بعد أكثر من أسبوع على تكليفه بتشكيل الحكومة العراقية، باشر رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي أمس الأربعاء أولى مشاوراته مع قوى سياسية عدة، رغم استمرار حالة الرفض له من كتل رئيسية في البرلمان، فضلاً عن فصائل مسلحة معروفة عادة بأنها مرتبطة أو قريبة من طهران. وأكدت تلك القوى مراراً عزمها المضي في محاولة إيجاد بديل عن الزرفي، في حال اعتذر الأخير أو تمّ إسقاطه من خلال البرلمان على طريقة إسقاط رئيس الوزراء المكلف السابق محمد توفيق علاوي، الذي أدت مقاطعة عدة قوى برلمانية إلى عدم اكتمال نصاب البرلمان ثلاث مرات، مما حال دون عرض حكومته ثم اعتذاره مطلع شهر مارس/آذار الماضي.
ووفقاً لمصادر سياسية عراقية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الزرفي عقد سلسلة لقاءات منفردة مع قيادات وشخصيات سياسية ونواب في البرلمان من أجل شرح برنامج حكومته وطروحاته بهذا الأمر. ولفتت إلى أن الزرفي أجرى لقاءات غير رسمية مع نواب وشخصيات في تحالفات رافضة له مثل "الفتح"، و"دولة القانون"، بهدف كسر الجمود الحالي، مع استمرار كل من تحالفي "سائرون"، و"النصر"، بزعامة حيدر العبادي أبرز القوى الشيعية الداعمة له والمؤيدة للمضي بتشكيل حكومته. ويؤكد ائتلاف "النصر"، الذي ينتمي له الزرفي، أن الأخير باشر حوارات وصفها بأنها "إيجابية"، مع القوى السياسية من أجل تشكيل حكومته الجديدة.
في السياق، تقول القيادية في الائتلاف، النائبة ندى شاكر جودت، لـ"العربي الجديد"، إن الزرفي يجري حوارات ومفاوضات إيجابية مع كافة القوى السياسية، بما فيها الكتل الشيعية في تحالفي الفتح، بزعامة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي. وتؤكد أن "حصول رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، على الأغلبية البرلمانية أو عدمه يعتمد على نتائج حواراته وتفاوضه مع القوى السياسية، وهي في بدايتها، وهذا الأمر بحاجة إلى وقت من أجل أن تتضح الرؤى بشكل نهائي وواضح".
لكن النائب عن ائتلاف "دولة القانون"، علي الغانمي، يشدّد لـ"العربي الجديد"، على أن موقف كتلته وكتلة "تحالف الفتح"، ما زال هو نفسه ولم يتغير، في رفض آلية تكليف الزرفي بتشكيل الحكومة. ويضيف أن "موقفنا ثابت، وهو رفض آلية التكليف لا شخص عدنان الزرفي، والرجل الآن يحاور الأطراف السياسية، ويحاول إقناع الكتل السياسية الرافضة، لكن هذه الكتل لا تريد أن تؤسس لقرار فردي، من دون الرجوع إلى الكتلة الكبرى، حسب الدستور العراقي"، في إشارة إلى خطوة رئيس الجمهورية برهم صالح بتكليف الزرفي من دون الرجوع للقوى الرافضة له. ويشير إلى أن "منصب رئيس الوزراء، استحقاق للمكون الشيعي وفق العرف السياسي، ولن نخرج من هذا الاستحقاق، وأي مرشح يجب أن يخرج من خلال الكتلة الكبرى، ولا تراجع عن هذا الموقف، وهذا الأمر سارت عليه جميع عمليات التكليف السابقة".
من جانبه يشير القيادي في تحالف "الفتح"، سعد السعدي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى أنه "لا يوجد أي تراجع أو تغيير في تحالف الفتح وحلفائه من ائتلاف دولة القانون وغيرها من الجهات السياسية الرافضة، بل ما زلنا نرفض بشكل قاطع سلوك رئيس الجمهورية برهم صالح في تكليف عدنان الزرفي، بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، من دون الرجوع إلى الكتلة الكبرى. وتعدّ هذه الخطوة مخالفة دستورية كبيرة وانقلابا على الدستور، وبهذا التصرف أصبح صالح شخصية جدلية لمخالفته الدستور وكذلك لاختيار شخصية لا تنطبق عليها شروط ومواصفات المرجعية والمتظاهرين".
ويرى السعدي أن "رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، مدعوم من قبل الإدارة الأميركية، ولهذا لم ولن نقبل بتمرير هذه الشخصية في البرلمان العراقي". ويضيف السعدي أنه إذا "تمّ السكوت عن تصرف رئيس الجمهورية برهم صالح، فسيصبح الأمر بدعة تتيح لكل رئيس جمهورية في الحكومات المقبلة أن يرشح شخصية من قبله من دون الرجوع إلى الكتل السياسية، ولهذا موقفنا برفض الزرفي قاطع وأي شخصية لن تمرّ من دون موافقة تحالف الفتح والكتل السياسية الشيعية، وهذا عرف لا يمكن إلغاؤه"، نافياً وجود حوار بين تحالف الفتح ورئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي. ويكشف السعدي أن "الحوارات السياسية بين الأطراف الشيعية مستمرة، لإيجاد بديل عن الزرفي، وتم طرح أسماء عدة منها أساتذة جامعيون وكذلك قضاة وغيرهم، والحوارات مستمرة لحين الاتفاق على بديل الزرفي، لتقديمه بشكل رسمي لرئيس الجمهورية لغرض تكليفه، بعد إعلان الزرفي اعتذاره أو سقوطه في تصويت البرلمان".
في المقابل يشير المحلل السياسي محمد التميمي، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، ما زال مرفوضاً لدى السياسيين الشيعة، رغم محاولته تغيير هذا الرفض إلى دعم، ومع وجود تدخلات إيرانية لصالحه، لكن الرفض الشيعي ما زال قوياً". ويضيف التميمي أن "رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي، حاول أيضاً كسب بعض النواب في البرلمان بعيداً عن رؤساء كتلهم، لكن هذا الأمر لا ينجح، فهذه الخطوة، عمل بها سلفه محمد توفيق علاوي، في جلسة التصويت، وخذله النواب ولم يحضروا، لكن من الممكن إقناعهم بالحضور والتصويت لصالحه، من خلال قبول مرشحين لهم لبعض الوزارات، وهذا الأمر يحدث في كل تشكيل حكومة عراقية، وليس بجديد".