رئيس "الشاباك" الأسبق: نتنياهو يدمر إسرائيل من الداخل لإنقاذ نفسه

17 سبتمبر 2019
ترأس غيلون "الشاباك" بين عامي 1994 و1996 (تويتر)
+ الخط -
ذهب رئيس جهاز الأمن الداخلي الأسبق في دولة الاحتلال (الشاباك)، كارمي غيلون، في لقاء مطول مع صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، إلى اعتبار أن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "تدمر إسرائيل من الداخل". ويستدعي غيلون "تدخلا دوليا غائبا في ظل غياب إرادة إسرائيلية لإنهاء احتلال الضفة الفلسطينية"، ولا يرى مخرجا سوى "بانسحاب من الأراضي الفلسطينية وبناء دولة مستقلة".

وفي بعض تفاصيل ما ذكره غيلون، والذي شغل أيضا منصب سفير الاحتلال في كوبنهاغن سابقا، فإنه يرى بأن نتنياهو "يمضي نحو تدمير البلد فقط لأجل ألا ينتهي به المطاف ملاحقا قضائيا بسبب فساده". ولا يبدو غيلون، وفقا للصحيفة الدنماركية، سوى "شخص براغماتي يرى في قيام دولة فلسطينية ضرورة"، إذ يعتقد أن "لا أحد واقعيا في إسرائيلي يرى إمكانية بقاء الاحتلال على المدى الطويل، ولا حتى السياسيون المحافظون الحاليون في معسكر الليكود يرون ذلك ممكنا".

أما عن "ضرورة الدولة الفلسطينية" فيرد غيلون على تساؤل الصحيفة بالقول إن"إسرائيل لن تكون ديمقراطية ولا يهودية إن أبقت سيطرتها على ملايين الفلسطينيين ضد إرادتهم".

ويضيف غيلون أن السلام يغيب لأسباب كثيرة: "لا أحد يطالب به في إسرائيل، أو يأخذه على محمل الجد، ثم ترى الأنظمة العربية المعتدلة تركض نحو التعاون مع إسرائيل ويعبرون عن تعبهم من الفلسطينيين، بينما الأوروبيون مشغولون بمشاكلهم، وخصوصا خوفهم من تدفق ملايين اللاجئين، والفلسطينيون ليسوا على قائمة أجنداتهم، هذا إلى جانب رئيس مجنون في أميركا مشغول بانسحاب تام من الشرق الأوسط. مشكلة الفلسطينيين الكبرى أن العالم اليوم لديه انشغالاته الأكبر".

ويعترف الرجل في سياق حديثه عن انتخابات الكنيست أن "لا اليمين ولا اليسار منشغل في برامجه بقضية الفلسطينيين، فليست في الأولويات، فقط انظر إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، هم لا يغطون حتى الاحتلال إلا في الصفحة الثامنة ربما في بعض الصحف، فالتركيز على مستقبل نتنياهو".


ويرى أن وعود نتنياهو، الذي يصفه بأنه يمثل اليمين المتطرف اليوم ومستغل لقوى التدين المتشددة، بضم الأراضي المحتلة في الأغوار والكتل الاستيطانية، "أمور لا يمكن تحقيقها، فهو لا يستطيع تجاهل الفلسطينيين، وأوروبا تعارض ذلك، ونتنياهو يعرف أن الأنظمة العربية التي يريد سلاما معها لا تستطيع تجاهل الفلسطينيين أيضا".

وفي الوقت ذاته يعترف غيلون بأن نفوذ المستوطنين في سياسة دولة الاحتلال آخذ في التعاظم مع تزايد أعدادهم أيضا في الأراضي المحتلة، "وإذا لم يوقف أحد إسرائيل عند حدها فذلك النفوذ سيزداد أكثر".

ويدعي سفير تل أبيب السابق في كوبنهاغن أن "70 في المائة من الإسرائيليين سيوافقون على حل دولتين إذا قُدم لهم برنامج محدد، وفي غياب الحديث عن الحل لا أحد يهتم أو يراه ضرورة، لكن إذا وضع مشروع على الطاولة فأعتقد أنهم سيقبلونه".

