يُستدلّ من استعراض البنود الرئيسية لخطة العمل متعددة السنوات، لجيش الاحتلال الإسرائيلي، التي تحمل اسم "تنوفاه" أي "زخم أكبر"، وأعدها رئيس الأركان الجديد، أفيف كوخافي، على اتجاه جيش الاحتلال إلى مواصلة الخط القتالي لرئيس الأركان السابق، غادي أيزنكوط، مع تعديلات على بنية القوة العسكرية، وإقامة قيادة خاصة للحرب ضدّ إيران، يقف على رأسها جنرال، وتكون مهمتها تركيز كل النشاطات والخطط القتالية والعمليات الميدانية السرية والعلنية ضدّ إيران وجهودها، سواء لناحية التموضع العسكري في سورية، أو مشروع تطوير الترسانة الصاروخية لـ"حزب الله" في لبنان، أو الاتجاه نحو خيار نووي.
وبحسب تقارير نشرتها الصحف الإسرائيلية، فإنّ الخطة الجديدة تقضي أيضاً بتسريح سربين من مقاتلات "أف 16" والاستعاضة عنها بمقاتلات "أف 35". وكذلك، تعزيز القوة العسكرية لسلاح الجو الإسرائيلي عبر الاستعانة بكم كبير من الطائرات المسيّرة الانتحارية، والتي سيتم تشغيلها من الأرض عبر تنسيق بين قادة الجيوش البرية مع سلاح الاستخبارات، وتوجيه هذه المسيّرات المفخخة الانتحارية لضرب الهدف المنشود، على غرار طائرات "الكاميكازي الانتحارية" التي استخدمتها اليابان في الحرب العالمية الثانية، مع فارق كون المسيّرات الإسرائيلية الجديدة، خالية من العنصر البشري.
ومع أنّ الخطة تقوم على تعزيز قوة الجيوش البرية والقوة النارية لجهة تحويلها إلى قوة فتاكة، فهي تقوم أيضاً على عدم "إهدار" الأسلحة المتطورة في عمليات غير محسوبة.
إلا أنّ الخطة تواجه، بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم"، عائقين أساسيين: الأول هو غياب المصادقة عليها رسمياً من قبل الكابينيت السياسي الأمني في الحكومة، والثاني الأزمة السياسية في إسرائيل، وعدم وغياب حكومة مستقرة وثابتة تمكّن الجيش من المضي في تطبيق الخطة الجديدة. ناهيك عن العجز المالي في ميزانية الحكومة الذي يصل اليوم إلى 52 مليار شيقل (نحو 15 مليار دولار)، مع ما يرافق ذلك من عدم وجود ميزانية سنوية رسمية.
ووفقاً لـ"يسرائيل هيوم" و"معاريف" وصحف أخرى، فقد تمّ أول من أمس الخميس عرض الخطة رسمياً أمام قادة الجيش، وبحضور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن نفتالي بينت. وقالت "يسرائيل هيوم" إنّ الخطة تحمل تغييرات كثيرة في بنية القوة الإسرائيلية، وفي بناء الجيش نفسه، بدءاً من هيئة الأركان ونزولاً حتى الوحدات القتالية البرية وقوات الاحتياط.
وبحسب رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، فإنّ "الخطة ستحوّل الجيش إلى آلة حرب نافذة وفتاكة، تمكّن من تقصير مدة الحرب المقبلة وتضاعف إنجازاتها". وبحسب موقع القناة السابعة، فإنّ المقصود بالفتاكة هو "شنّ آلاف الغارات والهجمات الصاروخية والجوية في يوم واحد، وإيقاع مئات القتلى في الطرف الآخر". وكان سبق لكوخافي أن أعلن قبل أشهر، أنّ أحد مقاييس النجاح التي سيعتمدها جيش الاحتلال في تقييم أداء الضباط والجنرالات هو عدد القتلى في الطرف الآخر.
