تناقش الرئيسان، الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتونسي قيس سعيد، حول أهمية مشاركة تونس في أية مبادرة مقبلة حول الأزمة الليبية، وذلك على خلفية اعتذار تونس عن المشاركة في مؤتمر برلين، أمس الأحد، لتأخر تسليم الدعوة لها.
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان لها: "تلقى رئيس الجمهورية قيس سعيد في وقت متأخر من مساء الأحد، اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبلغ الرئيس الفرنسي رئيس الجمهورية تفهمه عدم مشاركة تونس في مؤتمر برلين، وأحاطه علماً بما تمت مناقشته والتوصل إليه في هذا المؤتمر".
ووفقاً للبيان: "تناولت المحادثة أيضاً ضرورة مشاركة تونس في أي مبادرة قادمة"، مضيفاً أن "رئيس الجمهورية أشار إلى أن تونس هي أكثر الدول تضرراً من الوضع السائد اليوم في ليبيا".
وأضافت الرئاسة التونسية، أن "الرئيس الفرنسي جدد لرئيس الجمهورية دعوته لزيارة فرنسا، كما تولى الرئيس قيس سعيد دعوة الرئيس ايمانويل ماكرون لزيارة تونس".
وذكّر الرئيس التونسي، وفقاً للرئاسة، أنه "قدم مبادرة خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، جمع خلالها ممثلي القبائل والمجتمع المدني الليبي من أجل التوصل إلى حل ليبي ليبي".
وعن مغزى الاتصال الذي أجراه ماكرون مع سعيد، أوضح المحلل السياسي وأستاذ الفلسفة السياسية قاسم الغربي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاتصال يعكس فهم الجانب الأوروبي للخطأ الواقع في تغييب تونس، وإدراكه أنه لا يمكن الاستغناء عن دورها في حل الملف الليبي".
وبيّن الغربي أنّ "مجريات مؤتمر برلين أوضحت أن كل الأطراف التي تدخلت كانت لصالح حليفها في الداخل الليبي أو لحماية مصالحها النفطية والطاقية هناك، باستثناء الطرف التونسي الذي لو كان حاضراً لكان الحرص على مصلحة الليبيين باعتباره طرفاً محايداً".
وأبرز في السياق ذاته، أن "الحياد التونسي جعل من البلاد ورقة مفتاح لحل الأزمة الليبية، لذلك لا يبدو اتصال ماكرون ودعوته لسعيد مجرد إجراءات بروتوكولية وإنما اتصال يتضمن اعترافاً بالدور التونسي وأهميته في حلحلة الأزمة".
ولم تشارك تونس، أمس الأحد، في مؤتمر برلين الذي تلقت دعوة للمشاركة فيه قبل يوم من انعقاده.
وقالت وزارة الخارجية التونسية، في بيان أول من أمس السبت، إن "الدعوة جاءت متأخرة، ولم تشرك تونس في المسار التحضيري للمؤتمر الذي انطلق منذ شهر سبتمبر/أيلول الماضي، رغم إصرارها على أن تكون في مقدمة الدول المشاركة في أي جهد دولي يراعي مصالحها ومصالح الشعب الليبي".
وأكدت الخارجية التونسية عدم تغير موقفها إزاء الملف الليبي واستمرار دعوتها لحل ليبي ليبي، بيد أنها قد تضطر إلى اتخاذ كافة الإجراءات الحدودية الاستثنائية لتأمين حدودها أمام أي تصعيد محتمل للأزمة في ليبيا.
واستخلص متابعون للشأن المحلي والدولي، أن تأكيد الخارجية على اتخاذ تدابير استثنائية في المناطق الحدودية، خلافاً لموقفها السابق إبان انطلاق أعمال العنف في ليبيا واستيعابها للأزمة الإنسانية عام 2011؛ رسالة مبطنة للجانب الأوروبي الذي غيّب تونس في مؤتمر برلين، تفيد بامتناعها عن أن تكون منصة للاجئين والفارين من الحرب، وإغلاق حدودها وهو ما يجعلهم يتجهون نحو أوروبا.