خيارات الهيئة الرئاسية في الجزائر: المعارضة تتوجه إلى زروال وحمروش

26 مارس 2019
حظوظ المعارضة ضعيفة لإقناع الإبراهيمي المشاركة بالهيئة (العربي الجديد)
+ الخط -
تجري قوى سياسية معارضة اتصالات مع شخصيتين بارزتين لترؤس الهيئة الرئاسية، التي تقترح المعارضة تأليفها بعد نهاية الولاية الرئاسية الحالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 27 إبريل/ نيسان المقبل، هما الرئيس الجزائري السابق ليامين زروال، ورئيس حكومة الإصلاحات في تسعينيات القرن الماضي مولود حمروش. لكن حمروش استبق مساعي المعارضة بإعلان رفضه أداء أي دور في المرحلة الانتقالية، لكنه قد يغير رأيه عند الاجتماع مع مسؤولين في المعارضة. وقال حمروش في بيان: "لن أكون مرشحاً لأي مرحلة انتقالية أو أي انتخابات مستقبلية، بغض النظر عن طبيعتها وموعدها النهائي وظروفها، وسأعبر عن رأيي كلما شعرت بأن وجهة نظري يمكن أن تُنير الرأي العام أو تنبه إخواني المواطنين". ورداً على تصريحات لفاعلين سياسيين ومواقع إخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي، ومقالات صحافية، "التي تعرض من وقت إلى آخر أسماء لمرشحين محتملين للانتخابات المحتملة أو لفترة انتقالية، أودّ أن ألفت انتباه الرأي العام ونشطاء هذه الشبكات الاجتماعية ومحرري المواقع الإخبارية، أنني لست مرشحاً بأي حال من الأحوال".

وكانت قوى المعارضة السياسية قد اتفقت في اجتماعها السبت الماضي على "خطة مرحلة انتقالية قصيرة، لا تتعدى ستة أشهر، يتم خلالها نقل صلاحيات الرئيس المنتهية عهدته إلى هيئة رئاسية تضم شخصيات مشهوداً لها بالمصداقية والنزاهة والكفاءة، وتتبنى مطالب الشعب ويلتزم أعضاؤها بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية. وتتولى الهيئة صلاحيات الرئيس، وتقوم بتعيين حكومة كفاءات وطنية لتصريف الأعمال وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات، بما يضمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة". وكان موقف قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي طالب القوى السياسية في خطاب الأسبوع الماضي، بضرورة استعجال وضع خطة سياسية لحل الأزمة الراهنة، شجع نسبياً المعارضة على صياغة خطة انتقال سياسي وبدء تنفيذ خطواتها. وتبدو المعارضة حاسمة في فرض خيارها وآلية انتقال السلطة، واستعادة زمام المبادرة، مستندة إلى استمرار ضغط الشارع، وبدأت فعلياً وضع خطتها للانتقال السياسي موضع التنفيذ، والتجهيز مبكراً للأسماء والشخصيات التي يمكن أن تؤدي الدور الأبرز في انتقال سلس للسلطة، بعد نهاية عهدة بوتفليقة.

وتقوم شخصيات فاعلة في المعارضة السياسية بمساعٍ لإقناع زروال بالمشاركة وترؤس الهيئة الرئاسية، التي تتولى إدارة مرحلة انتقالية قصيرة الأمد لستة أشهر، خلفاً لبوتفليقة. ويرتقب أن يصل وفد من شخصيات المعارضة إلى مدينة باتنة شرقي الجزائر، مقر إقامة زروال، لبحث الموضوع معه ودعوته للمساهمة في حل الأزمة السياسية في البلاد. وتراهن المعارضة الجزائرية على زروال، وهو جنرال سابق في الجيش، سلّم السلطة إلى بوتفليقة في العام 1999، كشخصية سياسية وعسكرية تحظى باحترام سياسي وشعبي لافت، بسبب تعففه عن السلطة وعدم تمسكه بالحكم، ويمكن أن تكون محل ثقة الجيش وتطمئن المؤسسة العسكرية، بشأن الانتقال السلس للسلطة. وقاد زروال (77 عاماً)، الذي كان وزيراً للدفاع، الجزائر رئيساً للدولة بعد تعيينه من ندوة الوفاق الوطني التي عقدت نهاية العام 1994، حتى 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 1995، حين انتخب رسمياً رئيساً.



