ويفرض القانون الانتخابي على المترشحين للانتخابات الرئاسية، تقديم تزكيات من 10 نواب من أعضاء مجلس الشعب أو من 40 رئيس مجلس محلي أو من 10 آلاف ناخب، وبعد التثبت أعلنت الهيئة قبول 26 مترشحاً للرئاسية المبكرة، التي تجرى في 15 أيلول/ سبتمبر المقبل.
وطالبت مجموعة من المنظمات المختصة في مراقبة الانتخابات، على غرار منظمات "عتيد" و"بوصلة" و"كلنا تونس"، بطلب باسم قانون الحق في النفاذ إلى المعلومة من أجل الحصول على قائمة النواب المزكّين لمترشحين للانتخابات الرئاسية، داعية إلى نشرها لـ"إضفاء الشفافية على أعمالها والنزاهة على مرحلة مهمة من الانتخابات".
وقال بسام معطر نائب رئيس "الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات" (عتيد) في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المنظمة "تقدمت بطلب إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بغرض اطلاعها على القائمة الاسمية الكاملة لأعضاء مجلس نواب الشعب المزكّين لكلّ مترشح للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، وذلك بعد رفضها الكشف عن القائمة".
وأضاف معطر أن طلب عتيد، "يقع في إطار النفاذ إلى المعلومة لدى هيئة الانتخابات، ويدخل في إطار واختصاص عملها كجمعية تسهر على ضمان نزاهة وديمقراطية الانتخابات".
من جانب آخر، اعتبر رئيس "الجمعية التونسية" أن تزكيات النواب لمترشحين "يدخل في سياق الحياة العامة، وله اتصال مباشر بالحياة السياسية وشفافية المسار الانتخابي والديمقراطي في تونس، وليس له أي علاقة بالمعطيات الشخصية"، داعياً الهيئة بالمناسبة إما لنشرها وإما مدّ المنظمة بها، متعهداً بنشرها فور الحصول عليها.
وأحدث نشر قائمة النواب المزكين توتراً بين أعضاء هيئة الانتخابات، وارتباكاً في أعمالها بانت معالمه من تضارب التصريحات بين أعضائها، بين من يعلن نشرها ومن يعلن رفض ذلك، ومن يؤكد أن مجلس الهيئة لم ينظر بعد في قرار النشر وآخر يؤكد أنه سيتم إرسالها لمجلس الشعب لنشرها.
وفي وقت أكد فيه عضو الهيئة عادل البرينصي في تصريحات صحافية أمس، أن الهيئة ستنشر قائمة أعضاء البرلمان الذين قاموا بتزكية مترشحين للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، احتراماً لحق النفاذ إلى المعلومة، استبعد زميله عضو الهيئة أنيس الجربوعي في تصريح إعلامي اليوم، نشر قائمة النواب المزكين لمترشحين في الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، مشيراً إلى أن الهيئة في انتظار رد مجلس نواب الشعب على مراسلتها، باعتبار أن المسألة تتعلق بمعطيات شخصية تتطلب مزيداً من الوقت.
من جانبه، اعتبر البرلمان في بلاغه أن مسؤولية نشر قائمة النواب المزكين تعود لهيئة الانتخابات وللمترشحين وللمزكين أنفسهم، مؤكداً أن المعلومة "موجودة حصراً لدى الهيئة"، وأنها هيئة دستورية مستقلة عن بقية السلطات ولديها الصلاحية لاتخاذ القرار الذي تراه.
وتفاعل عدد من البرلمانيين مع الجدل الحاصل حول نشر أسماء النواب، وعمدوا لإعلان مواقفهم على صفحاتهم الرسمية، حيث أبرز النائب والقيادي المستقيل من "نداء تونس" عبد العزيز القطي، أنه زكّى ترشح سلمى اللومي رئيسة "حزب الأمل" وسيدعمها في الانتخابات.
كما نشرت بدورها النائبة الفة السكري الشريف قائمة من 14 نائباً زكّوا ترشح وزير الدفاع المستقيل عبد الكريم الزبيدي، فيما قالت النائبة بشرى بلحاج حميدة أنها لم تزكّ أي مترشح.
تعميق الشكوك
وفي إطار هذا الجدل، قال رئيس "الحزب الشعبي التقدمي" هشام حسني في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "من حق التونسيين معرفة مواقف ممثليهم من نواب الشعب والتزكيات التي قدموها"، معتبراً أن "تخفّي هيئة الانتخابات وراء جدار المعطيات الخاصة وتمرير الكرة إلى البرلمان الذي ليس من دوره ولا من صلاحياته متابعة تزكيات النواب، يعدّ أمراً مريباً".
ولفت حسني إلى أن نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها "تقتضي نشر قائمة المزكين، وفي إخفائها تعميق للشكوك وتعزيز لمخاوف الناخبين، وخصوصاً في ظل ما يتردد حول تزكية نواب لأكثر من مترشح وغض الهيئة الطرف عن ذلك، وما يحوم حول شبهات تزكيات بمقابل مالي لفائدة رجال أعمال".
في سياق متصل، أثار تزوير التزكيات الشعبية حفيظة عشرات التونسيين الذين أبدوا غضبهم، بسبب استعمال معطياتهم الخاصة لفائدة مرشحي الرئاسة.
وانطلق عدد من التونسيين في رفع قضايا ضد مترشحين للرئاسة بسبب تزوير توقيعاتهم، كما لجؤوا قبل ذلك إلى هيئة الانتخابات للطعن في تزكياتهم.
وقال شوقي قداس رئيس "هيئة حماية المعطيات الشخصية" في تصريح صحافي، إن "على كل ناخب تفطن إلى إدراج اسمه ورقم بطاقة تعريفه وتزوير توقيعه، التوجه فوراً لمعاينة الإرسالية القصيرة الخاصة من هيئة الانتخابات، وتحرير شكاية إلى النيابة العمومية من أجل انتحال صفة وتدليس الإمضاء"، مشيراً إلى أن هذه التهم "ستجعل المترشحين للرئاسة عرضة للتبع القضائي وللسجن بعد التحري والبحث".
واستغرب قداس عدم نشر هيئة الانتخابات لقائمة النواب الذين زكوا المترشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة، مشيراً إلى أن التخفي "غير مجد"، مؤكداً أن نشر القائمة "لا يدخل تحت طائلة حماية المعطيات الشخصية".