تسبب إفشال اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، بدعم من حلفائه في مصر والإمارات، لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي كان مقرراً توقيعه أول من أمس الاثنين في العاصمة الروسية موسكو، في حالة من الاستنفار الأمني في العاصمة طرابلس ومحيطها، وسط رصد عمليات تحشيد تقوم بها مليشيات حفتر. كما عادت أجواء التوتر السياسي، وسط محاولات من روسيا تحديداً لبحث سبل استئناف المفاوضات قبيل مؤتمر برلين الذي تأكّد موعده يوم الأحد المقبل، بعدما وجهت ألمانيا الدعوات للمشاركة فيه إلى كل من حفتر ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج، الذي زار تركيا، أمس، آتياً من روسيا. كما تلقت دول عدة الدعوات للمؤتمر، من بينها الجزائر التي أكدت حضورها. وتعددت التسريبات حول أسباب إفشال حفتر للاتفاق الذي كانت تعوّل عليه روسيا بالتفاهم مع تركيا، قبل أن يقلب اللواء المتقاعد الطاولة، مساء الاثنين، بمغادرته موسكو عائداً إلى مدينة بنغازي الليبية، بتحريض من حلفائه في القاهرة وأبوظبي، بحسب ما أكدت مصادر "العربي الجديد". لكن في المجمل يمكن تلخيص الذرائع التي يتحجج بها حفتر بأربع نقاط رئيسية، تتعلق أولاً بالخلاف المستمر بشأن حلّ المليشيات في العاصمة طرابلس، وهو ما أشار إليه مصدر عسكري مقرب من حفتر لوكالة "سبوتنيك" الروسية مساء الاثنين، قائلاً إنّ الأخير "باقٍ على الاتفاق، ولكن الخلاف على المليشيات وتفكيكها، كان عائقاً أمام موافقته على التوقيع"، لافتاً إلى أنّ "الوفد المرافق للسراج لا يريد زمناً لحل المليشيات ويريدها نقطة معلقة بالاتفاق".
أمّا النقطة الثانية، فتتعلق، وفقاً للتسريبات، بالبند الخاص بتحديد نقاط التماس بين مليشيات شرق ليبيا وقوات الحكومة، إذ طالب حفتر بإضافات إلى هذا البند من شأنها أن تحفظ أماكن تمركز مليشياته في جنوب طرابلس، بل وتمكينه من منطقة السدادة التي تقع على بعد 90 كيلومتراً شرق مصراتة، في وقت كانت مسودة الاتفاق التي حصلت عليها "العربي الجديد"، الاثنين، تنصّ على عودة جميع القوات إلى مواقعها التي سبقت تاريخ 4 إبريل/ نيسان 2019، وهو اليوم الذي بدأت فيه مليشيات حفتر هجومها على العاصمة.
وفي السياق، أكّد دبلوماسي ليبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّه وفق مسودة وثيقة الاتفاق، فإنّ "قوات حفتر ستعود إلى قاعدة الجفرة، بينما ستعود القوات التي تساندها من ترهونة إلى معسكراتها داخل المدينة، مقابل عودة قوات الحكومة الآتية من مصراتة، والمتمركزة في طرابلس في أبوسليم وامعيتيقة وتاجوراء، إلى مواقعها الأصلية".
ثالثة الذرائع التي استخدمها لإفشال الاتفاق، ترتبط باعتراضه على أنّ اتفاقه مع حكومة السراج "يعد اعترافاً منه بها"، مشدداً على أنها "لم تحظ باعتراف مجلس النواب (في طبرق)".
وبعد استعصاء تنفيذ مطالبه، كون الحكومة تستمدّ اعترافها من قرار أممي، برزت الحجة الرابعة والتي تتعلق بـ"ضرورة إلغاء الاتفاقات الموقعة بين حكومة الوفاق والحكومة التركية".
وفي السياق، كشفت مصادر مصرية كواليس الانسحاب المفاجئ لحفتر، قائلةً لـ"العربي الجديد"، إنّ خطوته جاءت بضغوط إماراتية ومصرية، وذلك بعدما كان قد طلب مهلة حتى صباح أمس، الثلاثاء، قبل أن يقطع تلك المهلة ويغادر مع الوفد المرافق له من دون توقيع الاتفاق. وبحسب المصادر، فإنّ الدور التركي الكبير وحجم النفوذ الذي يتيحه الاتفاق لأنقرة في المشهد الليبي، كان السبب الأساسي في دفع كل من الإمارات والسعودية ومصر لرفضه، وتوجيه حفتر بالانسحاب، والعودة مباشرة إلى ليبيا.
