ويأتي ذلك في ظلّ استمرار التظاهرات في العاصمة بغداد ومدن جنوب ووسط البلاد، التي سجلت، يوم أمس الأربعاء، مواجهات جديدة بين المتظاهرين وقوات الأمن، أسفرت عن إصابة نحو 30 متظاهراً جراء قنابل الغاز والرصاص الحي، بينما أعلن في كربلاء عن وفاة متظاهر متأثراً بجروح أصيب بها قبل أيام بنيران قوات الأمن العراقية.
وفي رسالة وجهها الرئيس العراقي برهم صالح إلى القوى السياسية الرئيسة المعنية بملف تسمية رئيس الحكومة الجديد، نشرتها وسائل إعلام محلية، وأكدها سياسيون وأعضاء في البرلمان، قال إنّ "العراق يواجه منعطفات سياسية خطيرة تحتّم علينا جميعاً أن نتصدى بمسؤولية لها، لتلافي مزيدٍ من التعقيدات في المشهد العراقي، ولتحقيق مطالب الشعب المشروعة بتشكيل حكومة جديدة تمهّد للانتخابات المقبلة".
وأشار صالح إلى أنّ "الأحداث أخذت تتسارع والمشهد يزداد تعقيداً على المستويين الرسمي والشعبي، فهناك أعداد متزايدة من الشهداء والضحايا من المتظاهرين السلميين والقوى الأمنية، ونعتقد أنّ العقدة الأكبر تكمن في الوصول إلى الحدود المعقولة للاتفاق على المرشح الجديد لرئاسة الوزراء"، محذراً من أنّ "الاستمرار بالوضع الحالي أمر محال وينذر بخطر كبير وتعقيد أكبر".
ودعا صالح إلى "الاتفاق على مرشح جديد لرئاسة الوزراء ورفعه إلى رئاسة الجمهورية من أجل إصدار أمر التكليف"، مؤكداً أنه "في حال لم تتمكّن الكتل المعنية من حسم أمر الترشيح في موعد اقصاه السبت، 1 فبراير/ شباط المقبل، أرى لزاماً عليّ ممارسة صلاحياتي الدستورية، من خلال تكليف من أجده الأكثر مقبولية نيابياً وشعبياً، وفي إطار مخرجات المشاورات التي أجريتها خلال الفترة الماضية مع القوى السياسية والفعاليات الشعبية".
في السياق، كشفت مصادر في رئاسة الجمهورية العراقية لـ"العربي الجديد"، عن "توافق كبير على ترشيح رئيس جهاز المخابرات الحالي مصطفى الكاظمي لرئاسة الحكومة المقبلة، لكن هناك فصائل مسلحة وكتلاً سياسية مقربة من إيران ترفضه، وهو السبب في تأخر الإعلان عن تكليفه إلى الآن". وأوضحت المصادر أنّ "صالح سيقوم بتكليف الكاظمي، في حال لم تتوصّل القوى السياسية لاتفاق نهائي، فهو يرغب بذلك الترشيح، بعد حصوله على دعم من قبل (زعيم تحالف سائرون) مقتدى الصدر و(زعيم تيار الحكمة) عمار الحكيم و(زعيم تحالف النصر) حيدر العبادي، وقوى سياسية أخرى"، مشيرةً إلى تراجع فرص المرشحين الآخرين، وهما علي شكري ومحمد توفيق علاوي في الساعات الماضية.
من جانبه، قال القيادي في تيار "الحكمة" محمد الحسيني، في اتصال مع "العربي الجديد"، إنّ "آخر اجتماع بين صالح والقوى السياسية، كان أول من أمس الثلاثاء، إذ أبلغها بأنّ آخر مهلة لها هي نهاية الأسبوع، أي لغاية يوم السبت المقبل، وإذا لم تتفق هذه القوى على آلية معينة تنتج مرشحاً غير جدلي، سوف يقوم هو بتكليف مرشّح يعتقد أنه غير جدلي".
وأكّد الحسيني أنّ "الضغط الذي يمارسه صالح، بالإضافة إلى ضغط الشارع العراقي وضغط مرجعية النجف، سيجبر القوى السياسية على حسم أمرها قبل انتهاء مهلة رئيس الجمهورية"، مضيفاً أنّ مهلة صالح "ليست تهديداً أو للضغط، ففي حال لم تتوصل القوى السياسية لاسم، سيكلف هو بالفعل شخصية لرئاسة الحكومة العراقية، من دون الرجوع إليها".
بدوره، قال المحلل السياسي هشام الهاشمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "صالح جاد في قضية تكليف أحد الأسماء لرئاسة الوزراء يوم السبت المقبل، من دون الرجوع إلى القوى السياسية إذا لم تتفق الأخيرة، قبل المدة التي حددها، على شخصية غير جدلية". وأكّد الهاشمي أنّ رسالة صالح إلى الكتل السياسية "تأتي من أجل رفع الإحراج الذي هو فيه تجاه تحالف البناء، الذي لديه اعتراضات على من توافق عليه تحالف سائرون والحكمة والنصر والقوى السنية والكردية، فهذه الكتل توافقت على رئيس جهاز المخابرات الحالي مصطفى الكاظمي".
وأضاف الهاشمي أنه وفق التسريبات، فإنّ زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، ورئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض، لديهما تحفظ على الكاظمي، فيما زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري متردّد، وزعيم حركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي رافض لهذا الترشيح. غير أنّ صالح، بحسب الهاشمي، "قادر على تكليف شخصية من دون الرجوع إلى القوى السياسية، لكن يبقى السؤال المهم: هل يستطيع هذا المكلّف الحصول على ثقة مجلس النواب"، مضيفاً "الشخصية المكلفة تستطيع الحصول على ثقة البرلمان العراقي، إذا وافق عليها هادي العامري أو نوري المالكي، حتى لو بقي فالح الفياض متحفظاً وقيس الخزعلي رافضاً".