ترامب يريد إنضاج طبخة وقف إطلاق النار في لبنان ببطء ليقطف ثمارها

18 نوفمبر 2024
هوكشتاين يتحدث إلى الصحافيين في لبنان، بيروت 21 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتوقع واشنطن رد لبنان على المشروع الأميركي لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، وسط تفاؤل حذر من الإدارة الأميركية بإمكانية تحقيق تقدم قريب، مع رغبة بايدن في إنجاز دبلوماسي قبل انتهاء ولايته ودعم ترامب للجهود الحالية.
- تسعى إسرائيل لوقف إطلاق نار يتناسب مع مصالحها، وأرسلت وزير الشؤون الاستراتيجية إلى واشنطن وموسكو لبحث المشروع ووقف تمرير السلاح الإيراني إلى حزب الله، مع استمرار العمليات العسكرية حتى تسلم ترامب الحكم.
- تواجه الجهود تحديات منها مسألة اللجنة المشرفة على القرار 1701 والخروقات، مع شروط إسرائيل الصارمة ومخاوف من تعطيل نتنياهو للمشروع، بينما يسعى ترامب لتجنب بدء ولايته بحرب متصاعدة.

من المتوقع أن تتسلم واشنطن، غداً الثلاثاء، ردّ لبنان على المشروع الأميركي لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل. وكانت الإدارة الأميركية قد أبدت تفاؤلها ولو المتحفظ عشية تسليمها نسخة من المشروع للسلطات اللبنانية، عبر إعلانها "احتمال حصول تقدم خلال الأسبوع القادم"، وفق ما قال المستشار جيك سوليفان، مطلع الأسبوع الماضي. بل أوحت بأن الاتفاق بات قاب قوسين أو أدنى. فالوقت ضاغط والرئيس جو بايدن يريد تحقيق الاتفاق باعتباره إنجازاً يختتم به رئاسته. وما شجع إدارة بايدن على إشاعة التفاؤل عن "قرب" الوصول إلى هذه النقطة، أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب أوحى خلال لقائه، الأربعاء الماضي، مع بايدن في البيت الأبيض بأنه لا يعتزم "التخريب" على الجهود التي تبذلها إدارة الأخير في هذا الخصوص.

لكن ترامب يريد أيضا أن يكون التوصل إلى وقف إطلاق النار في لبنان أحد أهم بواكير رئاسته الثانية في المجال الخارجي. فمثل هذه البداية إذا تحققت من شأنها أن تبرز تمايزه الباهرعن سلفه بايدن المسربل في الحرب على غزة وتفرعاتها منذ أكثر من سنة، من غير أن يقوى على فتح كوة صغيرة في جدارها. يضاف إلى ذلك أن مسؤولين إسرائيليين قاموا الأسبوع الماضي بزيارة إلى مارآلاغو وأبلغوا فريق ترامب بأن حكومة رئيس الوراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تزمع "تقديم وقف النار في لبنان هديةً مبكرة للإدارة الجديدة"، وفي ذلك إشارة إلى عزم نتنياهو على حرق الوقت والتحايل في موضوع وقف النار في لبنان كما فعل في غزة، وبالتالي ترحيله إلى ما بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض. ويذكر في هذا السياق أن الرئيس المنتخب وعد الناخبين العرب في ولاية ميشيغين بالعمل على "وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في لبنان" فور تسلمه الرئاسة وذلك نزولا عند طلب والد صهره رجل الأعمال اللبناني مسعد بولس، الذي قام بجولات في ولاية ميشيغين لحث اللبنانيين والعرب فيها للتصويت لصالح ترامب، وقد فعلوا.

وكانت إسرائيل التي تريد وقف نار مفصّلاً على قياساتها، قد أوفدت وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، اليد اليمنى لنتنياهو، إلى واشنطن ومارآلاغو للمشاركة في صياغة مشروع وقف النار، وضمناً لحضّ الرئيس المنتخب على الاستمرار في موقفه الذي سبق ودعا فيه إلى "ترك إسرائيل لاستكمال المهمة" العسكرية ولغاية تسلّم ترامب الحكم في يناير/كانون الثاني المقبل.

الأجواء في واشنطن توحي بوجود "حلحلة". هناك أكثر من مؤشر في هذا الاتجاه، من أبرزها زيارة ديرمر لموسكو قبل أيام، والتي يعتقد أنها تناولت موضوع تمرير السلاح الإيراني عبر سورية إلى حزب الله والاستعانة بموسكو لوقفه باعتباره أحد شروط إسرائيل للمضي في مشروع وقف النار. ويبدو أن الإدارة تعول أيضاً على "تفهّم" ترامب لأهمية أن لا يبدأ ولايته في ظل حرب تهدد بالتوسع في الشرق الأوسط وبحيث يرى أن من مصلحته حث إسرئيل لإنجاز وقف النار قبل تسلمه الحكم. والمتداول أن من البنود التي ما زالت غير محسومة بصورة نهائية مسألة اللجنة التي ستشرف على تنفيذ القرار الدولي 1701 وأيضاً كيفية التعامل مع الخروقات عند حصولها والتي تضع إسرائيل شروطا تعجيزية للتعامل معها، منها شرط منحها حرية التصرف للرد على مثل هذه الخروقات. ولا يخفي بعض المسؤولين تخوفهم من أن يتوسل نتنياهو مثل هذه العراقيل لفركشة المشروع، جريا على عادته في نسف محاولات من هذا النوع في غزة. ونسب إلى أحدهم قوله إن "حمل إسرائيل على الوصول إلى مرحلة التوقيع على هدنة، عملية شاقة"، إذ إن مطالبها لا تنتهي ومبنية على ذرائع مفتوحة على تعقيد الشروط بزعم أن الهدنة "توفر فرصة لحزب الله كي يعيد ترتيب أوضاعه"، وخاصة أن المشروع المطروح ينص على هدنة طويلة لمدة شهرين. وما يزيد الخشية أن المجال متاح أمام إسرائيل لتستقوي في شروطها بترامب العائد بذهنية تصفية الحسابات والذي من غير المتوقع أن يقوم بتسهيل وقف نار يكون بمثابة هدية لبايدن في أواخر أيام رئاسته الخارج منها بصورة بائسة. لكن في المقابل ليس من مصلحته ترحيل هذه الأزمة إلى إدارته التي ستكون غارقة في أولويات انطلاقها، أقله على مدى الأشهر الأولى من تسلّمها. وبذلك فالأرجح أن يقتصر دور الرئيس المنتخب في هذه الحرب وفي هذه الفترة الانتقالية على المساعدة في إنضاج طبخة وقف النار ببطء، بحيث لا يقطف بايدن ثمارها وفي الوقت ذاته تصبح معه جاهزة عشية تدشين رئاسته أو بعده بقليل.

المساهمون