حرب غزة بأهداف فضفاضة خدمة لحسابات نتنياهو

29 أكتوبر 2024
حرب غزة نتنياهو في القدس المحتلة، 27 أكتوبر 2024 (جيل كوهين ماغان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تغير الأهداف الإسرائيلية في حرب غزة: منذ بداية الحرب، لم تكن هناك أهداف واضحة، حيث تغيرت من استعادة "المختطفين" وإسقاط حكم حماس إلى تشغيل شركات أمنية، مما يعكس عدم وضوح الرؤية الإسرائيلية ويزيد من معاناة الفلسطينيين.

- الخلافات بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية: هناك تباين بين نتنياهو ووزير الأمن غالانت حول أهداف الحرب، حيث يسعى نتنياهو لتحقيق أهداف شخصية بينما يقترح غالانت تحديث الأهداف لتكون أكثر وضوحاً.

- نتنياهو والحرب كوسيلة لتحقيق الزعامة: يسعى نتنياهو لاستخدام الحرب لتعزيز مكانته كزعيم، مشبهاً نفسه بديفيد بن غوريون، مما يطيل أمد الحرب ويزيد من معاناة الفلسطينيين.

تغيرت أهداف الحرب المعلنة أكثر من مرة ولا مسار واضح لنهايتها

محللون فلسطينيون: حرب غزة مستمرة من أجل أغراض شخصية لنتنياهو

شلحت: الوضع سيستمر على ما هو عليه إلى موعد الانتخابات الأميركية

لا يظهر أن مسار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، المستمرة منذ 13 شهراً، ذات أهداف محددة وواضحة يمكن أن تؤدي إلى نهاية حرب غزة عبر الوصول إلى نتائجها المرجوة إسرائيلياً، والتي تبدو "عشوائية" في بعض تفاصيلها، إذ تغيرت الأهداف المعلنة أكثر من مرة. وفي البداية رفعت إسرائيل السقف باستعادة "المختطفين" وإسقاط حكم حركة حماس والقضاء على قدراتها العسكرية، ثم تراجع المطلوب إلى منع الحركة من العودة للحكم في غزة، ومنه إلى السعي لتشغيل شركات أمنية للسيطرة على القطاع وتوزيع المساعدات بعد فشل تجربتين لتعامل إسرائيلي مع عوائل وعشائر فلسطينية.

لا أهداف واضحة لإسرائيل من حرب غزة

هذا التغير والسلوك الإسرائيلي السياسي يدفع بمزيد من المعاناة للفلسطينيين الذين ينتظرون بفارغ الصبر نهاية حرب غزة وتوقف القتل. وحتى السلوك الميداني العملياتي الإسرائيلي يبدو من دون أهداف واضحة، باستثناء تدمير المزيد من المنازل والبنية التحتية وقتل الفلسطينيين جماعياً، وإشعارهم من خلال التهجير المتكرر بعدم الأمان نهائياً، وهو ما أظهرته العملية العسكرية الأخيرة في شمال القطاع، والتي لم ينتج منها إلا القتل والتدمير واعتقالات محدودة وتهجير جزء من السكان المتبقين في المنطقة منذ بداية الحرب.

أنطوان شلحت: المؤسسة العسكرية حالياً تتمسك بالحرب من باب غريزة الانتقام

وبينما يكرر رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن للحرب أهدافاً واضحة، سواء في غزة أو في لبنان، يقول خبراء ومحللون فلسطينيون إن حرب غزة مستمرة من أجل أغراض شخصية لنتنياهو الذي يريد أن يظهر بأنه "مجدد إسرائيل الثاني". وبالتزامن مع ذلك، اقترح وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت على نتنياهو تحديث أهداف الحرب التي "تُدار بدون بوصلة". وحدد غالانت، في مقترحه أربعة أهداف للحرب في غزة ولبنان وإيران والضفة الغربية، فيما أعرب مكتب نتنياهو عن دهشته جراء ذلك. وكشفت القناة 13 ليل الأحد الاثنين أن غالانت أرسل رسالة إلى نتنياهو وأعضاء المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، قال فيها إن "الحرب تُدار بدون بوصلة" وإنه يجب تحديث أهدافها. وأضافت القناة أن الرسالة أرسلت قبل وقت قصير من الهجوم الاسرائيلي على إيران، فجر السبت الماضي. كما أرسل غالانت نسخاً عن رسالته إلى رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، ورئيس جهاز الاستخبارات (الموساد) ديفيد برنيع، ورئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، ووزراء الكابينت.