اقــرأ أيضاً
وأشارت المصادر إلى أنّ حفتر أبلغ الجانب الروسي بأنّ البند الخاص بإشراف تركي على تنفيذ وقف إطلاق النار وخريطة الطريق المترتبة عليه، غير مقبول تماماً، خصوصاً أنّ أنقرة طرف أساسي في النزاع. كما أبلغ حفتر مسؤولي فريق الاتصال الروسي بأن اتفاق وقف إطلاق النار لا بدّ أن يتضمّن نصاً واضحاً يقضي بتجميد الاتفاق الأمني الموقع بين حكومة السراج وتركيا، وذلك لحين التوافق بشأن تسوية سياسية شاملة تضمن مراجعة كافة الاتفاقات السياسية الموقّعة من جميع الأطراف.
ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ حفتر أبلغ المسؤولين الروس بتلك الملاحظات بعدما قام بتأجيل التوقيع على الاتفاق، وعاد إلى المسؤولين في كل من مصر والإمارات والسعودية، قبل أن يتلقى رداً من المسؤولين الروس بصعوبة تنفيذ تلك الملاحظات حالياً، موضحةً أنّ حفتر بعد ذلك أبلغهم برفضه التوقيع.
من جهتها، كشفت مصادر غربية في القاهرة عن ترتيب المشهد بالكامل بشكل مسبق ليخرج بهذه الصورة، مؤكدةً أنّ حفتر ذهب إلى موسكو وقرار الرفض متّخَذ لديه، خصوصاً أنّ مسودة الاتفاق تمّ عرضها عليه قبل 48 ساعة كاملة وقبل وصوله إلى موسكو، إلا أنّه توجه للعاصمة الروسية من أجل تحقيق أهداف عدة، في مقدمتها أن لا يبدو في صورة المعطل للجهود الدولية، وإبراز تجاوبه مع الجهود الرامية لحل الأزمة وحقن الدماء، وكذلك رفع الحرج عن داعميه في القاهرة وأبوظبي أمام موسكو.
وقالت المصادر إنّ الدليل القوي على تلك النية المبيّتة من جانب حفتر وداعميه، هو إجراء القيادي المطرود من حركة "فتح" محمد دحلان، وهو المستشار الأمني لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، والمخوّل بالإشراف على الملف الليبي من جانب دولة الإمارات، سلسلة من اللقاءات مع زعماء قبائل في شرق ليبيا، وقيادات أمنية تابعة لحفتر، لتنظيم تظاهرات كبيرة في عدد من مدن الشرق، وفي مقدمتها بنغازي، لدعم قرار اللواء المتقاعد بالانسحاب وعدم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، في مواجهة الضغوط الأوروبية والروسية عليه. وأوضحت المصادر أنّ ترتيبات واسعة للحشد تجري في عدد من المدن لنقل متظاهرين إلى ساحة الشهداء في مدينة بنغازي لتنظيم تظاهرة ضخمة، مع تسليط الأضواء الإعلامية عليها من جانب وسائل إعلام تابعة لمحور دعم قائد مليشيات شرق ليبيا.
وإزاء هذه التطورات، أكدت المصادر الغربية أنّ هناك تقارير تقلل من أهمية النتائج التي من المتوقع أن يتوصل إليها مؤتمر برلين المقرر عقده في التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني الحالي، قائلةً إنّ التجاذبات الدولية الحاصلة يستحيل معها التوصّل لأي نتائج إيجابية، إذ إنّ الجميع يسعى لتحقيق مصالح خاصة على حساب الملف الليبي.
اقــرأ أيضاً
وفي الإطار نفسه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، في تصريحات له أمس، إنه "لا معنى لمؤتمر برلين إذا استمر حفتر في رفضه لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار"، مضيفاً أنّ هذا الرفض "يُظهر من يريد الحرب ومن يريد السلام".
