وعلى الرغم من قرار الحكومة منع التجمعات والاجتماعات بسبب أزمة كورونا، إلا أنها رفضت السماح للأحزاب المنبثقة من حراك فبراير بعقد مؤتمراتها التأسيسية.
وأعلنت اللجنة التحضيرية لمؤتمر التجمع الوطني الديمقراطي أنها حصلت على رخصة لعقد المؤتمر الاستثنائي في 28 و29 مايو/أيار الجاري في المركز الدولي للمؤتمرات، لانتخاب أمين عام جديد للحزب خلفا للأمين العام السابق ورئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى القابع في السجن بعد الحكم عليه بالسجن 15 سنة بسبب تورطه في قضايا فساد.
وسمحت الداخلية بعقد المؤتمر برغم الأزمة الوبائية، لكن لجنة تحضير المؤتمر أكدت، في بيان لها، أنها أخذت بعين الاعتبار الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا وشروط الوقاية الصحية التي تفرضها هذه المرحلة، وقررت بسبب ذلك "تقليص عدد المؤتمرين مقارنة بالعدد المحدد سابقاً"، لتفادي حضور كثيف لمؤتمرين من كل الولايات.
وبعد اعتقال أويحيى في يونيو/حزيران 2019 وملاحقة عدد كبير من قيادات ونواب الحزب في البرلمان من قبل القضاء في قضايا فساد، بمن فيهم وزير الصناعة السابق الفار في الخارج، تولى وزير الثقافة السابق والمرشح الرئاسي في انتخابات ديسمبر/كانون الأول الماضي عز الدين ميهوبي إدارة شؤون الحزب، ويطمح ميهوبي إلى البقاء في منصبه خلال المؤتمر الذي سينتخب أيضاً كامل أعضاء القيادة وأعضاء المجلس الوطني.
وفي نفس السياق، يعقد حزب جبهة التحرير الوطني، الحائز على الأغلبية النيابية، مؤتمراً للجنة المركزية في 30 و31 مايو/أيار الجاري، ومنحت وزارة الداخلية الجزائرية الحزب ترخيصاً لعقد المؤتمر في إحدى أبرز القاعات الرسمية التابعة للحكومة، المركز الدولي للمؤتمرات، بهدف انتخاب أمين عام جديد، خلفاً للأمينين العامين السابقين الموجودين في السجن، جمال ولد عباس ومحمد جميعي، واللذين تجري ملاحقتهما منذ يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول على التوالي، في قضايا فساد ونهب للمال العام.
القيادة المؤقتة للحزب المركزي للسلطة، الذي يُعد الرئيس عبد المجيد تبون عضواً فيه، وجهت دعوات لأعضاء اللجنة المركزية للمشاركة في الاجتماع الذي سيقرر انتخاب أمين عام جديد يدير الحزب بدلاً من القيادة المؤقتة، إلى غاية عقد مؤتمر وطني عام في وقت لاحق.
وتعرض الحزبان، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وهما أبرز أضلاع التحالف الرئاسي الذي كان يدعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وكذا قياداتهما للملاحقة في قضايا فساد، خلال مظاهرات الحراك الشعبي منذ فبراير/شباط 2019 لهجوم شعبي وانتقادات حادة بسبب تورطهم في الفساد السياسي، ودعم سياسات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وتنشيطهما لحملة مسبقة لترشح بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في إبريل 2019، وتمت المطالبة بحل الحزبين، واسترجاع اسم "جبهة التحرير الوطني" تحديداً كملك تاريخي لكل الجزائريين باعتبار أن التسمية تتعلق بالجبهة الثورية التي قادت الجزائريين في ثورة التحرير من الاستعمار (1954-1962)، والدعوة إلى ضمها في الدستور كرمز من رموز الأمة والشعب.
وفي السياق، تتصاعد التعليقات السياسية بشأن ترخيص السلطات للحزبين المرفوضين شعبياً للعودة إلى النشاط السياسي، وما إذا كانت السلطة ترغب في الإبقاء على نفس الأوضاع السياسية والخريطة الحزبية، على مقربة من موعد تعديل الدستور.
وكتب الناشط السياسي في "منبر الحراك الأصيل" يحيى جعفري أنه "بالترخيص لحزبي الجبهة والتجمع بعقد لجانهما المركزية نهاية مايو/أيار الجاري، فإن النظام يكون قد فصل بوضوح في قاعدة الحكم، واختار عنوانه السياسي للمرحلة القادمة بشكل مبكر".