عودة الخلافات بين نتنياهو وغالانت

ويقرأ الكاتب والخبير في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت السلوك الإسرائيلي في الحرب، وسلوك غالانت في رسالته على نحو عودة الخلافات بينه وبين نتنياهو. ويقول إن هناك خلافاً بين نتنياهو رئيس المؤسسة السياسية وغالانت رئيس المؤسسة الأمنية، وأساس الخلاف أن نتنياهو ما زال متمسكاً باستمرار الحرب، والمؤسسة الأمنية دائماً ما تقول، وبناء على تجارب سابقة، إن الحرب ليست غاية بل وسيلة من أجل تحقيق غاية بصلبها هدف سياسي. ويشير شلحت، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه في السابق عندما أظهرت المؤسسة السياسية في إسرائيل تقصيراً، أوقفت المؤسسة العسكرية الحرب، غير أنه يلفت إلى أن المؤسسة العسكرية حالياً تتمسك بالحرب من باب "غريزة الانتقام"، وذلك "لا يحجب حقيقة أن هناك خلافات في الرأي بين المؤسستين، فالأمنية تميل لغاية سياسية في الحرب يتم التوصل إليها وايقاف الحرب، ونتنياهو والمؤسسة السياسية يريدان الاستمرار في الحرب. ويدرك (نتنياهو) في قرارة نفسه أن وقف الحرب يعني محاسبته على المستوى الشعبي، ولجان التحقيق، وتعاد الأضواء إلى محاكمته التي تتم بشبهات جنائية والتي قد تؤدي لإدانته وسجنه".

إبراهيم المدهون: نتنياهو ينظر إلى الحرب على أنها فرصة ليصبح زعيماً لإسرائيل

ويقدر شلحت بأن "الوضع سيستمر على ما هو عليه إلى أن يأتي موعد الانتخابات الأميركية (في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل) وتظهر نتائجها، وعندها يمكن أن يكون هناك تحول سواء بغزة أو لبنان وإيران، وهذا ما يعتقده المحللون الإسرائيليون أيضاً، إلا إذا حدث في الميدان ما يغير هذا الانتظار". وينبه إلى أن نتنياهو لديه ائتلاف حكومي متماسك، ولديه دعم شبه مطلق من الولايات المتحدة، وأن هناك شبه إجماع عند الإسرائيليين حالياً على ضرورة انتظار نتائج الانتخابات والصراع بين الحزبين الحاكمين في الولايات المتحدة، معتبراً أنه يمكن أنّ ينشأ وضع غير الوضع الحالي رغم أن هناك أصواتا كثيرة باتت تقول إن حرب غزة استنفدت نفسها.
نتنياهو يريد الهروب من المساءلة.

من ناحيته، يلفت الكاتب والمحلل الفلسطيني إبراهيم المدهون إلى أن "الاحتلال ليس لديه أهداف واضحة، لا لدى المؤسسة الإسرائيلية السياسية ولا الأمنية والعسكرية"، لكنه يشير إلى أهداف لدى نتنياهو وبعض الجنرالات، فنتنياهو يريد الهروب من أي استحقاق لوقف حرب غزة ومن أي مساءلة قانونية وأمنية وعسكرية للإخفاق في عملية "طوفان الأقصى"، ويشاركه في هذا جنرالات الاحتلال العسكريون والأمنيون، لذلك يهربون من خلال إطالة أمد الحرب. ويوضح المدهون، لـ"العربي الجديد"، أن نتنياهو ينظر إلى الحرب على أنها فرصة ليصبح زعيماً لإسرائيل يوازي ديفيد بن غوريون، ولديه هاجس يريد أن يكون مُجدد إسرائيل الثاني أو ملكها، ولذلك أطلق على هذه الحرب اسم "حرب الاستقلال الثانية"، وهو يسعى كذلك لسيادة إسرائيلية على الشرق الأوسط وإذعان قواه للإسرائيليين على اعتبار أن إسرائيل سيدة المنطقة.

ويشير إلى أنه "لا يوجد رؤية متماسكة بين المؤسسات والشخصيات التي تقود الحرب والجميع يحتاج هذه الحرب، ولا أحد يستطيع اتخاذ قرار بمنأى عن نتنياهو لوقفها". وعن موقف غالانت ورسالته، يقول المدهون: "يبدو أنه يُحب أن يزاحم نتنياهو رغم إثبات أنه غير قادر على مزاحمته، بل بالعكس بتصدير نتنياهو جدعون ساعر أفشل أي تمرد لغالانت. نتنياهو يقود معسكر التطرف واليمين في إسرائيل". ويبين المدهون أن هدف إعادة الإسرائيليين في غزة أيضاً جرى التعامل معه بتضليل من نتنياهو وخداع واضح، حيث منذ البداية اعتبر أن الأسرى لدى المقاومة ثمن من ضمن أثمان حرب غزة المدفوعة مسبقاً، إضافة لفشله في الحسم العسكري في وقت قصير. وينبه إلى أن إطالة أمد حرب غزة جلبت الكوارث على الشعب الفلسطيني، لكنها وضعت الاحتلال أمام كثير من التساؤلات عن محاولاته قيادة المنطقة، وسيكون لها ارتدادات كبيرة في حال استمرار فشل الاحتلال في فرض معادلاته.