احتفالات انقلاب عدن: لجنة إماراتية-سعودية "تبحث" انسحاب المليشيات

16 اغسطس 2019
علم الإمارات حضر بقوة خلال التظاهرة (مراد سعيد/فرانس برس)
+ الخط -
في وقت كان فيه الانفصاليون يحتفلون، أمس الخميس، بنجاح انقلابهم والسيطرة على مدينة عدن الجنوبية، مع إعلان نيّتهم "إقامة دولة الجنوب"، كانت لجنة سعودية إماراتية تصل إلى المدينة لـ"بحث" انسحاب الانفصاليين من المواقع التابعة للحكومة اليمنية والتي سيطروا عليها الأسبوع الماضي، على الرغم من أن أبوظبي كانت الراعية الرسمية للانقلاب بينما صمتت الرياض لأيام عنه، فيما كان الانقلابيون قد أكدوا قبل ذلك أنهم لن ينسحبوا من مواقعهم، ليبدو وصول اللجنة مجرد إشراف على احتفالات الانقلاب في "العاصمة المؤقتة" لليمن، ليزيد ذلك من انتقادات مسؤولين في الحكومة اليمنية لأبوظبي والتحالف الذي تقوده السعودية.

ووصلت لجنة سعودية إماراتية، إلى مدينة عدن أمس، للإشراف على انسحاب قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي من المؤسسات الحكومية والعسكرية في المدينة، والتي سيطرت عليها المجموعات المسلحة التابعة للمجلس، بحسب مصادر قريبة من التحالف، من دون أن يتضح على الفور ما إذا كانت القوات الحكومية ستعود بالفعل إلى مواقعها. لكن مصدراً في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي قال لوكالة "فرانس برس" إن اللجنة وصلت إلى عدن "لبحث مسألة انسحاب قوات الحزام الأمني" من المعسكرات والمقرات الحكومية التي سيطرت عليها، لا للإشراف على الانسحاب مثلما تردد في بعض وسائل الإعلام، أي أن الانسحاب لا يزال غير محسوم. وكان التحالف قد دعا، السبت الماضي، القوات الموالية لـ"الانتقالي" إلى الانسحاب، إلا أن قيادات في المجلس أعلنت رفضها هذه الدعوة، في مقابل ترحيبها بدعوة السعودية إلى حوار.

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصدر في "المجلس الانتقالي" قوله "سنعقد مع اللجنة لقاءات"، من دون المزيد من التفاصيل، فيما قال مسؤول حكومي لـ"رويترز" إن قوات الانفصاليين ابتعدت عن القصر الرئاسي والبنك المركزي، بينما لم تظهر أي إشارة على مغادرتها معسكرات الجيش. ويأتي إرسال الوفد المشترك بعد زيارة قام بها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد إلى السعودية، الإثنين، ولقائه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان. واعتبر ولي عهد أبوظبي، الإثنين، أن الحوار هو "السبيل الوحيد" لتسوية الخلافات.

وجاء وصول اللجنة، فيما كانت عدن تشهد تظاهرة حاشدة لعشرات الآلاف من أنصار "المجلس الانتقالي"، احتفاءً بـ"النصر" الذي حققوه بـ"الانقلاب" على الحكومة وإسقاط معسكراتها في المدينة. واحتشد أنصار المجلس، من مدينة عدن ومحافظات أخرى جنوبي البلاد، في "ساحة العروض"، أكبر ميادين عدن، تحت مسمى "مليونية التمكين والثبات"، ورفعوا رايات الشطر الجنوبي لليمن سابقاً، ورايات الإمارات التي تدعم الانفصاليين. وأفاد سكان لـ"العربي الجديد" بأن التظاهرة جرت وسط إجراءات أمنية مشددة، وانتشار للمدرعات والعربات العسكرية الإماراتية، التي قدّمتها الأخيرة لأذرعها العسكرية والأمنية الانفصالية في عدن. وكان من المقرر أن يُقام المهرجان عصر أمس الخميس، إلا أن أسباباً غامضة دفعت المجلس إلى إقامته صباحاً. وظهر خلال التظاهرة مدير أمن عدن، المُقال من منصبه، شلال علي شايع، وقدم على ظهر مدرعة إلى وسط المتظاهرين.