وفيما كانت خطة "جدعون" التي طبقها رئيس الأركان السابق، غادي أيزنكوط، ركّزت على بناء القوة البرية والجيش البري على حساب قوة سلاح الجو، انطلاقاً من تبني تطوير عقيدة "الضاحية" أي القصف المكثف من الجو، كما تجلى في العدوان الإسرائيلي عام 2006 على لبنان، وتحديداً الضاحية الجنوبية من بيروت، فإنّ الخطة الجديدة، تتبنى تطوير المواجهة ضدّ إيران لجهة بناء قيادة مستقلة يقودها جنرال وتعمل بالتنسيق التام مع شعبة الاستخبارات العسكرية وذراع السايبر وقسم التخطيط، تحت قيادة الجنرال نفسه، ووظيفتها التركيز على كل ما يتصل بـ"الجبهة الإيرانية".
في المقابل، وبالنسبة للقوة العسكرية، سيتم إغلاق أكثر من لواء في سلاح المدرعات في سلك الاحتياط، لصالح رصد ميزانيات إضافية في إطار تركيز الجهود على مواجهة الحرب المقبلة والجيوش غير التقليدية، وجيوش "غريلا" (أي نمط حرب العصابات والتشكيلات العسكرية غير النظامية) مثل "حماس" و"حزب الله" و"الجهاد الإسلامي".
في موازاة ذلك، سيعزّز الجيش الإسرائيلي، وفق الخطة الجديدة، عتاده العسكري، عبر التخلّص من مئات شاحنات النقل والمدرعات القديمة واستبدالها بعتاد جديد، إذ لن يقف الأمر فقط عند تغيير أسراب من مقاتلات سلاح الجو، وإطلاق قمر اصطناعي جديد لأغراض الاستخبارات وجمع المعلومات، وزيادة الاستثمار في قطاع السايبر الهجومي وليس الدفاعي فقط.
في موازاة ذلك، تقوم الخطة الجديدة أيضاً على مضاعفة عدد وحجم "بنك الأهداف" المعرّضة للاستهداف من قبل الجيش في حالات التصعيد العسكري على مختلف الجبهات، بما يمكّن من إضعاف قوة العدو وضربها بقوة كبيرة. وبحسب قادة جيش الاحتلال، فإنه إذا تسنّى تحقيق ذلك، فمن شأن ضرب أكبر عدد من الأهداف أن يتيح حسم القتال أو يدفع الطرف الآخر إلى وقفه.
ونقلت الصحف الإسرائيلية عن رئيس الأركان قوله أثناء عرض الخطة الخميس، إنّ "التحديات حولنا لا تسمح لنا بالانتظار، ولذلك، وعلى الرغم من تعقيدات الخطة، فقد تم إطلاقها فعلياً، بما في ذلك عبر تحويل مئات ملايين الشواقل من ميزانية الجيش لصالح تطبيق الخطة الجديدة، على الرغم من أنه لم تتم المصادقة عليها نهائياً بعد".
مع ذلك، يبدو بحسب مراقبين في الجيش، أنّ فرص تطبيق الخطة "لا تزال مرهونةً بموقف نتنياهو النهائي". وفيما أعلن الأخير أنه يوافق عليها بشكل عام، قال في الوقت نفسه إنه ينبغي إقرارها في الكابينيت، على الرغم من أنه، بحسب مصادر في الجيش تحدثت لصحيفة "يسرائيل هيوم"، كان شريكاً في مراحل إعداد الخطة كلها.
وإذا ما تمّ تخطي حاجز نتنياهو، فإنّ من شأن وزير الأمن الجديد بعد الانتخابات، أن يطلب بدوره إدخال تعديلات على الخطة، ناهيك عن أنّ العجز المالي في ميزانية إسرائيل لا يشي بإمكانية توفير كافة المبالغ المطلوبة لتنفيذها. وبالإضافة إلى كل هذه العوائق، يبدو أنّ الجيش يواصل مواجهة ظاهرة تراجع الروح القتالية عند الجنود، وكذلك تراجع نسبة الجنود الذين يقبلون على الخدمة في الوحدات القتالية، وهو ما كان أشار إليه أخيراً، نائب رئيس الأركان السابق، الجنرال يئير غولان.
إلى ذلك، لا تزال معطيات تقرير مفوض شكاوى الجنود في الجيش، الجنرال احتياط يتسحاق بريك، بشأن تدني جهوزية الجيش لمواجهة الحرب المقبلة، تلقي بظلالها أيضاً على مستقبل الخطة الجديدة.