استقالة عضو من لجنة صياغة الدستور في الجزائر

17 ابريل 2020
أوقرقوز يعتبر التعديل "مسرحية" (فابريس كوفريني/ فرانس برس)
+ الخط -
غطّت تداعيات أزمة كورونا وانشغال الجميع بها في الجزائر على خبر استقالة أحد أعضاء اللجنة الدستورية التي أعدت مسودة الدستور الجديد، ووصفه إياه بأنه "استمرار للدستور الحالي" الذي صاغه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وقدّم الخبير في القانون الدستوري والقاضي السابق في المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان في جنيف، فاتح أوقرقوز، استقالته من اللجنة الدستورية التي قدمت المسودة الأولى إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في 24 مارس/ آذار الماضي، ويفترض أن تعيد في وقت لاحق صياغة النسخة النهائية للدستور الجديد، بعد إثرائه ومناقشته من قبل القوى السياسية والمدنية، قبل طرحه لاستفتاء شعبي.

ووجه أوقرقوز، الذي عمل رئيساً للجنة التحقيق الأفريقية في بورندي، رسالة إلى الرئيس الجزائري، في السابع من إبريل/ نيسان الحالي، بحسب ما أوردته صحيفة "ليبرتي" الناطقة بالفرنسية بالجزائر، أكد فيها استقالته من لجنة الخبراء المكلفة بصياغة ومراجعة الدستور، عازياً استقالته إلى تحفّظاته حول النسخة التي خلصت إليها اللجنة. وجاء في الرسالة أيضاً: "لدي بالفعل تحفظات جادة للغاية بشأن مشروع الدستور الأولي"، مضيفاً أنّ "هذه المسودة الأولية هي في الأساس جزء من استمرارية الدستور الحالي".
وعاب أوقرقوز على الرئيس الجزائري عدم القيام "بمراجعة عميقة للدستور، برغم أنها مرغوبة وضرورية لبناء جمهورية جديدة والجزائر الجديدة التي طالبتم بها في رسالة التكليف بالمهمة الموجهة"، مشيراً إلى أن اللجنة تجنّبت بحث الأسئلة المتعلقة في الدستور بهدف إعادة بناء الجمهورية.

كما لفت إلى أن اللجنة لم تأخذ بأي من التوجيهات والملاحظات التي أبداها، و"بالتالي لم يعد لدي مكان داخل اللجنة"، معبراً عن انزعاجه لعدم إرفاق التقرير النهائي للجنة ملاحظاته الشخصية في المسودة.

وكان الرئيس الجزائري قد بادر، في الثامن يناير/ كانون الثاني الماضي، وبعد أقل من أسبوعين من تسلمه الحكم، إلى تكليف فريق لجنة دستورية يضم 17 خبيراً في القانون الدستوري، برئاسة الخبير الأممي السابق أحمد لعرابة، بإجراء مراجعة شاملة للدستور الجديد وإعادة صياغته لبناء ما يصفه بـ"الجزائر الجديدة".
وتسلم تبون، في 24 مارس/ آذار الماضي، مسودة الدستور الجديد، وكان يفترض توزيعها على القوى السياسية والمدنية والشخصيات الفاعلة ونشرها للرأي العام، لمناقشتها وإبداء الملاحظات، ثم إعادة مراجعة المسودة مجدداً من قبل اللجنة الدستورية لتضمينها الملاحظات التي تم التوصل إليها خلال فترة النقاش التي حددها تبون بشهر، قبل عرضها على استفتاء شعبي، لكن الأزمة الوبائية وانتشار فيروس كورونا استدعى إرجاء ذلك.
وعلى الرغم من أن أوقرقوز لم يكشف بالتفصيل جملة ملاحظاته وتحفظاته على الدستور الجديد، إلا أن وصفه للمسودة بأنها "استمرار للدستور الحالي الذي تلاعب بوتفليقة بتعديلاته أكثر من مرة" يثير مخاوف جدية بشأن مضمون التغييرات التي جرت على الدستور، وعدم استجابتها للتطلعات السياسية للجزائريين، خاصة بعد سنة من الحراك الشعبي الذي طالب بإرساء انتقال ديمقراطي حقيقي.



وقال الناشط السياسي، ناصر حداد، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ "استقالة عضو اللجنة والتحفظات التي أعلن عنها، تعزّز المخاوف التي كانت قد أعلنتها عدة قوى سياسية بشأن الطريقة التي اختارها الرئيس الجزائري لصياغة الدستور الجديد، وهي تشكيل لجنة تقنية، دون أي مشاركة سياسية، وهذا يعطي للدستور الجديد طبيعة تقنية ويفرغه من كل محتوى وروح سياسية".
وأضاف أنّ "طرح المسودة بهذا الشكل يضع المجتمع السياسي أمام الأمر الواقع"، لافتاً إلى أن "السلطة على مر كل تجارب تعديل الدستور عملت بنفس الطريقة، وهذا يعني أنها ستصل إلى نفس الخلاصات الدستورية".

ولم تعلّق الرئاسة الجزائرية على خبر استقالة أوقرقوز ولا على تحفظاته، حتى الآن، لكن الرئيس تبون كان قد جدد، في آخر حوار تلفزيوني له، التزامه بـ"صياغة دستور جديد يساعد على تغيير النظام السياسي وبناء الديمقراطية حقيقية ومؤسسات قوية".