إن ذلك يضر بالعلاقات الاستراتيجية مع الأردن.

وقال آيزنكوت، في مقابلة له مع صحيفة "يسرائيل هيوم": "توجد لدينا في غور الأردن علاقات أمنية ممتازة مع الأردنيين، تساهم مساهمة استراتيجية جادة لدولة إسرائيل، بشكل يفوق ما يراه الجمهور. فهذه مصلحتنا العليا بالحفاظ على علاقات جيدة ومستقرة مع الأردن، في مواجهة الأعداء المشتركين لنا في القطاع الشرقي". كما زعم أن ذلك "لا يناقض حقيقة أن السيطرة الأمنية الإسرائيلية على غور الأردن غير خاضعة لمفاوضات".

وامتنع آيزنكوت عن إبداء معارضة صريحة لضم غور الأردن، لكنه قال إن "المصلحة الإسرائيلية تقتضي المحافظة على اتفاقية السلام مع الأردن. وخلافا لآخرين لا أعتقد أن الملك سيلغي الاتفاقية في حالة الضم، ولكن لا أعتقد أنه يجب وضع ذلك على المحك. يجب تعزيز العلاقات مع الأردن، وهذا ما قمت به كرئيس أركان للجيش".
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قد أعلن أنّ حكومته، ستبدأ مناقشات، في يوليو/تموز المقبل، بشأن بسط السيادة الإسرائيلية على المستوطنات اليهودية وغور الأردن في الضفة الغربية المحتلة، طبقاً لما ورد في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وحذر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، في وقت سابق، في مقابلة مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية، من إقدام إسرائيل بالفعل على ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، في يوليو/ تموز، قائلاً إن ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع الأردن، مضيفاً أن القادة الذين يدعون لحل الدولة الواحدة لا يعلمون تبعاته.
إلى ذلك، اعتبر آيزنكوت أن الوضع في الضفة الغربية "أكثر تعقيدا، فلا أرى اتفاقا معهم في المستقبل المنظور، لكن على الفلسطينيين أن يدركوا أن الزمن يعمل ضد مصلحتهم وعلينا أن ندير الأمور بذكاء حتى لا ينشأ وضع يعتقد فيه الفلسطينيون أن بمقدورهم تحقيق إنجازات بالقوة".
وكرر آيزنكوت منطق الحديث عن دولة يهودية قائلا إن "مصلحة إسرائيل هو أن تكون هنا دولة يهودية، ديمقراطية وآمنة، ولذلك فمصلحتنا الانفصال عن الفلسطينيين، لتكن، دولة إسرائيل وكيان فلسطيني منفصل لأنني لا أريد 2.8 مليون فلسطيني". واعتبر أن ما أسماه "بمسار ترامب" يجب أن يكون الأساس لكل مفاوضات مستقبلية، مضيفا "يجب محاولة دفعه قدما كخطة، وليس بشكل أحادي الجانب عبر مركب الضم فقط، الخطوات الأحادية هي أمر غير مرغوب فيه".
وتطرق آيزنكوت للغزو الإسرائيلي للبنان فاعتبر أن بقاء جيش الاحتلال في لبنان بعد خروج منظمة التحرير كان خطأ استراتيجيا كلف دولة إسرائيل ثمنا باهظا، وأنه في ذلك الوقت كان "حزب الله"، يعتبر منظمة محلية غير جادة.
وأضاف قائلا: "ندرك اليوم أن الأمر لا يقتصر على حزب الله، هناك ما هو أكبر منه بكثير. الفكرة التي تدفع بها إيران، تستوحي تجربة صلاح الدين الأيوبي، فهم يريدون عمليات تضرب دولة إسرائيل مثلما ضرب صلاح الدين الأيوبي الصليبيين. وهذا أمر يفوق بكثير المواجهة مع حزب الله، ومنطقه يقضي بإبادة إسرائيل".
ولفت آيزنكوت إلى أن القرار الإسرائيلي ببدء ضرب التموضع الإيراني في سورية، اتخذ في عام 2017 بقرار من المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية، عندما توصلت تل أبيب إلى استنتاج بأن إيران تتعدى بوجودها في سورية، مسألة تثبيت النظام السوري.
وكرر آيزنكوت في هذا السياق مسألة الحديث الإسرائيلي عن دور "فيلق القدس" الذي كان يقوده قاسم سليماني قبل اغتياله بضربة جوية أميركية في العراق، والذي تلقى في السنوات الأخيرة ضربات قوية، معتبرا أن "ما نجحوا بأن يلحقوه بنا لا يقاس بما تلقوه من ضربات من طرفنا".


وأقرّ آيزنكوت خلال المقابلة بأن قيام سورية بمحاولات لبناء مفاعل نووي، في دير الزور، تم قصفه في ولاية رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، معتبراً أن مشروع الأنفاق التي حفرها "حزب الله"، وإن تم إحباطها، كانت بمثابة فشل للاستخبارات الإسرائيلية. وأوضح أن إسرائيل اكتشفت مخطط "غزو الجليل" والدور المعد لـ "قوات الرضوان" بداخل "حزب الله" بعد عقد من الزمان على بدء المشروع، مشيرا إلى أنه انطلق حتى قبل الحرب الثانية على لبنان عام 2006، وتم اكتشافه في إسرائيل بشكل مؤكد فقط في عام 2015، مع أنه كانت دائما أحاديث تتردد عن قيام "حزب الله" بحفر أنفاق تخترق الحدود إلى داخل المستوطنات الإسرائيلية الحدودية.

وكشف آيزنكوت النقاب عن أن دولة الاحتلال شنت أكثر من ألف عملية ومهمة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي منذ عام 2015، "بما في ذلك عمليات تفوق الخيال"، على حد زعمه، ممتنعاً عن كشف مواقع تلك العمليات وهل كانت في سورية أم في العراق. واكتفى بالقول: "لم تُقل عن ذلك ولو كلمة واحدة في الإعلام، ولم نتحدث عن ذلك للحساسية الشديدة للأمر. لم نرغب أن نكون في الواجهة".
وتطرق آيزنكوت إلى ملف التهدئة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فاعتبر أنه يمكن التوصل إلى تفاهمات مع الحركة، ولكن اشترط أن تكون على أساس ما تم التوصل إليه في القاهرة في آخر يوم من عملية "الجرف الصامد" (العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي انطلق في يوليو/ تموز 2014 وطال أكثر من 50 يوماً). وحدد آيزنكوت هذه الشروط بـ "وقف تام لإطلاق النيران، وفتح المعابر ومجال الصيد، وإعادة السلطة الفلسطينية للقطاع وبدء عملية إعادة ترميم، وحل مسألة الأسرى والمفقودين، وفتح المطار في الدهنية وإقامة ميناء لغزة".


وبخصوص الموافقة على فتح ميناء في غزة، قال آيزنكوت "بعد إعادة المواطنين المفقودين، وجثث الجنود، وبعد نزع سلاح القطاع، نعم. لأن مصلحتنا أن يكون هناك أمل وليس فقراً، ما هو موجود هناك اليوم هو أيديولوجية قاتلة لحماس التي تريد إبادتنا، مع نسبة بطالة تصل إلى 57%، ومياه بجودة متدنية، وكهرباء لنصف يوم، فقر وجهل وفقدان الأمل ما الذي يمكن أن ينتج عن ذلك". وكرّر آيزنكوت القول إن عملية "الجرف الصامد" ما تزال مستمرة وهي لن تنتهي إلا بإعادة جثث الجنود المحتجزة لدى "حماس".
المساهمون