ورغم إقرار المسؤولين العراقيين في بغداد، ومحافظتي الأنبار ونينوى غرب وشمالي البلاد، بوقوع عمليات تسلل بين فترة وأخرى لمسلحين من سورية إلى العراق بسبب الثغرات الموجودة على طول الحدود من بينها الأنفاق تحت الأرض، إلا أنهم أوضحوا في الوقت نفسه أن أعداد المتسللين ليست كبيرة جداً ولا تصل إلى ما تتحدث عنه التقارير الغربية.
ولعل محافظة الأنبار، صاحبة الحدود الأكبر مع الجانب السوري هي أكثر المدن العراقية المستهدفة من بقايا التنظيم، بحسب عضو المجلس المحلي فيها، فهد الراشد، الذي أكد أن "عناصر التنظيم الإرهابي موجودون حالياً في أكثر من منطقة حدودية مع سورية مثل الطبعات والحسينيات ووادي حوران".
وأضاف الراشد في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "القوات الأميركية انسحبت أخيراً من قضاء الرطبة التابع للأنبار والحدودي مع السعودية، ومعه الجهود التكتيكية التي كانت ضمن القوات، ما أثار القلق والريبة لدى قوات الشرطة المحلية منذ يومين".
وأكد أن "الأهالي في الرطبة عثروا خلال اليومين الماضيين على منشورات تهديد من (داعش) بأنه قادم إلى المنطقة، وتوعد بحسب المنشورات كل من لا يتعاون معه"، قبل أن يضيف "تواصلنا مع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، ونقلنا له تخوفنا الجاد من عودة (داعش)".
أما القائد بحشد "عشائر الأنبار" طارق العسل، فقد بيَّن أن "الحدود العراقية السورية، وحتى مع السعودية ما تزال مليئة بالثغرات التي تمكن الإرهابيين من العودة إلى العراق من جديد، ونسمع أخباراً من العسكريين على الحدود بأن عناصر تتسلل بعد اشتباك مع القوات العراقية، ويتم قتل عناصر من التنظيم الإرهابي، ولكن بطبيعة الحال الحدود ما تزال غير آمنة تماما".
وأكمل لـ"العربي الجديد"، أن "العمليات التي تجري الآن في صحراء الأنبار ونينوى، كان لا بد أن تؤجل، وأن يتم استثمار القوات العراقية بأن تتوجه إلى الحدود لمعالجة الثغرات التي يخترقها إرهابيو (داعش) ويدخلون إلى الصحارى العراقية من سورية، ومن ثم يتوجهون إلى المدن من أجل التخطيط لعمليات إرهابية".
إلى ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، يحيى رسول لـ"العربي الجديد"، إن "هناك من يتحدث عن تسلل ألف مقاتل من عناصر تنظيم (داعش) خلال الفترة الماضية إلى العراق، وهو ما يعني أن جيشاً كاملاً من الإرهابيين قد دخل البلاد، وهو قادر على إسقاط المدن، وهذا الحديث غير حقيقي وفيه مبالغة كبيرة"، مبيناً أن "قواتنا موجودة في صحراء تربط ثلاث محافظات عراقية هي الأنبار وصلاح الدين ونينوى، وقد دمرت مضافات (أكواخ للتخفي من الرصد الجوي) وقتلت أعداداً من الإرهابيين".
وأردف أن "هناك تسللاً لعناصر من (داعش) إلى العراق، ولكن ليس بالأعداد التي تعلن عنها تقارير أجنبية، لأن الحدود ممسوكة بقوة وقواتنا تواصل جهودها بشكل يومي، وحدودنا مع سورية مُراقبة بالطيران المسيَّر، وعناصر (داعش) حين يدخلون العراق فلا سبيل لديهم سوى المضافات والصحارى ونحن نتابعها مع طيران التحالف الدولي".
وأمس الأحد، أوردت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مسؤولين أمنيين قولهم إن عناصر "داعش" الفارين بعد الهزيمة التي تلقاها التنظيم في سورية يتسللون عبر الحدود العراقية، ويتوجهون لتنفيذ هجمات وسط وشمالي العراق. وأوضحت أن نحو ألف مقاتل تسللوا من سورية إلى العراق على امتداد الأشهر الثمانية الماضية، وأغلبهم بعد تهاوي التنظيم بسورية في مارس/آذار الماضي، بحسب تصريح للخبير الأمني، هشام الهاشمي، الذي يقدم المشورة للحكومة العراقية والمنظمات الإنسانية الأجنبية بالمنطقة.
ولفتت الصحيفة إلى أن عناصر "داعش" المتسللين، الذي يحمل أغلبهم الجنسية العراقية وتبعوا التنظيم الإرهابي إلى سورية، يعودون إلى بلدهم للانضمام إلى خلاياه التي يقيمها في المناطق القروية، مستغلين معرفتهم المسبقة بالأراضي هناك، بما في ذلك الأنفاق غير المعروفة وأماكن أخرى للاختباء.