تونس: بورصة المرشحين للانتخابات الرئاسية تنتظر مفاجأة اللحظة الأخيرة

29 مايو 2019
أعلن القروي رسمياً ترشحه للانتخابات الرسمية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يُنتظر أن تنطلق الحملات الانتخابية التونسية، غير الرسمية، مبكراً هذا العام، وقد تشهد نهاية شهر رمضان نقطة انطلاقتها الحقيقية، مع انتهاء المواسم الدراسية وفراغ التونسيين من رمضان وعيد الفطر ودخول الصيف رسمياً. وفي وقت اختارت أغلبية الأسماء الكبيرة المتوقع ترشحها الاحتفاظ بقرارها إلى آخر وقت، فإن بعض الشخصيات الأخرى بدأت تعلن نواياها الحقيقية تجاه هذا الاستحقاق. وأعلن صاحب قناة "نسمة" الخاصة، نبيل القروي، ترشّحه بصفة رسمية للانتخابات الرئاسية، قائلاً في حوار على قناته: "أنا منذ 3 سنوات قررت أن أخرج لإعانة الناس وتجوّلت في تونس من قرية إلى قرية ومن جبل إلى جبل ومن بحر إلى بحر، واقتربت من الناس وعشت مآسيهم ومشاكلهم وأحب أن أساعدهم". واعتبر القروي أن لعمل الجمعيات حدوداً مهما كان حجمه، مشيراً إلى أنه يريد اليوم خدمة التونسيين من قصر الرئاسة، معبّراً عن أمله في حدوث ما وصفها ثورة الصندوق لانتخاب بديل جديد يحقق آمال التونسيين.

وانتظر كثيرون منذ مدة أن يعلن القروي هذا القرار، واتهمه البعض باستغلال قناته التلفزيونية والجمعية الخيرية التي أسسها باسم نجله المتوفى في حادث مرور، جمعية خليل تونس، لإطلاق حملة انتخابية في المناطق. وبقطع النظر عن هذه الاتهامات، فإن اسم القروي ظهر منذ أشهر في استطلاعات الرأي، وأظهر تقدّماً واضحاً في هذا الشأن، علاوة على أنه لم يكن أبداً بعيداً عن الشأن السياسي، وكان له دور بارز في دعم حزب "نداء تونس" الذي كان أحد قادته، بالإضافة إلى مساهمته الكبيرة في إنجاح ترشح الباجي قائد السبسي في الانتخابات الماضية. وكان أيضاً من المساهمين في التقريب بين السبسي ورئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي، وأدى دوراً واضحاً في ما يعرف بلقاء باريس الذي جمع الرجلين في 15 أغسطس/آب 2013. وكانت للقروي أيضاً أدوار غير معلومة في الملف الليبي منذ سنوات، قبل أن ينسحب منه كما تبيّن في الفترة الأخيرة.
ودخل القروي في مواجهة مباشرة مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، منذ أن بدأ صراع الأخير مع السبسي، وأيضاً في خلاف مع الهيئة العليا للسمعي-البصري، أدى إلى إغلاق قناته منذ أسابيع قبل أن تعود للبث. ولكن الصراع لا يزال متواصلاً بين القروي وهذين الطرفين، وربما يتصاعد بعد إعلانه رسمياً الترشح للانتخابات.

وكان رئيس الحكومة الأسبق، حمادي الجبالي، أعلن منذ أسابيع أيضاً ترشحه رسمياً للرئاسية. وقال في تصريحات صحافية، إنه الأجدر بكسب أصوات حركة "النهضة" لكونه أحد قيادييها وأحد أبنائها، موضحاً أنه لن يقف عند هذا الحد وسيتوجه لكسب الفئات الأخرى من كل أطياف المجتمع التونسي، ومعتبراً أن دعم "النهضة" له كحزب يبقى من قراراته الداخلية. ورأى الجبالي أن الشاهد، بحكم موقعه السياسي، الأقرب لمنافسته، "ولذلك قد نجده في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية".