وفي بيان بعد التظاهرة، دعا "المجلس الانتقالي"، التحالف إلى "تسليم إدارة الجنوب لأهله" وتمكينهم من إقامة دولتهم. وفي بيان صدر عن الفعالية، دعا المجلس، المجتمع الدولي والتحالف إلى "احترام إرادة شعب الجنوب في مطالبته بالاستقلال". وعبّر البيان عن تأييد الشعب الجنوبي لكل ما قامت به "المقاومة الجنوبية" في "حماية الشعب وبسط الأمن"، واعتبار ذلك "إجراء ضرورياً اقتضته الحاجة". وبحسب البيان، جدد الحاضرون تفويضهم لرئيس "المجلس الانتقالي" عيدروس الزبيدي "بمواصلة تحمّل المسؤولية التاريخية بالتفويض الممنوح له من الشعب لإقامة دولة الجنوب". كما شددوا على "ضرورة استكمال تطهير باقي المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين، إضافة إلى وادي حضرموت"، الخاضع لقوات الحكومة الشرعية.


في غضون ذلك، أعلنت الخارجية اليمنية، أمس الخميس، تعليق عمل مكتبها في عدن، على خلفية ما أسمته بـ"التمرد المسلح" الذي نفذه "الانتقالي". ووفق بيان للوزارة أوردته وكالة الأنباء الحكومية "سبأ"، بدأ تعليق العمل في مكتب الوزارة في عدن اعتباراً من يوم أمس، فيما سيستمر العمل فقط في القطاعات الخدمية التي تمس مباشرة مصالح المواطنين. ولفت إلى أن الوزارة ستعلن أيضاً عن أي إجراءات جديدة وفقاً للمستجدات.

وسبق ذلك القرار، قول وزير الخارجية اليمني السابق، عبد الملك المخلافي، المستشار السياسي للرئيس اليمني حالياً، إن اليمنيين فقدوا الثقة في التحالف، داعياً الشرعية والقوى السياسية معها إلى إجراء مراجعة عميقة. وقال المخلافي في تغريدات عبر "تويتر": "على التحالف العربي أن يدرك حجم ما حدث في عدن ومخاطره حتى وإن كانت بعض أطرافه مشاركة في ذلك"، في إشارة إلى الإمارات. وأضاف أن "أول ما يجب إدراكه أن اليمنيين فقدوا ثقتهم بالتحالف العربي الذي أيدوه وأعطوه مشروعية عززت المشروعية القانونية من السلطة الشرعية والمجتمع الدولي، ولا شك أنه سيكون لذلك عواقب يجب التفكير بها". وتابع المخلافي أن "على الشرعية بكل مؤسساتها وعلى القوى السياسية جميعا إجراء مراجعة عميقة وشاملة لكل ما حدث منذ انقلاب الحوثي والخروج برؤية جادة للإنقاذ"، واعتبر أنه ما لم يتم ذلك فإن "الأوضاع ستذهب إلى مزيد من التشظي وسيدفع الجميع الثمن شمالاً وجنوباً، فلا رابح من كل هذا التمزق وما يجري من تفتيت وتفجير الوطن".
ورأى أن الانقلاب الجديد في عدن "ليس إلا نسخة من الانقلاب الأول في صنعاء، وتحت ذات الدعاوى وبنفس الأساليب وإن استبدلت العنصرية السلالية بعنصرية جغرافية"، وأضاف "ما يقلقني هو هذا العجز الذي تعيشه الشرعية والحكومة والنواب والنخب في مواجهة ما يحدث". وقال إن "أحلام أجيال من اليمنيين وإنجازات جيل تكاد تنهار"، وإن "ما حدث هو انقلاب على ثورتي سبتمبر/أيلول 1962 (شمالاً) وأكتوبر/تشرين الأول 1963 (جنوبا) وتطلعاتهما"، كما أنه "محاولة ردة إلى الإمامة والسلطنات والاستعمار"، مضيفاً "على من خطط وعمل لذلك داخلياً وخارجياً أن يدرك حقيقتين، الأولى أنه أول من سيكتوي بنار ذلك، والثانية أن الأوطان والشعوب لا تموت".
وكانت الخارجية اليمنية حمّلت، في بيان، "المجلس الانتقالي" والإمارات مسؤولية الانقلاب على الشرعية في عدن. وطالبت أبوظبي بسحب ووقف دعمها العسكري لتلك "المجموعات المتمردة بشكل كامل وفوري".

المساهمون