اليمن: استنفار عسكري بعد اختراق الحوثيين معاقل الشرعية

26 يناير 2020
صدمة كبيرة وحالة من الذهول في أوساط الشرعية اليمنية(Getty)
+ الخط -
صدمة كبيرة وحالة من الذهول في أوساط الشرعية اليمنية، عقب الاختراق الميداني المفاجئ، الذي حققه مسلحو جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، على أطراف صنعاء وحتى مشارف مأرب وصولاً إلى الجوف، الأمر الذي يشكل تهديداً غير مسبوق للشرعية، في أبرز معاقلها وسط البلاد، عقب الخسائر التي مُنيت بها جنوباً، نتيجة انقلاب حلفاء الإمارات، خلال الشهور الماضية.

وكشفت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، عن حالة استنفار قصوى في أوساط قوات الجيش الموالية للشرعية، في محافظة مأرب ومحيطها، مع تحركات على أكثر من صعيد، بما في ذلك استقدام التعزيزات العسكرية من مختلف مناطق انتشار الجيش والتحشيد في مناطق القبائل، لاستدراك الموقف العسكري في منطقة نهم الاستراتيجية شرقي صنعاء، والتي كانت في صدارة جبهات مواجهة الحوثيين ورأس حربتها بالتلويح بالتقدم نحو العاصمة الخاضعة لسيطرة الجماعة منذ سنوات.

وفي مؤشر على حجم التهديد، الذي تشكله التطورات، أطلق علي محسن صالح الأحمر، نائب الرئيس اليمني، السبت، دعوة لكل الوجهاء والأعيان وشيوخ القبائل والمواطنين وكل من وصفهم بـ"الأحرار"، إلى الاستنفار، ومواجهة ما وصفه بـ"الخطر الداهم"، الذي قال إنه "فور تمكنه في مناطق سيطرته شرع في تصفية وإهانة الوجاهات والشخصيات التي قدمت له خدمات جليلة"، كما ظهر بالتزامن محافظ مأرب، اللواء سلطان العرادة، بخطاب مصور، يؤكد على استمرار المواجهة مع الحوثيين حتى استعادة السيطرة على صنعاء، بعد أن قطع رحلة علاجية وعاد إلى البلاد، إثر التطورات الأخيرة.

وكشفت مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد"، عن تفاصيل حول الاختراق الذي حققه الحوثيون، حيث استغلوا ثغرات خفف الجيش من الانتشار فيها، في ظل التهدئة النسبية التي سادت الجبهة منذ ما يقرب من عامين، ونفذوا هجوماً كبيراً من عدة محاور، ليصلوا إلى منطقة فرضة نهم، في حين بدا أن فراغاً كبيراً تركته قوات الشرعية، التي لم تحسب لهجوم مضاد من هذا النوع، على عكس الحوثيين الذين حشدوا مختلف إمكانياتهم العسكرية لتحقيق هذا الاختراق، على الرغم من أن المعلومات تشير إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجماعة، خلال محاولة التقدم المكلفة، في الأيام الأخيرة.

ووفقاً للمصادر، فإن الحوثيين، وبالإضافة إلى التقدم في نهم، سعوا للتقدم بالتزامن باتجاه محافظة الجوف، الواقعة شمالي مأرب على الحدود مع السعودية، وهي محافظة كبيرة المساحة قليلة السكان، فضلاً عن محاولة التقدم من أطراف مأرب الغربية، حيث منطقة صرواح، التي تستميت الجماعة للحفاظ على السيطرة على أجزاء منها منذ سنوات.

وخلال الـ48 ساعة الماضية، بدأت قوات الشرعية هجوما معاكسا، بتحريك مختلف الوحدات العسكرية من مأرب، لاسترداد المناطق التي فقدتها في مديرية نِهم، كما حققت تقدماً في منطقة جبل هيلان، الذي يحتل أهمية عسكرية كبيرة في جبهة صرواح، وذلك بإسناد جوي من مقاتلات التحالف، التي شاركت بضربات جوية، على الرغم من أن العديد من المصادر الحكومية، ترى أن الإسناد حتى اليوم، على الأقل، لم يرق إلى مستوى التهديد، الذي يمثله تقدم الحوثيين، ليس فقط شرقي صنعاء، بل وتهديد معاقل نفوذ الشرعية، في مأرب.

 

وفي الوقت الذي لا يزال فيه تقدم الحوثيين، في أكثر من جبهة، خطوة غير آمنة، معرضة للتراجع، في ظل جملة من الظروف الميدانية والعسكرية، وتقول الشرعية، إنها قادرة على استعادة زمام المبادرة، تواجه القيادات العسكرية في الشرعية، وفي المقدمة منها وزير الدفاع محمد علي المقدشي، جملة من الانتقادات، ترى أن ما حصل يمثل إخفاقاً كبيراً ترك ظهر الشرعية مكشوفاً، في وقتٍ كان فيه جنود الجيش يرابطون من دون مرتبات منذ شهور، فضلاً عن علامات استفهام توضع حول دور التحالف، بما فيه الإمارات على وجه التحديد، والتي حولت حربها من دعم مفترض لـ"الشرعية"، إلى حربٍ عليها في المناطق الجنوبية.

من زاوية أخرى، ما تزال تطورات أطراف صنعاء ومأرب مفتوحة على جميع الاحتمالات، في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، إذ أن التصعيد، إجمالاً، يجعل اتفاق استوكهولم، الذي أوقف عمليات الشرعية نحو الحديدة، معرضاً للانهيار في أي لحظة، وفقاً لما تقول الحكومة، بالإضافة إلى أن تقدم الحوثيين والتهديد الذي مثله، دفع إلى حالة استنفار غير مسبوقة في صفوف الشرعية، تجعل المعركة مصيرية بالنسبة إليها، وقابلة لتعديل الموازين ضد الحوثيين، مثلما أن استمرار تقدم الجماعة في المقابل، يهدد سيطرة الشرعية في مأرب، والجوف، وحتى أجزاء من محافظة البيضاء، وبالتالي تعديل موازين القوى الميدانية يمنياً، لصالح الحوثيين، بعد خمس سنوات من الحرب التي قال التحالف بقيادة السعودية إنه جاء لدعم الشرعية فيها.

المساهمون