توافد الآلاف من المتظاهرين العراقيين إلى شوارع مدينة الناصرية، عاصمة محافظة ذي قار، وذلك بعد ساعات من هجوم شنته مجموعة مسلحة يُرجَّح أنها تابعة لإحدى المليشيات على ساحة الحبوبي، نواة التظاهرات الرئيسة في المحافظة، وأدى إلى مقتل متظاهر وإصابة آخرين، وإحراق خيام المعتصمين فجر اليوم الاثنين، بعد نهار ساخن أمس الأحد، حيث قتل ثلاثة متظاهرين وأصيب نحو 80 آخرين من المتظاهرين بنيران قوات الأمن في ذي قار وحدها، أسخن مدن جنوبي العراق.
وقطع المتظاهرون الجسور والطرق الرئيسية في الناصرية من خلال إحراق إطارات السيارات، بحسب مصادر محلية قالت لـ"العربي الجديد" إن هذه القطوعات تسبب شللاً شبه تام لحركات السيارات في المدينة، موضحة أن المتظاهرين طالبوا بالكشف عن الجهة التي تقف وراء المسلحين الذين اقتحموا ساحة الحبوبي وأطلقوا النار باستخدام أسلحة متطورة.
وطالب المتظاهرون بالاستقالة الفورية لقائد شرطة ذي قار، وجميع المسؤولين والضباط الآخرين، لصمتهم عن المجازر التي يتكرر ارتكابها بحق متظاهري المحافظة.
وواصل متظاهرو ساحة الحبوبي نصب خيم الاعتصام في الساحة بدلاً من تلك التي أُحرِقَت، وبنوا بعض الأماكن التي يمكن أن تقي المتظاهرين أية هجمات جديدة.
وتزامن ذلك مع وصول أعداد كبيرة من المحتجين وطلبة المدارس والجامعات لإسنادهم.
وألقى قائد شرطة ذي قار، العميد ناصر الأسدي، بمسؤولية اقتحام ساحة الحبوبي على "طرف ثالث" لم يسمّه، مبيناً، في تصريح صحافي، أن المسلحين الذين هاجموا ساحة اعتصام الحبوبي وسط الناصرية وأحرقوا الخيم فيها "ما زالوا مجهولي الهوية".
وأشار الأسدي إلى أنهم "كانوا يرتدون الزي العربي ويستقلون مركبات مجهولة اللوحات"، موضحاً أن "دوريات الشرطة طاردت عجلات المسلحين، إلا أنها لم تتمكن من اللحاق بها"، مضيفاً أن "حادث حرق الخيم في الساحة، الذي سبب أيضاً سقوط شهيد وعدد من الجرحى، يبيّن وجود طرف ثالث يحاول إيقاع الفتنة بين القوات الأمنية والمتظاهرين السلميين".
وشدد المتحدث ذاته على عدم وجود أي نية لدى القوات الأمنية لفضّ التظاهر والاعتصام بساحة الحبوبي، مؤكداً "فتح مجالس تحقيقية ضد عناصر الأمن الذين أطلقوا النار على المتظاهرين في جسر فهد ومركز المحافظة (الناصرية) في وقت سابق".
يأتي ذلك في وقت دعا فيه ناشطون عراقيون في مختلف ساحات الاحتجاج إلى المشاركة بكثافة في "مليونية كانون" المقرر أن تنطلق الجمعة المقبل، لرفض القمع الحكومي المتواصل، وحرق خيم المعتصمين، والمطالبة بتشكيل حكومة مستقلة غير خاضعة لأحزاب السلطة.
وتوافد آلاف المتظاهرين على ساحة التحرير في بغداد للمطالبة بمحاسبة القتلة والمعتدين على ساحات الاحتجاج، و"إدامة زخم الاحتجاج حتى تحقيق جميع المطالب".
وجابت تظاهرات واسعة مدينة كربلاء للتضامن مع معتصمي ساحة الحبوبي.
وشهدت التظاهرة مشاركة طلابية واسعة، ودعا المحتجون إلى أن تكون تظاهرة الجمعة "وقفة بوجه الظلم والقتل والاختطاف والترهيب".
وفي مدينة الديوانية، مركز محافظة القادسية، تظاهر الآلاف لـ"التنديد بممارسات السلطات العراقية ضد المتظاهرين"، ونظم المئات من محامي المدينة مسيرة مؤيدة للاحتجاجات والمطالبة بـ"محاكمات عادلة للجناة الذين تورطوا بقتل المتظاهرين".
كذلك ردد المتظاهرون في ساحة الغدير بمدينة السماوة هتافات رافضة لاستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين، ورفعوا أعلام الأمم المتحدة، مطالبين بتدخل عاجل من قبلها لحماية المتظاهرين.