وشاركت وفود عربية وأفريقية ودولية في مراسم التوقيع، التي أطلق عليها اسم "فرح السودان"، والتي جرت في "قاعة الصداقة" في العاصمة الخرطوم، التي شهدت توافد أعداد كبيرة من السودانيّين للاحتفال بهذا الحدث التاريخي.
ووقع الاتفاق كلّ من نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، وممثل تحالف "إعلان قوى الحرية والتغيير" أحمد الربيع. وعلا التصفيق في الصالة فور الانتهاء من التوقيع الذي استغرق بضع دقائق، وشمل أوراقاً عدة. وجلس حميدتي والربيع على المنصة الرئيسية، وبجوارهما رئيسا وزراء إثيوبيا أبي أحمد، ومصر مصطفى مدبولي.
Twitter Post
|
Twitter Post
|
ويأتي التوقيع على الاتفاق تتويجاً للثورة السودانية الشعبية التي اندلعت شرارتها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ونجحت في الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير في 11 إبريل/ نيسان، فيما استمر التفاوض بين المجلس العسكري الذي تسلم مقاليد السلطة في البلاد و"قوى الحرية والتغيير" التي قادت الحراك الثوري لأكثر من 3 أشهر.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، إنّ هذا الإنجاز التاريخي هو من صنع المجلس العسكري وتحالف "قوى الحرية والتغيير" والحركات المسلحة، مشيراً إلى أنّ القادة العسكريين والمدنيين بذلوا جهداً كبيراً للوصول إلى اتفاق المرحلة الانتقالية في السودان.
ووفقا لوكالة "فرانس برس"، فإن الزعيم السوداني المعارض الصادق المهدي ألقى كلمة اعتبر فيها أن هذا اليوم هو "يوم عبور إلى الحكم المدني الذي سيحقق السلام والتحوّل الديمقراطي عبر انتخابات حرة احتكاما للشعب السوداني"، مؤكدا ضرورة فتح الباب أمام "كل القوى التي لم تلوث مواقفها بالاستبداد"، وإلى عدم إقصاء أحد.
من ناحيتها، احتفت الصحف السودانية الصادرة صباح السبت بـ"الانتقال التاريخي". وكتبت صحيفة "التيار" في صفحتها الأولى: "البلاد تبدأ اليوم الانتقال التاريخي نحو الديمقراطية"، فيما عنونت صحيفة "السوداني": "الخرطوم تستعد للفرح الأكبر".
مؤسّسات جديدة
ومع التوقيع الرسمي على الاتفاق اليوم السبت، سيبدأ السودان عملية تشمل خطوات أولى فورية مهمة، إذ سيتم الأحد الإعلان عن تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي الجديد الذي سيتألف بغالبيته من المدنيين.
وأعلن قادة الحركة الاحتجاجية، الخميس، الاتفاق على تعيين المسؤول السابق في الأمم المتحدة عبد الله حمدوك، وهو خبير اقتصادي مخضرم، رئيساً للوزراء.
ومن المتوقّع أن يركّز حمدوك جهوده على إصلاح الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمة منذ انفصل الجنوب الغني بالنفط في 2011 عن الشمال.
واستطاع الطرفان عبور هذا التحدي بالاتفاق على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، قوامها عناصر مشهود لها بالنزاهة والكفاءة. ولكن تبقى قضية مساءلة العناصر العسكرية التي ستشارك في مجلس السيادة من أعقد القضايا، ولا سيما أن لجنة التحقيق المقصودة يتم تعيينها من قبل مجلس السيادة. وفي الملف نفسه، ثار جدل كبير حول ما أشيع عن مطالبة العسكريين بحصانات مطلقة، وهو ما جرى تجاوزه بإمكانية رفع الحصانة في حالة موافقة ثُلثي أعضاء المجلس التشريعي، الذي سيُشكّل من عناصر الثورة بنسبة 67 في المائة. وكانت مسألة إصلاح القوات النظامية من أكثر النقاط الجدلية. وانتهى الجدل بإسناد عملية الإصلاح للجيش نفسه، وذلك بإشراف من قائد عام للجيش (وهو منصب مستحدث) والسلطة السيادية وفقاً للقانون. وأُطلقت تحذيرات من إمكانية عودة الدولة العميقة في المؤسسة العسكرية في حال إسناد عملية الإصلاح للعسكر، وهو ما قلل منه قادة "الحرية والتغيير" بالإشارة إلى وجود مكوّن مدني داخل مجلس السيادة، ما يسمح بعملية مراقبة دقيقة لإصلاح الأجهزة النظامية في البلاد.
وشكّل الوضع المعيشي شرارة الاحتجاجات ضد حكم البشير، لكنّ العديد من السودانيين يشكّكون في قدرة المؤسسات الانتقالية على كبح جماح القوى العسكرية خلال فترة السنوات الثلاث التي ستسبق الانتخابات.