وكان تم توقيع مجموعة من الاتفاقات بين مصر والسودان خلال زيارة السيسي إلى السودان، والتي انتهت إلى وقف التراشق الإعلامي والدبلوماسي بين الجانبين بشأن ملف المثلث الحدودي المتنازع عليه، واعتباره منطقة تكامل اقتصادي بين البلدين. وبحسب المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن التحركات والإجراءات المصرية غلب عليها طابع تغيير ديمغرافية المكان، وترسيخ وضع جديد، لافتة إلى أن السلطات المصرية ألغت تراخيص عدد من المحال التجارية المملوكة لسودانيين. وكشفت المصادر أن نهاية يونيو/حزيران الماضي شهدت زيارة وفد برلماني رفيع المستوى إلى منطقة حلايب، للقيام بجولة ميدانية هناك، بعد زيارة إلى ميناء سفاجا، لافتة إلى أن الزيارة لم تكن لتحدث في وقت سابق، إذ إنها تحمل طابع تأكيد من جانب المصريين على تبعية حلايب لهم.
من جهتها، قالت مصادر دبلوماسية سودانية إنه "من المؤسف ألا يحترم الجانب المصري اتفاقات موقعة بين دولتين، وليست بين أشخاص"، مضيفة أن اضطراب الأوضاع السياسية في السودان لا يعني أن يستغل الجانب المصري تلك الظروف للانقلاب على الاتفاقات، مشيرة إلى أن هناك تطورات جرت أخيراً توضح نوايا مصر الراسخة حيال ذلك الملف المعقد. وتابعت المصادر: "فوجئنا بتقديم محافظ البحر الأحمر المسؤول الإداري عن المثلث المتنازع عليه، اللواء أحمد عبد الله، أطروحة دكتوراه أمام أكاديمية ناصر العسكرية، طرح خلالها رؤية متعلقة بمنطقة حلايب وشلاتين تقوم على سيطرة مصر الكاملة على المنطقة، تحت عنوان التنمية الشاملة لحلايب وشلاتين وأثرها على الأمن القومي المصري". وأكد اللواء أحمد عبد الله، خلال مناقشة أطروحة الدكتوراه، في حضور عدد من وزراء الحكومة المصرية، أن هدف الأطروحة، التي أجازتها اللجنة المناقِشة بتقدير امتياز، هو العمل على تنمية منطقة الجنوب وخلْق مجتمعات عمرانية بحلايب وشلاتين، تأميناً للأمن القومي المصري على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي.
وشهدت قاعة المناقشة حضور وزير التعليم العالي الدكتور عادل عبد الغفار ووزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج نبيلة مكرم، ووزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور علي مصيلحي، ومحافظ جنوب سيناء وصهر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اللواء خالد فودة، ومحافظ القاهرة اللواء خالد عبدالعال، ومحافظ الجيزة اللواء أحمد راشد، والعديد من أهالي وشيوخ قبائل مدن حلايب وشلاتين. يأتي ذلك في وقت يدعم النظام المصري المجلس العسكري الانتقالي الذي يقوده عبد الفتاح البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي"، في مواجهة المعارضة والمحتجين الذين أطاحوا بالرئيس عمر البشير في ثورة شعبية، في وقت يسود الشارع السوداني غضب كبير تجاه الدولة المصرية والنظام الحاكم بسبب ممارساته وتدخله في الشأن السوداني.