كما كان الوزير الأسبق محمد عبّو، القيادي السابق في حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" قبل أن يؤسس "التيار الديمقراطي"، أعلن بدوره ترشحه للرئاسة. وصوّت المشاركون في المؤتمر الثاني لحزب "التيار الديمقراطي" الذي عُقد في منطقة الحمامات منذ نحو شهرين، بالأغلبية على ترشيح محمد عبّو للانتخابات الرئاسية. وبذلك يكون عبّو رسمياً مرشح هذا الحزب، بعدما كان البعض يعتقد أن زوجته، النائبة سامية عبّو، قد تكون المرشحة بسبب تقدّمها أيضاً في استطلاعات الرأي.

وفي السياق، أكد أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيّد، أنه سيكون مرشحاً مستقلاً للانتخابات الرئاسية وسيعتمد على إمكانيات ذاتية، مع رفض أي دعم من أي جهة كانت "ولو بمليم واحد"، على حد تعبيره، مشدداً على أنه لن يكون مرشحاً لأي حزب. من جهته، قال رئيس مركز "دراسة الإسلام والديمقراطية"، رضوان المصمودي، القريب من حركة "النهضة"، إنه يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب ما اعتبره "وجود أزمة ثقة في البلاد بسبب الأحزاب والطبقة الحاكمة"، وفق قوله.

ولكن هذه الترشيحات، على اختلاف أهميتها من شخصية إلى أخرى، تبقى من الدرجة الثانوية، على الرغم من امتلاك بعضها حظوظاً حقيقية متفاوتة، ولكن الأسماء الثقيلة المتوقعة لم تعلن، حتى الآن، نواياها، فيما تزيد بعض التصريحات من حدة التشويق أو تلقي بغموض أكبر على دعم هذه الجهة أو تلك لبعض الشخصيات.

وقال المسؤول عن العلاقات الخارجية في حركة "النهضة"، رفيق عبد السلام، في تصريحات صحافية الأحد، إنه ليس من المستبعد ترشيح "النهضة" ليوسف الشاهد في الانتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن الحركة لا تزال تدرس خياراتها ولم تحسم قرارها بعد في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة نهاية العام الحالي. وأضاف: "لدينا خياران، إما أن يكون المرشح من داخل الحزب، وإما أن تختار النهضة شخصية توافقية تتوفر فيها شروط الكفاءة والاقتدار والشعبية، والأرجح أن نذهب إلى الخيار التوافقي". ورداً على سؤال عما إذا كان يمكن أن يكون الشاهد "العصفور النادر" الذي تحدث عنه الغنوشي مرشحاً للانتخابات الرئاسية، أجاب عبد السلام: "نعم يمكن أن يكون مرشح النهضة للرئاسيات ضمن أسماء أخرى ما زالت موضع تقدير".

ورداً على قول رئيس الحكومة الأسبق المستقيل من "النهضة" حمادي الجبالي، إنه "الأجدر بكسب أصوات أنصار النهضة في الانتخابات باعتباره أحد أبنائها"، رد عبد السلام بأن ذلك أمر مستبعد "لأنه إذا رشحنا الجبالي باعتباره شخصية توافقية مستقلة، فكأننا رشحنا أحد قادتنا الحاليين، وبالتالي الأوْلى هنا أن تختار النهضة مرشحاً من داخلها"، على حد قوله.

وفيما تتحفّظ "النهضة" على موقفها الرسمي من الانتخابات الرئاسية، لأنها لم تتدارسه حتى الآن، تلقي الحركة بكل التشويق على العملية الرئاسية. وقال رئيسها راشد الغنوشي، في حوار في فرنسا أخيراً، إن الحركة "تبحث عن عصفور نادر توافقي، وهو غير واضح في المشهد إلى حد الآن"، وهو ما يعني من جهة أن الغنوشي بدأ يستبعد ترشحه الشخصي، ولكنه يؤكد من جهة أخرى أن الشاهد ليس هو هذا العصفور النادر الذي تحدث عنه لعدم وجود توافق واسع حوله. ولم تتوصل "النهضة" إلى قرار بهذا الشأن حتى الآن، فيما تتواصل النقاشات بين قيادييها وقواعدها بهذا الخصوص، مع وجود نوع من التردد الواضح، سببه الحسابات الدقيقة التي تحكم هذه الانتخابات وتداعياتها الكبيرة على مستقبل الحركة في حالتَي الفوز أو الخسارة.