واشترطت لائحة البرلمان حضور وزيري المالية والتخطيط، محمد معيط وهالة السعيد، لإلقاء البيان المالي ومشروع الخطة للموازنة الجديدة أمام مجلس النواب، وكذلك مشاركة الوزراء المختصين في مناقشات لجانه حول بنود الموازنة، وفقاً للمادة 124 من الدستور. وتنص هذه المادة على أن "تشمل الموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها، ومصروفاتها، دون استثناء، وعدم نفاذها إلا بموافقة مجلس النواب عليها، من خلال التصويت على مشروع الموازنة باباً باباً".
وشدّد المجلس على أن رئيسه، علي عبد العال، وهيئة مكتب البرلمان، يتابعون مستجدات الموقف أولاً بأول، وكذا الإجراءات التي تتخذها الحكومة في هذا الشأن. وأشار مجلس النواب، في بيان، إلى تواصل عبد العال الدائم مع كافة الجهات ذات الصلة، لوضع آليات سريعة للحد من انتشار الفيروس، واتخاذ ما يلزم من إجراءات للقضاء عليه، مستطرداً أنه وجّه رؤساء اللجان النوعية، كل في ما يخصه، بعدم عقد الاجتماعات خلال هذه الفترة، عملاً بالإرشادات والإجراءات الاحترازية المطبقة لمنع انتشار فيروس كورونا.وأفاد البرلمان بأن "الأولوية ستكون لمتابعة تطورات الأوضاع، ودراسة ما يُحال إلى رؤساء اللجان النوعية من شكاوى مقدمة من النواب، والمواطنين، وكذا المقترحات ذات الصلة، والإجراءات المقترح اتخاذها لمساعدة الفئات الأكثر ضرراً من تطبيق الإجراءات الوقائية المتبعة في مواجهة فيروس كورونا، لا سيما العمالة غير المنتظمة".
ونوه البرلمان المصري كذلك إلى عرض تقارير دورية أسبوعية من رئيس كل لجنة نوعية على رئيس المجلس، بشأن الموضوعات المُحالة إليهم، وما انتهت إليه اللجان من توصيات، داعياً جميع رؤساء اللجان، كل في حدود اختصاص لجنته، إلى الاتصال المباشر مع وزير شؤون المجالس النيابية، وغيره من أعضاء الحكومة، لبحث تنفيذ التوصيات والإجراءات اللازمة للقضاء على انتشار الفيروس، وذلك بعد التنسيق مع مجلس الوزراء.
من جهته، استبعد عضو بارز في اللجنة التشريعية بالبرلمان، إمكانية عقد جلسات اللجان لمناقشة بنود الموازنة عبر تقنية "فيديو كونفرانس"، أو استخدام هذه التقنية في الجلسات العامة عوضاً عن اجتماع النواب، لمخالفة ذلك لأحكام الدستور. وأشار المصدر في الوقت نفسه إلى ضرورة إقرار الموازنة الجديدة في موعدها المُحدد دستورياً بنهاية شهر يونيو/ حزيران المقبل. وقال المصدر في حديثٍ خاص، إنه لا توجد خيارات أمام مجلس النواب سوى الانتظار، على أمل انحسار فيروس كورونا داخل البلاد خلال شهري إبريل/ نيسان ومايو/ أيار، وبالتالي يمكن للجان البرلمان عقد اجتماعات مكثفة في شهر يونيو للانتهاء من مناقشات الموازنة، ومن ثم عرضها للمناقشة والتصويت في الجلسات العامة للمجلس.
وأضاف المصدر أنه بات في حكم المؤكد عدم مناقشة البرلمان أي تشريعات خلال دور الانعقاد الجاري، باستثناء مشروع الموازنة العامة، ومشاريع قوانين الانتخابات، ممثلة في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ، والدوائر الانتخابية، ومباشرة الحقوق السياسية. وتعد هذه الاستحقاقات دستورية واجبة قبل فضّ الدورة التشريعية. ورجّح المصدر استمرار البرلمان في عقد جلساته حتى شهر أغسطس/آب المقبل للانتهاء من هذه التشريعات، تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المُحدد سلفاً في ربع العام الأخير.
وادعى المصدر أن فضّ الانعقاد البرلماني في نهاية يونيو من كل عام هو موعد تنظيمي، وغير مُلزم، وبالتالي يمكن مدّ دور الانعقاد لشهرين إضافيين، بهدف تعويض فترة توقف أعمال مجلس النواب بسبب تداعيات فيروس كورونا. واعتبر في الوقت ذاته أن الحديث سابق لأوانه في مسألة لجوء البرلمان إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في اجتماعاته، على غرار الاجتماعات الأخيرة للحكومة والمحافظين، لأن هذا يتطلب توفر لوجستيات محددة نظراً للعدد الكبير لأعضاء المجلس، والبالغ حالياً 593 نائباً.
وكان وزير المالية المصري، محمد معيط، قد أعلن أن مشروع موازنة العام المالي الجديد يستهدف خفض العجز الكلي إلى 6.3 في المائة من الناتج الإجمالي، وتحقيق فائض أولي يسمح باستمرار مسار خفض دين أجهزة الموازنة، فضلاً عن خفض معدل الدين العام كنسبة من الناتج المحلي إلى 82.7 في المائة بحلول نهاية يونيو 2021، مع تكثيف جهود نمو إيرادات الموازنة بمعدلات أعلى وأسرع من معدل النمو السنوي للمصروفات.
ويتضمن مشروع الموازنة بعض إجراءات الحماية الاجتماعية في مواجهة التداعيات السلبية لفيروس كورونا على المواطنين، ومنها تقرير علاوة دورية للعاملين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وعلاوة خاصة لغير المخاطبين بالقانون، وتمويل حركة الترقيات، وزيادة حوافز وإثابة الأطباء، وأعضاء هيئة التمريض في القطاع الصحي. هذا بالإضافة إلى توفير اعتمادات للتنفيذ التدريجي لمنظومة التأمين الصحي الشامل، وزيادة مخصصات تكلفة العلاج على نفقة الدولة.
ويعاني المصريون من أوضاع معيشية صعبة، منذ اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس كورونا منتصف فبراير/شباط الماضي، على وقع الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة لمنع انتشار المرض. وتسببت هذه الإجراءات في تعطل أعداد كبيرة من العاملين في قطاعات أبرزها السياحة والمقاولات، في وقت تواجه فيه البلاد موجة عاتية من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، في ظلّ الطلب المتزايد على المنتجات منذ بدء حظر التجول ليلاً الأربعاء الماضي.