أفادت مصادر دبلوماسية مصرية بأن عدداً من مساعدي وزير الخارجية سامح شكري، الموجودين حالياً في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، اجتمعوا مع ممثلين لدول أوروبية لإطلاعهم على تقارير وبيانات علمية أعدتها وزارة الموارد المائية والري المصرية، عن الأخطار التي ستلحق بمصر جراء بناء سد النهضة الإثيوبي. وأضافت المصادر أن هذه الاجتماعات توازت مع دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المجتمع الدولي إلى التدخل في قضية سد النهضة، وفضّ الاشتباك السياسي والفني بين القاهرة وأديس أبابا، مؤكداً ما نشرته صحيفة "العربي الجديد" في 20 سبتمبر/ أيلول الحالي، نقلاً عن مصادر دبلوماسية مصرية، من أن السيسي لم يعد أمامه الآن بعد فشل سياسته الشخصية في إدارة الموقف إلا "الحصول على تقارير فنية وعلمية متماسكة يمكن استخدامها في الترويج الدبلوماسي الذي تقوم به الخارجية المصرية حالياً، لانتزاع تعاطف أوروبي وأميركي مع قضيتها، وللضغط على إثيوبيا لإبداء مزيدٍ من المرونة".
وأعطى السيسي أعضاء الجمعية العمومية نبذة سريعة عن تطوّر المفاوضات بين الجانبين بقوله: "إن مصر سعت على مدار عقود إلى تعزيز وتعميق أواصر التعاون مع أشقائها من دول حوض النيل، التي ترتبط معها بعلاقات أزلية، وتأكيداً لحرصها على رفعة شعوب حوض النيل الشقيقة، أعربت مصر عن تفهمها لشروع إثيوبيا في بناء سد النهضة رغم عدم إجرائها لدراسات وافية حول آثار هذا المشروع الضخم، بما يراعى عدم الإضرار بالمصالح المائية لدولتي المصب ومنها مصر، بل إن مصر بادرت بطرح إبرام اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة، الموقع في الخرطوم في 23 مارس/ آذار 2015، الذي أطلق مفاوضات امتدت لأربع سنوات، للتوصل إلى اتفاق يحكم عمليتي ملء وتشغيل السد، إلا أنه مع الأسف لم تفض هذه المفاوضات إلى النتائج المرجوة".
في الآونة الأخيرة، عبّرت مصر عن تفاقم مخاوفها بسبب عدم التوصل إلى حل بعد سنوات من التفاوض، واعترف الرئيس المصري خلال المؤتمر الثامن للشباب الذي عُقد يوم السبت الماضي بصعوبة الموقف، ملقياً باللائمة على ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011 بأنها تسببت في إسراع إثيوبيا في إنشاء السد. وكان السيسي قد صرّح مطلع عام 2018 بأنه "لم تكن هناك أزمة من الأساس حول سدّ النهضة"، بعد اجتماع في أديس أبابا مع نظيره السوداني المستقيل عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايله ميريام ديسالين، على هامش حضورهم قمة الاتحاد الأفريقي. وخالف السيسي بذلك كل التصريحات الرسمية المصرية التي أبدى فيها المسؤولون قلقهم وغضبهم من انسداد المسار التفاوضي، وميل الخرطوم إلى مواقف أديس أبابا، وعدم مراعاتهما المخاوف المصرية من تفاقم الفقر المائي. لكن الحكومة المصرية عادت الشهر الماضي لتعرب عن مخاوفها من إطالة فترة التفاوض بحجة عدم الاستقرار السياسي في السودان.