بدوره، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، إنّ بلاده "لن تتردد في تلقين حفتر الدرس اللازم في حال واصل اعتداءه على الليبيين"، مشيراً إلى أنّ حكومة طرابلس "تبنت موقفاً بنّاءً وتصالحياً"، وأن حفتر "وافق في البداية على اتفاق الهدنة، ثمّ فرّ هارباً من موسكو". وأوضح أردوغان، في كلمة ألقاها أمام كتلة حزبه "العدالة والتنمية" في البرلمان، أنّ تركيا "لا يمكنها البقاء مكتوفة الأيدي حيال ما يحدث في ليبيا"، لافتاً إلى أنّ "الذين يلطخون ليبيا بالدم والنار، يظهرون في الوقت نفسه حقدهم تجاه تركيا". وأضاف أردوغان: "الذين يسألون عن سبب وجود تركيا في ليبيا، يجهلون السياسة والتاريخ، فلو لم تتدخل تركيا لكان الانقلابي حفتر سيستولي على كامل البلاد".
في هذه الأثناء، واصلت روسيا الدفاع عن حفتر على الرغم من الإحراج الذي تعرضت له جراء مغادرته موسكو بدون توقيع الاتفاق. وأقرّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، من كولومبو، بأن المحادثات الليبية في موسكو، الاثنين، انتهت من دون التوصل إلى اتفاق نهائي للتسوية، مؤكداً أن بلاده ستواصل جهودها من أجل إيجاد حلّ للأزمة. وأوضح في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السريلانكي دينيش جوناديفاردن أن "كل الجهود التي يبذلها الأوروبيون الآن، بما في ذلك الألمان والفرنسيون والإيطاليون، والجهود التي يبذلها جيران ليبيا، مثل الجزائر ومصر والإمارات وتركيا وقطر وروسيا الاتحادية، نريد أن نجمعها، ونعمل جميعاً في اتجاه واحد، ونشجع جميع الأطراف الليبية على الاتفاق، وليس الاستمرار في تسوية الأمور بالقوة". وقال: "أعتقد أن الشعب الليبي سيخسر إذا أصبحت دولته سورية ثانية. مع الأسف، حتى الآن لا توجد دولة في ليبيا".
من جهتها، اعتبرت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أنّ التوصل لاتفاق بين الأطراف المتحاربة بشأن وقف الأعمال العسكرية هو أهم نتائج اللقاء. كما أشارت إلى أنّ حفتر كان إيجابياً إزاء اتفاق وقف إطلاق النار، وسيناقش الأمر مع حلفائه خلال يومين، وذلك بعد أن كان الحديث عن أن رده سيعلنه أمس.
ميدانياً، أكد المتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، مصطفى المجعي، أمس الثلاثاء، أنباء تناقلتها وسائل إعلام ووكالات حول تحشيدات عسكرية لمليشيات حفتر في محيط طرابلس. وأوضح المجعي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "تلك التحشيدات تتركز في محاور القتال القريبة من طرابلس"، مضيفاً أنه تمّ رصد تحشيدات أخرى تتمثل في وصول عربات مسلحة إلى منطقة ترهونة (نحو 95 كيلومتراً إلى جنوب شرق العاصمة)، والتي تتركز فيها أهم غرف قيادة لمليشيات حفتر القريبة من طرابلس.
كذلك، أشار المجعي إلى وجود تحركات أخرى مشبوهة لمليشيات حفتر على تخوم سرت، شرق مصراتة، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ محاور القتال تشهد هدوءاً كاملاً إلى الآن.
من جانبه، قال آمر منطقة طرابلس العسكرية بقوات حكومة الوفاق: "إننا مستمرون في التزامنا باستمرار وقف إطلاق النار تنفيذاً لأوامر القيادة السياسية"، لكنه أكّد، في تصريحات أمس، أنه "بعد رفض حفتر التوقيع، كلّ شيء بات مفتوحاً".
اقــرأ أيضاً
وفي السياق، أكّد دبلوماسي ليبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّه وفق مسودة وثيقة الاتفاق، فإنّ "قوات حفتر ستعود إلى قاعدة الجفرة، بينما ستعود القوات التي تساندها من ترهونة إلى معسكراتها داخل المدينة، مقابل عودة قوات الحكومة الآتية من مصراتة، والمتمركزة في طرابلس في أبوسليم وامعيتيقة وتاجوراء، إلى مواقعها الأصلية".
ثالثة الذرائع التي استخدمها لإفشال الاتفاق، ترتبط باعتراضه على أنّ اتفاقه مع حكومة السراج "يعد اعترافاً منه بها"، مشدداً على أنها "لم تحظ باعتراف مجلس النواب (في طبرق)".
