التوقيع على بدء تنفيذ اتفاق الرياض: محطة اختبار للسعودية

11 يناير 2020
ينص الاتفاق على جمع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة(نبيل حسان/فرانس برس)
+ الخط -

مرحلة اختبار جديدة، دخلها اتفاق الرياض المبرم بين الحكومة اليمنية والانفصاليين في "المجلس الانتقالي الجنوبي"، مع التوقيع على محضر لبدء الخطوات التنفيذية للاتفاق بشقه العسكري المتعثر منذ توقيع الاتفاق في العاصمة السعودية، في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفي ظل استمرار التباينات في التفسير الذي يقدمه كل طرف، عن الخطوات العملية التي يقتضيها الاتفاق.

وكشفت مصادر قريبة من الحكومة، لـ"العربي الجديد"، عن أن اللجنة العسكرية والأمنية، المؤلفة من ممثلين عن الحكومة وآخرين عن "الانتقالي"، وبإشراف السعودية، من المقرر أن تبدأ اليوم السبت، أولى الخطوات العملية المتصلة بانسحاب التشكيلات العسكرية من مدينة عدن، في إشارة إلى تلك الموالية للانفصاليين، والمدعومة إماراتياً، والتي سيطرت على المدينة بصورة كلية خلال أحداث "الانقلاب" الذي نفذه المجلس، في أغسطس/آب العام الماضي. ووفقاً للمصادر، فإن الخطوة تشمل على نحو خاص، القوات التي قدمت من خارج مدينة عدن، على أن تعود قوة من "الحماية الرئاسية"، الموالية للشرعية، إلى تأمين مقر الحكومة، في حين تتولى قوات الأمن (أجهزة الشرطة المختلفة) الأمن في عدن، والمحافظات الأخرى جنوبي البلاد، وفقاً لما نص عليه الاتفاق المبرم منذ أكثر من شهرين.

وكان رئيس الوزراء اليمني السابق أحمد عبيد بن دغر، الذي يتولى رئاسة الفريق الحكومي السياسي حالياً، في لجنة متابعة تنفيذ اتفاق الرياض، كشف الخميس الماضي، عن أبرز ملامح ما اتفق عليه الطرفان برعاية سعودية. وأوضح أنه يتضمن مصفوفة "لعودة القوات منعاً لأي تفكير نحو القيام بأعمال عسكرية"، ومنح "اللجان المكلفة فترة تنفيذ لا تزيد على 20 يوماً" تبدأ اليوم السبت، بالإضافة إلى تسمية محافظ ومدير أمن جديدين لمدينة عدن. وأوضح بن دغر، أن محضر الاتفاق، الموقع الخميس الماضي، ينص "على جمع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من عدن، وتجميعها تحت إشراف مباشر من السعودية". واعتبر أنه يهيئ لـ"التقدم نحو أمرين جوهريين"، الأول يتمثل بالقيام بخطوات إضافية عسكرية وأمنية تضع أمن عدن في قبضة الأمن العام، حيث تغادر كافة التشكيلات العسكرية عدن إلى جبهات القتال، لتحل محلها أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية (الشرطة والنيابات العامة وأجهزة البحث والتحري وغيرها). أما الأمر الآخر، فإنه يتيح للرئيس عبدربه منصور هادي البدء بمشاورات لتشكيل حكومة كفاءات سياسية، كما نص على ذلك الاتفاق وملحقه السياسي والاقتصادي، وهو أمر من المفترض إنجازه في الأيام القريبة.

وعلى الرغم من توقيع الاتفاق، خرج المتحدث باسم "المجلس الانتقالي الجنوبي" نزار هيثم بتصريح يشير إلى أن المجلس، المدعوم إماراتياً، يتمسك بتسليم القوات التابعة له زمام الأمور جنوباً. وقال إن المجلس يجدد التزامه "بتنفيذ بنود اتفاق الرياض، وفقاً لتراتبيتها وتسلسلها الزمني، ويؤكد أن أي تلاعب في تفسير بنود الاتفاق لن تؤدي سوى إلى مزيد من التوترات". وأضاف "‏ستتولى قوات الإسناد والدعم والأحزمة الأمنية والقوات الأمنية الأخرى حفظ أمن واستقرار المحافظات المحررة وفقاً لما نصت عليه بنود اتفاق الرياض"، في إشارة للتشكيلات التابعة للمجلس، والتي تأسست بدعم إماراتي مباشر خلال السنوات الماضية، وهو ما يعني بطريقة أو بأخرى استمرار التباين حول نقطة خلاف جوهرية تتصل بطبيعة قوات الأمن التي ستتولى الأمن في عدن ومحيطها من المحافظات.

وفيما اعتبر بن دغر، أن لا مجال للتراجع عما جرى التوقيع عليه الخميس، وصف السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، من جانبه، التفاهمات المبرمة بأنها تخص "المرحلة الثانية" من تنفيذ الاتفاق. وقال إنها تأتي "كجزء أساسي لاستكمال الخطوات السابقة التي وردت ضمن اتفاق الرياض". وأشاد بالتجاوب من قبل الجانب الحكومي وكذلك المجلس الانتقالي. الجدير بالذكر، أن اتفاق الرياض، المبرم مطلع نوفمبر الماضي، نص على انسحاب كافة التشكيلات التابعة لـ"الانتقالي" و"الشرعية"، من التي تحركت إلى عدن ومدن أخرى، لتعود إلى وضع ما قبل أغسطس من العام نفسه. وحدد الاتفاق، التنفيذ، بفترات متفاوتة بين 15 و30 يوماً، وهو ما تعثر حتى اليوم. ويشكل الاتفاق التكميلي، أو الآلية المعلنة الخميس الماضي، محاولة جديدة، لإنعاش الاتفاق، الذي قال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن تنفيذه لا يسير على ما يرام. على أن أي تعثر للمرحلة الجديدة يمكن أن يلقي بظلاله، على إمكانية الحل، وكذلك بالنسبة للسعودية التي تختبر قدرتها على احتواء الأزمة، بعد أن تسلمت من الإمارات قيادة التحالف في عدن، عقب انقلاب أبوظبي وحلفائها على الشرعية، وما مثل ذلك، من ضربة عميقة للشرعية وللتحالف الذي يقول إنه جاء لدعمها.

المساهمون