السعودية تدرس محادثات مع الحوثيين: محاولة للخروج من المستنقع اليمني

07 اغسطس 2019
كثّف الحوثيون هجماتهم على السعودية (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
بعد التحوّل الإماراتي الأخير في الملف اليمني، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها أمس، الثلاثاء، أنّ السعودية تبحث خيار إجراء مباحثات مباشرة مع الحوثيين تحت ذريعة أنها "لا تريد أن تنجرّ لفترة أطول في حرب اليمن"، على حد قول مسؤول سعودي بارز.
ووفقاً للصحيفة، فإن الاستدارة في الموقف السعودي تأتي بعدما لم تؤت الجهود الدبلوماسية الأممية الهادفة إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار في اليمن بين السعودية والحوثيين، بحسب مصادر مطلعة على المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة.
وأوضحت الصحيفة الأميركية أن المسؤولين الدبلوماسيين سعوا جاهدين للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، في ظل تصاعد حدة المناوشات بين إيران وخصومها، في موازاة تنفيذ الحوثيين سلسلة من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية ترى الرياض وواشنطن أن طهران تقف خلفها، وهو ما تنفيه الأخيرة.

وذكرت الصحيفة أن المملكة تسعى للخروج من المستنقع اليمني، وخصوصاً بعدما انسحبت حليفتها الإمارات من اليمن، مضيفةً أنّ السعودية تبحث خيار إجراء مباحثات مباشرة مع الحوثيين. 

وكثّف الحوثيون في الآونة الأخيرة من هجماتهم ضد الأراضي السعودية باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية، ما بدا نتيجة لتفرّغ الجماعة للجبهات الحدودية المشتعلة منذ أكثر من أربعة أعوام، على حساب الجبهات الداخلية في اليمن.
وأعلن المتحدث العسكري للحوثيين العميد يحيى سريع، يوم الاثنين، عن تنفيذ ثلاث هجمات جوية متزامنة بطائرات مسيّرة من نوع "قاصف"، استهدفت مطاري أبها ونجران إلى جانب قاعدة الملك خالد الجوية، وجميعها أهداف في المناطق القريبة من الحدود، هاجمتها الجماعة بصورة متكررة منذ أكثر من شهرين، مع ارتفاع لافتٍ في وتيرة الهجمات أخيراً.

واتّبع الحوثيون سياسة مهاجمة المطارات السعودية في المناطق الحدودية مع اليمن، في نجران وجازان وعسير، كسياسة ضغطٍ تحاول أن تلقي بظلالها على الحركة الاقتصادية والعامة في المناطق القريبة من الحدود مع اليمن، ورداً على ما يقولون عن مهاجمة التحالف للمطارات الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك إغلاق مطار صنعاء الدولي، منذ ثلاثة أعوام.

ووفقاً لمصادر محلية وأخرى قريبة من قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن تصعيد الحوثيين هجماتهم بالطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية يترافق مع تصعيد ميداني على صعيد الاشتباكات المباشرة في المناطق القريبة من الحدود، حيث تسعى الجماعة إلى استعادة زمام السيطرة في أكثر من محور على الحدود، بعدما تراجعت في أشهر سابقة أمام ضربات القوات اليمنية الموالية للشرعية والتي تقدمت من الجانب السعودي، خلال الأعوام الماضية، وسيطرت على أجزاء حدودية في محافظة صعدة. وعلى الرغم من أن خسائر الجماعة التي غالباً ما تتكتم على تفاصيلها، لا يمكن التقليل منها في معارك الحدود، مقارنة مع الإمكانيات والآليات ووجود المروحيات المقاتلة بالنسبة للجانب السعودي، إلا أن الحوثيين في المقابل، يستفيدون من التضاريس الوعرة لإبقاء الحدود منطقة مشتعلة، وينظرون إليها بأنها الميدان الأنسب لإيصال رسائل الضغط نحو الجانب السعودي، الذي فشلت مساعيه على مدى السنوات الماضية بإبعاد خطر الحوثيين عن حدوده الجنوبية.