وبعد استعصاء تنفيذ مطالبه، كون الحكومة تستمدّ اعترافها من قرار أممي، برزت الحجة الرابعة والتي تتعلق بـ"ضرورة إلغاء الاتفاقات الموقعة بين حكومة الوفاق والحكومة التركية".
وفي السياق، كشفت مصادر مصرية كواليس الانسحاب المفاجئ لحفتر، قائلةً لـ"العربي الجديد"، إنّ خطوته جاءت بضغوط إماراتية ومصرية، وذلك بعدما كان قد طلب مهلة حتى صباح أمس، الثلاثاء، قبل أن يقطع تلك المهلة ويغادر مع الوفد المرافق له من دون توقيع الاتفاق. وبحسب المصادر، فإنّ الدور التركي الكبير وحجم النفوذ الذي يتيحه الاتفاق لأنقرة في المشهد الليبي، كان السبب الأساسي في دفع كل من الإمارات والسعودية ومصر لرفضه، وتوجيه حفتر بالانسحاب، والعودة مباشرة إلى ليبيا.
وأشارت المصادر إلى أنّ حفتر أبلغ الجانب الروسي بأنّ البند الخاص بإشراف تركي على تنفيذ وقف إطلاق النار وخريطة الطريق المترتبة عليه، غير مقبول تماماً، خصوصاً أنّ أنقرة طرف أساسي في النزاع. كما أبلغ حفتر مسؤولي فريق الاتصال الروسي بأن اتفاق وقف إطلاق النار لا بدّ أن يتضمّن نصاً واضحاً يقضي بتجميد الاتفاق الأمني الموقع بين حكومة السراج وتركيا، وذلك لحين التوافق بشأن تسوية سياسية شاملة تضمن مراجعة كافة الاتفاقات السياسية الموقّعة من جميع الأطراف.
ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ حفتر أبلغ المسؤولين الروس بتلك الملاحظات بعدما قام بتأجيل التوقيع على الاتفاق، وعاد إلى المسؤولين في كل من مصر والإمارات والسعودية، قبل أن يتلقى رداً من المسؤولين الروس بصعوبة تنفيذ تلك الملاحظات حالياً، موضحةً أنّ حفتر بعد ذلك أبلغهم برفضه التوقيع.
من جهتها، كشفت مصادر غربية في القاهرة عن ترتيب المشهد بالكامل بشكل مسبق ليخرج بهذه الصورة، مؤكدةً أنّ حفتر ذهب إلى موسكو وقرار الرفض متّخَذ لديه، خصوصاً أنّ مسودة الاتفاق تمّ عرضها عليه قبل 48 ساعة كاملة وقبل وصوله إلى موسكو، إلا أنّه توجه للعاصمة الروسية من أجل تحقيق أهداف عدة، في مقدمتها أن لا يبدو في صورة المعطل للجهود الدولية، وإبراز تجاوبه مع الجهود الرامية لحل الأزمة وحقن الدماء، وكذلك رفع الحرج عن داعميه في القاهرة وأبوظبي أمام موسكو.
وقالت المصادر إنّ الدليل القوي على تلك النية المبيّتة من جانب حفتر وداعميه، هو إجراء القيادي المطرود من حركة "فتح" محمد دحلان، وهو المستشار الأمني لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، والمخوّل بالإشراف على الملف الليبي من جانب دولة الإمارات، سلسلة من اللقاءات مع زعماء قبائل في شرق ليبيا، وقيادات أمنية تابعة لحفتر، لتنظيم تظاهرات كبيرة في عدد من مدن الشرق، وفي مقدمتها بنغازي، لدعم قرار اللواء المتقاعد بالانسحاب وعدم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، في مواجهة الضغوط الأوروبية والروسية عليه. وأوضحت المصادر أنّ ترتيبات واسعة للحشد تجري في عدد من المدن لنقل متظاهرين إلى ساحة الشهداء في مدينة بنغازي لتنظيم تظاهرة ضخمة، مع تسليط الأضواء الإعلامية عليها من جانب وسائل إعلام تابعة لمحور دعم قائد مليشيات شرق ليبيا.
وإزاء هذه التطورات، أكدت المصادر الغربية أنّ هناك تقارير تقلل من أهمية النتائج التي من المتوقع أن يتوصل إليها مؤتمر برلين المقرر عقده في التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني الحالي، قائلةً إنّ التجاذبات الدولية الحاصلة يستحيل معها التوصّل لأي نتائج إيجابية، إذ إنّ الجميع يسعى لتحقيق مصالح خاصة على حساب الملف الليبي.
