تسعة أشهر، ولا تزال حرب اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر متواصلة في محيط العاصمة طرابلس. ويتطلب توسع محاور القتال فيها، وانتقالها إلى مناطق أخرى، مقاتلين جدداً، وهو ما دفع بأنصاره للبحث عن وسائل جديدة للتجنيد.
وأعلن عبد الحميد الصافي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب المنعقد بطبرق في ليبيا، عقيلة صالح، قبل أيام، بدء تسجيل ما سماه بـ"قوائم الجهاد ضد الغزو التركي على ليبيا". وجاء الإعلان بعد ساعات من كشف تركيا عن بدء تدفق قواتها إلى ليبيا لدعم قوات حكومة الوفاق التي تدافع عن طرابلس. ووصف أنصار حفتر هذا الأمر بـ"الغزو التركي"، وذلك في إطار التعبئة العامة في البلاد ضد الدعم التركي المحتمل لقوات الحكومة. وأوضح الصافي أن مجلس النواب في طبرق أكد أنه يتوجب على المواطنين الانخراط في مليشيات حفتر والتسجيل في قوائم القتال من أجل تحضيرهم عسكرياً.
وكان المتحدث الرسمي باسم مليشيات حفتر أحمد المسماري قد كشف، في مؤتمر صحافي أخيراً، عن مقتل 7000 عنصر من المليشيات خلال المعارك مع القوات التابعة للحكومة في طرابلس، ما اعتبره الباحث في الشؤون الاجتماعية في ليبيا، عبد العزيز الأوجلي، خسارة كبيرة للبلاد. وأكدت أوساط ليبية أن حفتر يعتمد على الشكل المليشياوي في تحشيد قواته، بدليل اعتماده على مقاتلين مرتزقة جلبتهم دول داعمة له من شركات أمنية، مثل "فاغنر"، ومجموعات مسلحة من تشاد والسودان.
واعترف حفتر، في تصريحات سابقة، بأن "قواته" تألفت من مدنيين في بنغازي، وأطلق عليهم مسمى "القوات المساندة"، في إشارة إلى كتائب مسلحة تكونت من مقاتلين من أبناء الأحياء في بنغازي، وبعضها لا يزال يحمل مسميات غير عسكرية، مثل كتيبة "أولياء الدعم"، المكونة من مقاتلين مدنيين ينتمون إلى أطياف قبلية. وقال الأوجلي، لـ"العربي الجديد"، إن "حفتر يستخدم استراتيجيات للتعبئة، مثل فزاعة الحرب على الإرهاب، ومن بعدها الحرب على المليشيات التي سيطرت على المقدرات الاقتصادية للبلاد وحرمت أبناء القبائل منها، وأخيراً فزاعة الغزو التركي". وأشار إلى أن "قيادة حفتر وزعت مندوبين لها في المجالس الاجتماعية التي تمثل القبائل لإصدار بيانات تُحرض أبناءها على التوجه إلى جبهات القتال".
وكانت قيادة مليشيات حفتر قد أعلنت، قبل أيام، عقد اللواء المتقاعد اجتماعاً موسعاً مع ممثلي قبائل ترهونة والأصابعة، في مقره العسكري في الرجمة. وأشارت إلى أنهم أكدوا "رفضهم أي تدخل عسكري تركي في ليبيا، وجددوا دعمهم وتأييدهم الكامل للقوات المسلحة الليبية بقيادة المشير حفتر لمواجهة الغزو التركي". لكن اللافت في البيان هو حث "قبائل ترهونة والقبائل الليبية جميع أبنائها على حمل السلاح والانضمام إلى الجيش (مليشيات حفتر) وتكوين حائط صد قوي أمام التدخل التركي في الشؤون الليبية".
ولم يخف حفتر سعيه للتجنيد الإجباري، إذ كان قد أصدر، في مايو/ أيار الماضي، تعميماً نشرته وسائل إعلام مقربة منه لكافة المكاتب العسكرية بالمنطقة الغربية، وتحديداً في غريان، والشويرف، والقريات، والأصابعة، والعربان، بضرورة التحاق كل من يحمل رقماً عسكرياً بمحاور القتال، مهدداً بـ"إجراءات قانونية ستتخذ ضد المخالفين، وفقاً للقانون المعمول به في القوات المسلحة أوقات النفير". وكشفت اعترافات أسرى من مليشيات حفتر، اعتقلتهم القوات التابعة للحكومة، عن وجود تجنيد إجباري، إذ أكد أحد الأسرى أنه كان ضمن مجموعة كُلفت بحراسة حقول النفط قبل أن تجد نفسها على محاور القتال في جنوب طرابلس. وأكد الأوجلي أن "حفتر استغل بعض الأعراف القبلية السائدة في الجنوب الليبي، إذ أجبرت قبائل موالية لحفتر فروعها على تخصيص أعداد من أبنائها للقتال"، لكنه أشار إلى "تراجع تجاوب تلك القبائل مع مطالب حفتر بإرسال المزيد من المقاتلين بعد الخسائر البشرية الفادحة". ووفق الأوجلي، فإن مندوبين عن حفتر وصلوا منذ فترة إلى منطقة بني وليد في محاولة لتحريض أبناء ورفلة للاستفادة من هجومه الوشيك على مصراتة، موضحاً أن محاولته "تأتي في إطار اللعب على الثارات القبلية بين ورفلة ومصراتة".
ورغم مضي أربع سنوات على إطلاق حفتر أولى عملياته القتالية في بنغازي، مروراً بدرنة، شرق البلاد، واكتساحه للجنوب وصولاً إلى مناطق غرب ليبيا، لم تعلن قيادة مليشيات حفتر حتى الآن عن حجم الخسائر البشرية في صفوفها. وعن نتائج "قوائم الجهاد"، أوضح الأوجلي أن إعلان المسماري "الجهاد ضد الغزو التركي"، ولعبه على الوتر الديني والأعراف القبلية، أدى بالعديد من القبائل إلى "إعلان الجهاد". وفي المرج، شرق ليبيا، مركز حكم حفتر العسكري، أعلن، "أكثر من ألف شيخ قبيلة ليبي الدفع بأبناء قبائلهم للجهاد ضد الغزو التركي" بعد انتهاء اجتماع موسع بينهم.