وكان لافتاً حصول التصعيد الحوثي حدودياً باتجاه السعودية، عقب إعلان الجماعة إيقافها هجماتها ضد الإمارات، واعتبار ما أعلنت عنه أبوظبي من خطوات بتقليص وجودها العسكري في اليمن خطوة إيجابية، بدت انعكاساً لمجمل التفاهمات الإيرانية الإماراتية أخيراً.

في السياق، فإن أبرز النتائج التي تصب في خدمة الحوثيين على صعيد التهدئة الإماراتية، تتمثل بتحويل محور الصراع من الساحل الغربي، حيث معركة الحديدة، التي تصدّرتها الإمارات من جانب التحالف لأشهر طويلة، إلى السعودية. مع العلم أنه لطالما كرّس الحوثيون جهودهم التعبوية العسكرية للحشد باتجاه جبهة الحديدة باعتبارها معركة مصيرية، إلا أنهم تمكنوا من توجيه ضغوطهم العسكرية نحو الحدود السعودية، بعد أكثر من سبعة أشهر على اتفاق السويد الذي رعته الأمم المتحدة وفرض وقف إطلاق النار في الحديدة، كما جاء الحوار الإماراتي الإيراني ليعزز من حالة الهدنة الهشة غرباً.

من زاوية أخرى، وبالنظر إلى مجمل ما تحمله تصريحات الحوثيين المترافقة مع التصعيد، يبدو أن عملياتهم لا تخلو من رسائل إيرانية، على الأقل من ناحية توقيت التصعيد، الذي يترافق مع الحوار مع الإمارات وقبل ذلك التصعيد مع واشنطن، في وقتٍ يسعى فيه الحوثيون لإجبار الجانب السعودي على الدخول معهم باتفاقيات مباشرة للتهدئة في المناطق الحدودية، كما حصل في مارس/ آذار 2016، في مقابل المطالبة من الرياض بوقف ضرباتها التي تقصف أهدافاً مفترضة للجماعة بأكثر من مدينة يمنية، إلا أن لغة التصعيد التي تقدم الحوثيين يوماً بعد يوم كشوكة متنامية، قد لا تقود إلى طاولات الحوار بالضرورة بقدر ما ترفع درجة المخاوف لدى السعودية.

في موازاة ذلك، علق مصدر بالحكومة اليمنية على التطورات المتسارعة في اليمن بالقول لوكالة "الأناضول"، إن "الإمارات لم تكن أبداً حليفاً لليمن منذ بداية الحرب، وتدخلها كان بالبدء لمساندة السعودية مثل بقية دول التحالف، قبل أن يتطور الأمر إلى فرض وجود بالجنوب يشبه الاحتلال". واعتبر أن "علاقة الحكومة بالإمارات كانت متعارضة تماماً منذ مطلع عام 2016 حتى اليوم". وبحسب المصدر الحكومي، فإن "أبوظبي رتبت وضعها للانسحاب بعد أن أوكلت لقواتها الموالية لها التحكم بالوضع بالبلاد، وفي أي لحظة قد تتفق مع الحوثيين"، لافتاً إلى أن التوترات الإقليمية هي "التي جعلت الإمارات تتجه للتهدئة".

من جهته، رأى الصحافي اليمني محمد سعيد، أن "التفاهمات بين الإمارات وإيران طبيعية، وإعلان أبوظبي الانسحاب من اليمن لن يكون له تأثير حقيقي على مسار أزمة البلاد على المدى القريب، لكن في حال بدأ حكام أبوظبي في أداء دور مختلف وخفي على حساب الرياض، فسيتواجهون مع السعودية". وأضاف لوكالة "الأناضول"، أن "الوضع الجديد بكل احتمالاته سيعزز من بقاء اليمن بوضع اللاحرب واللاسلم لسنوات، وبينما تكابر السعودية خوفاً من تبعات الهزيمة، إلا إنها ستنسحب في النهاية، وهذا ما يحدث، إذ تبحث الرياض عن أي حلول سياسية". واعتبر أن "تجزئة اليمن وفك الارتباط بين شماله وجنوبه قد يكونان أقرب الخيارات".