وكان زروال رفض، في انتخابات 2009 و2014 وإبريل المقبل قبل أن يتم إلغاؤها، عرضاً من شخصيات مدنية وأحزاب سياسية ومنظمات ثورية، للترشح للرئاسة، بداعي أنه أنهى واجبه الوطني. وقال لوفد شعبي، زاره في بيته في 22 فبراير/شباط الماضي، في خضم الحراك الشعبي، إنه التحق بثورة التحرير منذ عمر الـ 18، وأن سنّه لا تسمح له بأداء دور سياسي، داعياً إلى إفساح المجال للشباب. وقد يواجه زروال تحفظات قوى سياسية ومدنية أخرى، على خلفية أن فترة حكمه بين 1994 و1999 شهدت موجة عنف دامٍ، وبرزت خلالها عملية الإعدام خارج إطار القانون والاختطافات القسرية، وما أصبح يطلق عليها في الجزائر قضية المفقودين، إضافة إلى موافقته على الحل الأمني ورفضه مساعي المصالحة الوطنية التي كانت تدعو إليها قوى المعارضة منذ العام 1994. كما رفض مخرجات المصالحة لحل الأزمة الجزائرية ووقف العنف، التي انتهى إليها اجتماع مجموعة المعارضة في سانت إيجيديو في روما، التي كانت تضم أبرز الشخصيات الجزائرية، كالرئيس الأسبق أحمد بن بلة والقيادي في ثورة التحرير حسين آيت أحمد، والزعيمة اليسارية لويزة حنون وشخصيات أخرى، وكان مسؤولاً عن حملة دعاية رسمية وصفت هؤلاء "بالخيانة العظمى" بسبب اجتماعهم خارج الجزائر.

ويبرز بديلاً ثانياً بالنسبة للمعارضة في حال رفض زروال ترؤس الهيئة الرئاسية، رئيس حكومة الإصلاحات في تسعينيات القرن الماضي مولود حمروش (75 عاماً)، الذي قرر التراجع عن ترشحه في انتخابات 1999، برفقة خمسة مرشحين، بسبب ما اعتبر تزويراً للانتخابات لصالح مرشح السلطة عبد العزيز بوتفليقة. ويحظى حمروش بتقدير سياسي لافت من قوى المعارضة، التي تتخوف في الوقت ذاته من موقف المؤسسة العسكرية من حمروش، لكونه ظل على خلاف مع الجيش وجهاز الاستخبارات خلال توليه رئاسة الحكومة بين 1990 و1991. وكان حمروش أول رئيس حكومة قام بسلسلة إصلاحات استهدفت تقليص هيمنة الجيش وجهاز الاستخبارات على إدارة الشأن العام في البلاد، واستبعد أعوان الاستخبارات من المكاتب المخصصة لهم داخل الوزارات والمؤسسات الحيوية والإدارات الرسمية، وأول من أخضع موازنة الجيش للرقابة والنقاش العام في البرلمان. لكن حمروش في المقابل، بقي في غالبية تصريحاته وتصوراته السياسية متمسكاً بمسألة ضرورة موافقة الجيش على أي شخص يعتلي سدّة الحكم، بسبب حيوية دور الجيش ومركزيته في القرار السياسي في الجزائر.

ويطرح بدرجة أقل لعضوية الهيئة الرئاسية اسم وزير الخارجية الأسبق، والمرشح الرئاسي عام 1999 أحمد طالب الإبراهيمي. لكن حظوظ المعارضة ضئيلة لإقناعه بالمشاركة في عضوية الهيئة الرئاسية، بسبب وضعه الصحّي. وتطرح في السياق أسماء مجموعة من الشخصيات، التي يجري التشاور معها للمشاركة في الهيئة الرئاسية، بينها وزير الاتصال الأسبق وعضو تكتل المعارضة عبد العزيز رحابي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، إضافة إلى رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور. لكن غالبية قوى المعارضة في الجزائر تعتبر أن بن بيتور يعتبر الحل المثالي لقيادة حكومة انتقالية تشرف على ترتيب الانتخابات الرئاسية والنيابية المقبلة والمرافقة اللوجستية للمرحلة الانتقالية، وكذلك التكفل بالملفات الاجتماعية والاقتصادية.