مسودة اتفاق برلين: ثلاثة مسارات لحل الأزمة الليبية

18 يناير 2020
ينعقد مؤتمر برلين اليوم الأحد (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
تستعد برلين، الأحد، لاستضافة قمة دولية بشأن ليبيا تشارك فيها 12 دولة، بالإضافة إلى أربع منظمات دولية، وبمشاركة ليبية لم يتضح مستواها حتى الآن.

وتأتي هذه القمة بعد خمسة لقاءات مكثفة، أجراها وزراء خارجية وممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، انتهت إلى صياغة مسودة اتفاق سبق أن نشرها "العربي الجديد".

ولا يختلف مضمون مسودة الوثيقة عن سابقاتها في اتفاق باريس 1 وباريس 2، وإعلان باليرمو، وأخيرا ما تسرب من اتفاق أبوظبي، لكنها تبدو أكثر تفصيلا بتحديد ثلاثة مسارات لحل الأزمة في ليبيا.

وبحسب مراقبين للشأن الليبي، تبدو جدية برلين واضحة بجلاء في تشديد المشاركين فيها على مبدأ وقف إطلاق النار للمضي في مناقشة الوثيقة، بينما يرى غيرهم أن تفاصيلها المتسعة لتشمل جوانب جديدة هي ما تمثل أهميتها، كونها بحثت في جذور الخلافات السياسية في مستوياتها الأمنية والاقتصادية، كما تتضح جديتها في تصريحات المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، بأن الوثيقة، حال الاتفاق عليها، ستحال إلى مجلس الأمن الدولي لإقرارها.

وتشير تصريحات سلامة إلى أن قمة برلين ستعالج الأزمة الليبية في ثلاثة مسارات، سياسي واقتصادي وأمني عسكري.

وفي مسارها الأول، المعني بالجانب السياسي، تقترح المسودة تشكيل لجنة مؤلفة من أربعين عضوا بواقع 13 عضوا لكل من مجلسي الدولة والنواب، بينما ترشح البعثة الأممية 14 آخرين من القوى والأطياف السياسية الليبية الأخرى، من بينهم مؤيدو النظام السابق أيضا.

ورغم عدم وضوح أعمال هذه اللجنة حتى الآن، إلا أن اقتراح مسودة الوثيقة إنشاء مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية منفصلة عنه، يبدو أنه مما سيناط بهذه اللجنة، من خلال حوار سياسي جديد يبدو أنه سيذهب أيضا إلى اعتماد هذه اللجنة بديلا عن الجهات التشريعية في البلاد لمنح الثقة للحكومة الجديدة، في ظل استمرار تشظي مجلس النواب وانقسامه. كما قد يناط بهذه اللجنة الإشراف على انتقال البلاد إلى المراحل الدائمة من خلال تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية.

ويتضح من تواتر الحديث عن المسار السياسي، في أغلب بنود المسودة، شعور القائمين على الحل في برلين بتغلغل الانقسام السياسي في مفاصل المشكلة، وهو ما يعتبر إيجابيا، لكن تكليف لجنة مؤلفة في ثلثيها من المتصارعين لتشكل حكومة موحدة يبدو أنه سيكون عرقلة جديدة. فغني عن البيان أنهما الطرفان اللذان مثلا في السابق عراقيل للمضي في تنفيذ ما نتج عن المبادرات السابقة، وأبرزها اتفاق الصخيرات، فرغم توافقهم على تشكيل حكومة وفاق، إلا أن التجاذبات بين الخصمين أفضت إلى تحول الحكومة إلى طرف أساسي في الصراع القائم.

وفي المسار الأمني العسكري، تتقدم الاقتراحات التي تبرزها المسودة في التشديد على ضرورة وقف القتال، تزامنا مع التشديد على تطبيق حظر توريد السلاح لليبيا ووقف التدخلات الخارجية.

وبالتوازي مع إشارات تفيد بإمكانية إرسال فرق لمراقبة وقف إطلاق النار، توصي الوثيقة طرفي النزاع في ليبيا بتشكيل لجنة 5 + 5، المؤلفة من خمسة ضباط من كلا طرفي القتال في محيط طرابلس، لمتابعة وقف إطلاق النار، وبدء حوار أمني واسع يفضي إلى إدماج المجموعات المسلحة في المؤسسات الشرطية والعسكرية بعد تفكيكها، تمهيدا لتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد.

وأغفلت مسودة الوثيقة في هذا المسار آثار وجود آلاف المرتزقة المسلحين الذين جلبتهم الدول الداعمة لقوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، وذلك في إطار التدخل العسكري المباشر في ليبيا، من خلال وجود قواعد عسكرية لدول داعمة لحفتر أثبتتها تقارير الأمم المتحدة نفسها. ولم تحدد الوثيقة طريقة إخراج هذه القوات، ما يعني أنها ستشكل عامل تهديد في حال لم يكن توحيد المؤسسة العسكرية في صالحها، وتحديدا إذا تم إقصاء حفتر من رئاستها.

وفي ثالث المسارات، توصي المسودة بالعمل على المضي في تطبيق حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي أشرفت عليها البعثة الأممية في المناسبات السابقة، توازيا مع استمرار رؤساء المؤسسات الاقتصادية السيادية، كالبنك المركزي ومؤسسة النفط ومؤسسة الاستثمار، في لقاءاتهم الحوارية، لتنتهي بتوحيد تلك المؤسسات حتى سلطة تشريعية وتنفيذية واحدة، مع التشديد على ضرورة التوزيع العادل للثروة بين كل الليبيين.

المساهمون