قالت مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة على مفاوضات سد النهضة في واشنطن إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد، خلال لقائه بوزراء الخارجية والري بمصر وإثيوبيا والسودان بحضور وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، يوم الثلاثاء الماضي، حرصه "الشخصي" على التوصل إلى حل نهائي للقضية يضمن المكسب لجميع الأطراف، وأن تستفيد الدول الثلاث منه على حد سواء. وأوضحت أنه لمّح إلى استعداد الولايات المتحدة للعب دور الوسيط الرسمي المُلزم، وليس فقط المراقب، وفقاً للمادة العاشرة من اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في مارس/آذار 2015، وذلك لتكريس صورته كشخصية سياسية دولية يمكن الاعتماد عليها لنزع فتيل الأزمات.
وعلى عكس المتوقع، أعلن الوزراء استمرار المفاوضات ليوم ثالث في واشنطن، بعدما كان من المقرر عقد المفاوضات ليوم واحد فقط، وذلك بعدما فشلت المساعي الأميركية في بلورة مقترح نهائي يمكن العودة به للقيادة السياسية في مصر وإثيوبيا لإقراره نهائياً، وذلك بسبب استمرار تمسك أديس أبابا بمسألتين رئيسيتين: الأولى هي استئثار أديس أبابا الكامل بإدارة السد، سواء في فترات الرخاء أو الجفاف، واستبعاد أي مقترح مؤداه تدخل القاهرة والخرطوم في تحديد كميات المياه المارة من السد بصورة دورية، وهو يعتبر موقفاً منقلباً على ما سبق للإثيوبيين الموافقة عليه في واشنطن الشهر الماضي، الأمر الذي قد يؤدي إلى عودة المفاوضات لاعتناق فكرة وضع خطة زمنية واضحة لملء السد على أن يتم تطبيقها بصورة طبيعية في جميع الفترات، وأن إثيوبيا عرضت من جديد التفاوض حول الفترة.
أما المسألة الثانية التي تمسك بها وزير الري الإثيوبي، بحسب المصادر نفسها، فهي رفضه للفكرة التي يقوم عليها التفاوض المصري، وهي أن "مياه النيل مسألة حياة أو موت للمصريين"، حيث أكد، في المفاوضات وكذلك أثناء مقابلة ترامب، أن الإثيوبيين حُرموا منذ عقود من حقهم في التنمية، وأهدرت مليارات الأمتار المكعبة من المياه، واستفادت منها السودان ومصر فقط بسبب تخلف أنظمة الري والتخزين في بلاده، وبالتالي يجب على الدولتين مساندة الإثيوبيين في سعيهم للنهضة والاستفادة من الشريان المشترك للحياة، وخصوصاً أنه سبق أن عرضت أديس أبابا مشاركة مصر والسودان في جميع المشاريع التنموية القائمة على السد. وهذه السردية الإثيوبية تلقى أذناً صاغية لدى المسؤولين الأميركيين، الذين تصفهم المصادر بـ"المتعاطفين مع وضع مصر"، كما تجد شعبية في أوساط الدول التي تستثمر شركاتها في سد النهضة ومشاريعه المختلفة.
وأصدرت وزارة الري المصرية بياناً بعد جولة التفاوض الفنية الثالثة في الخرطوم الشهر الماضي قالت فيه إنها تتمسك بتدفق 40 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق سنوياً، وهو متوسط إيراد النهر في أثناء فترات الجفاف والجفاف الممتد، استدلالاً بما حدث في الفترة بين عامي 1979 و1987. وفي المقابل قالت إثيوبيا إنها تتوقع التوصل إلى اتفاق بالنظر لحالة فيضان النيل في السنوات الحالية، مع تأكيدها على تمسكها بأن الحفاظ على منسوب المياه في بحيرة ناصر عند 165 أو 170 متراً قد يؤدي إلى حرمانها من إمكانية الملء لشهور عديدة متتابعة، نظراً لتدني مستوى الفيضان في بعض الأحيان إلى أقل من 30 مليار متر مكعب، وبالتالي ترى أن المحددات لا يمكن أن تقاس بأي مؤشر في دولة المصب.