الجزائر: اتساع دائرة القوى المتحفظة على مسودة الدستور الجديد

11 مايو 2020
الجبهة: التعديلات تكرس الحكم الفردي (العربي الجديد)
+ الخط -
انضمت جبهة العدالة والتنمية (حزب إسلامي) إلى الأحزاب السياسية التي أعلنت عن تحفظات واضحة على مضمون مسودة التعديلات الدستورية في الجزائر، إذ عبّرت الجبهة عن استيائها من طرح الرئاسة لمسودة الدستور في الوقت الحالي، وفي ظل أزمة كورونا، وحملة الاعتقالات ضد الناشطين في الحراك الشعبي.

وأصدرت الجبهة، اليوم الاثنين، موقفا أوليا حول ملابسات ومضمون المسودة الدستورية، واعتبرت أن "إطلاق هذه الوثيقة في هذا التوقيت بالذات يطرح العديد من التساؤلات حول خلفياته الحقيقية"، وأكدت أن "الظروف المحيطة بإصدار هذه المسودة تسجل عدم ملاءمة الظروف السياسية والاجتماعية لإصدارها، وفتح نقاش فعال يعطيها حقها من الأخذ والرد ويسمح للجميع بالاطلاع عليها، بالنظر إلى الجو الذي أوجدته النظرة الأمنية في التعامل مع النشطاء السياسيين وشباب الحراك، من خلال الاعتقالات التي عرفتها الكثير من الولايات والأحكام التي تصدر هنا وهناك ضدهم".

وقدرت الجبهة أن الوثيقة الدستورية المطروحة "تنم عن تثبيت الحكم الفردي وتثبيت الانفراد والأحادية وتحصينهما من كل مسوؤلية سياسية أو جنائية، وتحمل كذلك في ثناياها إرادة لتمييع الحياة السياسية والإبقاء على مسببات شيوع الفساد وتكسير الحياة الحزبية، كما تناولت عددا من القضايا الرئيسية بغموض قد يتسبب في تهديد وحدة الشعب واستقرار بنيانه الاجتماعي والسياسي ووحدته الترابية"، في إشارة إلى قضية "بلديات بنظام خاص"، وكذا "عدم الفصل في طبيعة النظام السياسي الهجين الذي فرضته الدساتير السابقة، وغلبة السلطة التنفيذية وتغولها، ولم يعط أي قيمة للأغلبية الشعبية، ومنعها من حق المشاركة في الحكم واختيار رئيس الحكومة".

وكانت رئاسة الجمهورية قد طرحت، الخميس، مسودة التعديلات الدستورية، ووجهت نسخا منها ورسائل بشأنها إلى كل القوى السياسية والمدنية والنقابات والشخصيات الوطنية، تضمنت "إصلاحات سياسية"، أبرزها تعيين نائب لرئيس الجمهورية، ودسترة الحراك الشعبي، والسماح لقوات الجيش بالقتال في الخارج بعد موافقة البرلمان. وأعلنت الرئاسة أن هذه المسودة أولية وقابلة للتعديل والزيادة والحذف، قبل أن تتم إعادة صياغتها مجددا، وطرحها لاستفتاء دستوري في غضون الشهرين المقبلين.

وأعلن الحزب الإسلامي إطلاقه مسعى لتوحيد مواقف المعارضة السياسية وطرح تصور توافقي للمسودة الدستورية، "لإيجاد إطار للتشاور مع قوى المعارضة والطبقة السياسية من شخصيات وأحزاب مختلفة، ومؤسسات المجتمع المدني الجادة والملتزمة بمطالب الحراك الشعبي". وأعلن كذلك إطلاق استشارة واسعة للمختصين وللمتعاطفين ولشباب الحراك حول ملف التعديل الدستوري، قبل تحديد الموقف النهائي، والذي يجب أن يكون معبرا، حقيقة، عن مطالب الشعب ومن ورائه الحراك الشعبي.

وخلص بيان جبهة العدالة والتنمية، التي يقودها الشيخ عبد الله جاب الله، إلى أن الوثيقة المقترحة للنقاش "بعيدة مرة أخرى عن تحقيق طموحات وآمال الشعب ومطالبه، المعبر عنها من خلال الحراك الشعبي الذي ظل لمدة سنة كاملة، بالتغيير الشامل والعميق"، وعزت الجبهة ذلك إلى "طبيعة وتركيبة اللجنة الدستورية، التي صاغت المسودة، والتي ضمت تقنيين ينتمون في أغلبهم إلى تيار أيديولوجي واحد".


وانتقد المصدر نفسه عدم تضمن المسودة "للعزل السياسي للفاسدين والمساهمين في الفساد والتزوير الانتخابي، وإشراك الأحزاب التي ناشدت الرئيس المخلوع الترشح للعهدة الخامسة وكانت أدوات لنشر الفساد السياسي والمالي خلال العشرين سنة الأخيرة".

وبهذا الموقف، توسعت كتلة القوى التي أعلنت عن جملة تحفظات على المسودة الدستورية، إذ كانت حركة مجتمع السلم قد وصفت التعديلات بأنها "بعيدة عن الطموحات المرجوة ولا تعبر عن طموحات الشعب والحراك، إذ تمنح الرئيس سلطات أكبر وتضيّق على الأحزاب"، بينما اعتبرت حركة البناء الوطني أن المسودة "كان متوقعا منها أن تكرس مطالب الحراك وشعاراته، وتعمل قطيعة حقيقية مع كل ممارسات الماضي البالية"، فيما أعلن تكتل قوى البديل الديمقراطي، الذي يضم أحزابا تقدمية أبرزها جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال، وصف التعديلات الدستورية بأنها "ضد إرادة غالبية الجزائريين، وانفرادية تكرس ثقافة الاستبداد وتستبعد الشعب عن اختيار مستقبله".
دلالات