ويرى بشكل واضح أن تراجع "تكلفة الاحتلال الاقتصادية وتوقف العمليات الفلسطينية لم يعودا من الأمور المهددة، ولكنهم بنفس الوقت يشعرون أنهم بحاجة لحماية طيلة الوقت. وعليه فالقضية واضحة: لا يمكن لإسرائيل الاحتفاظ بديمقراطيتها إذا استمرت باحتلال الفلسطينيين، ولن تكون مجتمعا يهوديا، وفي الواقع نحن بلد صغير لا نستطيع أن نحمي أنفسنا بدون علاقتنا بالعالم، ولا تستطيع الأنظمة العربية في نهاية المطاف أن تنهي النزاع مع إسرائيل دون حل قضية فلسطين، وهو كله ما يحاول بيبي (بنيامين نتنياهو) أن يشيح عنه. وإلى جانب ذلك أنت لا يمكنك أن تعيش لبقية العمر في صراعات مع الأوروبيين والروس والأميركيين".

ويرى غيلون، ورغم تصريح نتنياهو عن البقاء في الخليل "إلى الأبد" أن "إسرائيل ستكون مضطرة في النهاية، ومقابل مشاريع مالية، إلى أن تسحب مستوطنيها من الأراضي الفلسطينية، وفي النهاية حتى الخليل سينسحبون منها، باستثناء الإبقاء على مستوطنة غوش عتصيون مقابل تبادل أراض".

ويخاطب غيلون، في ختام حديثه، الإسرائيليين صراحة بالقول: "إن لم يحدث السلام الذي ذكرته فإن إسرائيل تدمر نفسها، بقيادة تفكر بنفسها أكثر من بلدها".

"يهود أوروبيون من أجل السلام" يدعون لمقاطعة إسرائيل

إلى ذلك، نشرت مجموعة يهودية أوروبية تسمّي نفسها "يهود أوروبيون من أجل السلام العادل"، بيانا في صحف دنماركية، صباح اليوم الثلاثاء، تؤكد فيه أنها "لا ترى أملا في انتخابات الكنيست التي تجري اليوم للمرة الثانية منذ إبريل/نيسان الماضي، بعد أن عجز نتنياهو عن تشكيل حكومة جديدة، واليوم يعود مجددا لتقديم وعود بأنه سيضم ثلث الضفة الغربية".

وتمضي في بيانها إلى القول إن نتنياهو يطالب بمنحه "السلطة لأجل تحديد حدود إسرائيل، وفي الواقع ما يريد القيام به بداية هو ضم وادي الأردن (الأغوار) ما يعني أن بقية الضفة الفلسطينية المحتلة ليست سوى بانتوستانات محاطة بالإسرائيليين". وعن هذه السياسة ترى مجموعة "يهود أوروبيون من أجل السلام" أنها "ستعني برأي الكثيرين ضربا تاما لإمكانية السلام مع الفلسطينيين، فنتنياهو يرى فرصة للتصرف الآن فيما ترامب منح إسرائيل القدس الشرقية والجولان، ولهذا يقول نتنياهو إنه "لم تتح لنا مثل هذه الفرصة منذ 50 سنة".

وبالنسبة لقراءتها لما يمكن أن تتمخض عنه انتخابات اليوم، ترى هذه المجموعة اليهودية الأوروبية إمكانية تشكّل "حكومة يمين وسط كما يريدها أفيغدور ليبرمان، وبغض النظر عمن سيقودها، نتنياهو أو غانتس أو غيرهما، فالحقيقة ستبقى نفسها"، مستطردة بأنه "ولأجل تحقيق حل الدولتين وسلام عادل؛ سيتعين على المجتمع الدولي دعم اليسار ومعسكر السلام والتدخل لأجل الضغط على إسرائيل وترامب، وبالأخص بمقاطعة وقيود تجارية، مثلما هو الأمر مع حركة "بي دي إس" لمقاطعة البضائع الإسرائيلية وكل التبادلات الثقافية".