وفي الإطار نفسه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، في تصريحات له أمس، إنه "لا معنى لمؤتمر برلين إذا استمر حفتر في رفضه لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار"، مضيفاً أنّ هذا الرفض "يُظهر من يريد الحرب ومن يريد السلام".
بدوره، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، إنّ بلاده "لن تتردد في تلقين حفتر الدرس اللازم في حال واصل اعتداءه على الليبيين"، مشيراً إلى أنّ حكومة طرابلس "تبنت موقفاً بنّاءً وتصالحياً"، وأن حفتر "وافق في البداية على اتفاق الهدنة، ثمّ فرّ هارباً من موسكو". وأوضح أردوغان، في كلمة ألقاها أمام كتلة حزبه "العدالة والتنمية" في البرلمان، أنّ تركيا "لا يمكنها البقاء مكتوفة الأيدي حيال ما يحدث في ليبيا"، لافتاً إلى أنّ "الذين يلطخون ليبيا بالدم والنار، يظهرون في الوقت نفسه حقدهم تجاه تركيا". وأضاف أردوغان: "الذين يسألون عن سبب وجود تركيا في ليبيا، يجهلون السياسة والتاريخ، فلو لم تتدخل تركيا لكان الانقلابي حفتر سيستولي على كامل البلاد".
في هذه الأثناء، واصلت روسيا الدفاع عن حفتر على الرغم من الإحراج الذي تعرضت له جراء مغادرته موسكو بدون توقيع الاتفاق. وأقرّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، من كولومبو، بأن المحادثات الليبية في موسكو، الاثنين، انتهت من دون التوصل إلى اتفاق نهائي للتسوية، مؤكداً أن بلاده ستواصل جهودها من أجل إيجاد حلّ للأزمة. وأوضح في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السريلانكي دينيش جوناديفاردن أن "كل الجهود التي يبذلها الأوروبيون الآن، بما في ذلك الألمان والفرنسيون والإيطاليون، والجهود التي يبذلها جيران ليبيا، مثل الجزائر ومصر والإمارات وتركيا وقطر وروسيا الاتحادية، نريد أن نجمعها، ونعمل جميعاً في اتجاه واحد، ونشجع جميع الأطراف الليبية على الاتفاق، وليس الاستمرار في تسوية الأمور بالقوة". وقال: "أعتقد أن الشعب الليبي سيخسر إذا أصبحت دولته سورية ثانية. مع الأسف، حتى الآن لا توجد دولة في ليبيا".
من جهتها، اعتبرت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أنّ التوصل لاتفاق بين الأطراف المتحاربة بشأن وقف الأعمال العسكرية هو أهم نتائج اللقاء. كما أشارت إلى أنّ حفتر كان إيجابياً إزاء اتفاق وقف إطلاق النار، وسيناقش الأمر مع حلفائه خلال يومين، وذلك بعد أن كان الحديث عن أن رده سيعلنه أمس.
ميدانياً، أكد المتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، مصطفى المجعي، أمس الثلاثاء، أنباء تناقلتها وسائل إعلام ووكالات حول تحشيدات عسكرية لمليشيات حفتر في محيط طرابلس. وأوضح المجعي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "تلك التحشيدات تتركز في محاور القتال القريبة من طرابلس"، مضيفاً أنه تمّ رصد تحشيدات أخرى تتمثل في وصول عربات مسلحة إلى منطقة ترهونة (نحو 95 كيلومتراً إلى جنوب شرق العاصمة)، والتي تتركز فيها أهم غرف قيادة لمليشيات حفتر القريبة من طرابلس.
كذلك، أشار المجعي إلى وجود تحركات أخرى مشبوهة لمليشيات حفتر على تخوم سرت، شرق مصراتة، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ محاور القتال تشهد هدوءاً كاملاً إلى الآن.
من جانبه، قال آمر منطقة طرابلس العسكرية بقوات حكومة الوفاق: "إننا مستمرون في التزامنا باستمرار وقف إطلاق النار تنفيذاً لأوامر القيادة السياسية"، لكنه أكّد، في تصريحات أمس، أنه "بعد رفض حفتر التوقيع، كلّ شيء بات مفتوحاً".